كريتر نت .. صحف
تصدرت مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بزعم ارتكاب جرائم حرب، عناوين الصحف العالمية التي وصفت الخطوة بـ”الرمزية للغاية، لكنها تتضمن وزناً أخلاقياً”، وسط مخاوف من تداعيات القرار على مستقبل الحرب في أوكرانيا.
كما تناولت الصحف أيضاً تداعيات القرار على علاقات روسيا الأكثر أهمية مع دول حليفة.
وفي فرنسا، سلطت أبرز الصحف الصادرة صباح السبت، الضوء على تواصل الغضب السياسي والمجتمعي لليوم الثاني على التوالي، جراء فرض الحكومة قرار رفع سن التقاعد بـ”القوة”، الأمر الذي تسبب في اقتراح لحجب الثقة عن الحكومة، واحتجاجات عارمة في الشوارع.
مذكرة اعتقال بوتين بين “الرمزية” و”الأخلاقية”
تفاعلت أبرز الصحف مع مذكرة الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أمس الجمعة، وذلك في خطوة فاجأت العالم حول ما إذا كان للقرار “قيمة حقيقية” أم مجرد خطوة لرفع معنويات كييف، وسط مخاوف من تداعيات الأمر على مستقبل الحرب الأوكرانية.
وفي هذا الصدد، ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، أن المذكرة المفاجئة عمقت من عزلة الزعيم الروسي، و”اخترقت هالة الإفلات من العقاب التي أحاطت به منذ أن أمر قواته باجتياح أوكرانيا قبل عام”.
وأشارت إلى أنه بينما يعتبر القرار “رمزياً للغاية” إلا أن له “وزناً أخلاقياً”، وسابقة لم تحدث من قبل لأحد رؤساء الدول التي تتمتع بعضوية دائمة في مجلس الأمن الدولي. جاء ذلك بعدما اتهمت المحكمة الجنائية الدولية، ومقرها لاهاي، الزعيم الروسي بارتكاب “جرائم حرب”، وأصدرت مذكرة اعتقال بحقه أمس.
واستشهدت المحكمة بمسؤولية بوتين عن اختطاف وترحيل الأطفال الأوكرانيين، الذين تم إرسال الآلاف منهم إلى روسيا منذ الغزو. كما أصدرت المحكمة مذكرة بحق المفوضة الروسية لحقوق الأطفال، ماريا لفوفا بيلوفا، الوجه العام للبرنامج الذي يرعاه الكرملين والذي ينقل الأطفال من أوكرانيا.
المذكرة المفاجئة عمقت من عزلة الزعيم الروسي، واخترقت هالة الإفلات من العقاب التي أحاطت به منذ أن أمر قواته باجتياح أوكرانيا قبل عام.
نيويورك تايمز
وقالت الصحيفة الأمريكية إن هناك احتمالاً ضئيلاً بأن يحاكم بوتين في قاعة المحكمة في أي وقت قريب، موضحة أنها لا يمكنها محاكمة المتهمين غيابياً، بينما رفضت روسيا – وهي ليست طرفاً في المحكمة – المذكرتين ووصفتهما بأنهما “بلا معنى”.
وتابعت نيويورك تايمز، أنه من الناحية العملية، يمكن أن تقيد المذكرة رحلات بوتين، لأنه قد يواجه الاعتقال في أي من الدول الـ 123 التي وقعت على بنود المحكمة الجنائية الدولية؛ وهي قائمة تشمل جميع الدول الأوروبية تقريبًا والعديد من الدول في أفريقيا وأمريكا اللاتينية، دون تواجد الصين أو الولايات المتحدة.
وأشاد نشطاء حقوق الإنسان والمسؤولون الأوكرانيون، وفقاً للصحيفة، بالمذكرتين باعتبارهما دليلًا على أن بوتين ومساعديه لم يعد بإمكانهم التصرف مع الإفلات من العقاب في أوكرانيا. ونقلت الصحيفة عن محللين قولهم إن المذكرة “تجعل بوتين منبوذاً، كما أنه سيواجه خطر الاعتقال أينما ذهب.. هذا لا يزول أبدًا”.
في غضون ذلك، قالت الصحيفة إن الطبيعة العامة للمذكرة والنطاق الضيق لجرائم الحرب المزعومة أثارا تساؤلات بين الخبراء القانونيين، الذين أشاروا إلى أن المحكمة “كانت تحت ضغط شديد للعمل بسرعة ضد بوتين”.
هناك احتمال ضئيل بأن يحاكم بوتين في قاعة المحكمة في أي وقت قريب، ولا يمكنها محاكمة المتهمين غيابياً، بينما رفضت روسيا – وهي ليست طرفاً في المحكمة – المذكرتين ووصفتهما بأنهما “بلا معنى”.
بدورها، ناقشت صحيفة “الغارديان” البريطانية الموضوع من زاوية أخرى، وقالت إنه من المرجح أن يستخدم الكرملين مذكرة الاعتقال كدليل على رغبة الغرب في عزل بوتين بأي ثمن وقلب نظام الحكم، وأن القرار يبرهن العداء الغربي لروسيا.
وذكرت أنه بينما كان بوتين يعد جمهوره بالفعل لحرب طويلة، فإن مذكرة الاعتقال ستثير للمرة الأولى احتمالًا ملموسًا بأن قادة روسيا وغيرهم من المؤيدين البارزين للحرب قد يمثلون أمام العدالة في لاهاي إذا وجدوا أنفسهم قيد الاعتقال.
ونقلت الصحيفة عن فلادلين تاتارسكي، أحد أشهر المدونين العسكريين المؤثرين في روسيا، قوله: “يراهن الغرب على إحداث انشقاق داخل روسيا لإزاحة بوتين، لكننا مستعدون للذهاب على طول الطريق مع رئيسنا حتى النصر، مهما كان شكل ذلك، ومهما كانت التكاليف، لأنه لا يوجد الآن طريق للعودة”.
كما صرح فياتشيسلاف فولودين، رئيس مجلس الدوما الروسي وأحد الصقور البارزين: “لقد استنفدت واشنطن وبروكسل كل العقوبات المحتملة والأعمال غير الودية. لم ينجحا في تحطيمنا أو تدمير اقتصاد بلدنا”. وأضاف: “تفهم واشنطن وبروكسل الآن أنه إذا كان هناك بوتين، فهناك روسيا. لذا فهما يهاجمانه”. وشدد: “أي هجوم على الرئيس الروسي نعتبره عدواناً على بلدنا”.
لقد استنفدت واشنطن وبروكسل كل العقوبات المحتملة والأعمال غير الودية. لم ينجحا في تحطيمنا أو تدمير اقتصاد بلدنا.. أي هجوم على الرئيس بوتين نعتبره عدواناً على بلدنا”.
فياتشيسلاف فولودين، رئيس مجلس الدوما الروسي
وأشارت “الغارديان” إلى أنه منذ بداية الحرب، سعى الصقور الروس إلى الادعاء بأن بقاء البلاد يعتمد على “غزوها الشامل لأوكرانيا، حيث زعم بوتين دون دليل أن كييف كانت تخطط لشن هجوم على موسكو أولاً وأن حربها كانت هجومًا استباقيًا”.
واعتبرت أن قرار أمس سيؤكد الطبيعة الوجودية للصراع.
كيف يؤثر القرار على العلاقات الروسية؟
في سياق متصل، ذكرت مجلة “نيوزويك” الأمريكية، أنه بينما لا تؤدي مذكرة اعتقال الزعيم الروسي إلى ملاحقة قضائية فورية لجرائم الحرب، فإنها قد تهدد إحدى أهم علاقاته التي طورها بشكل منهجي خلال العام الماضي.
وقالت المجلة إنه بصرف النظر عن الأمور اللوجستية المعقدة وراء مذكرة الاعتقال، يأتي قرار المحكمة الجنائية الدولية قبل أيام من اجتماع حاسم بين الزعيم الروسي ونظيره الصيني، شي جينبينغ، حيث أعلنت وزارة الخارجية الصينية أن الأخير سيذهب إلى موسكو بعد غد، الاثنين، في زيارة دولة لمدة ثلاثة أيام.
وأضافت أنه بالرغم من أن الزيارة ستكون أول رحلة يقوم بها شي إلى روسيا منذ بدء الحرب في أوكرانيا، ويُنظر إليها على أنها مؤشر واضح على مدى قرب البلدين، إلا أن مذكرة الاعتقال ستلقي بظلالها على الاجتماعات وستجعل الزعيم الصيني تحت ضغط شديد.
ونقلت “نيوزويك” عن محللين قولهم إن القرار سيؤثر بالطبع على لقاء بوتين وشي المرتقب، مشيرين إلى أن الصين، العضو الدائم في مجلس الأمن الدولي، يجب أن تفكر في مصداقيتها ودورها في العالم، خاصة إذا كانت تفكر أيضًا في تقديم مساعدات فتاكة لروسيا.
الزيارة ستكون أول رحلة يقوم بها “شي” إلى روسيا منذ بدء الحرب في أوكرانيا، ويُنظر إليها على أنها مؤشر واضح على مدى قرب البلدين، إلا أن مذكرة الاعتقال ستلقي بظلالها على الاجتماعات وستجعل الزعيم الصيني تحت ضغط شديد.
نيوزويك
وحذرت الولايات المتحدة، التي تتدهور علاقاتها مع كل من بكين وموسكو، الصين بشأن اقتراح وقف إطلاق النار خلال زيارة شي لموسكو. كما حث الحلفاء الغربيون “شي” على التواصل مع الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، حيث يساورهم شكوك حول دوافع بكين في تعزيز علاقتها مع بوتين.
وصرح المحللون للمجلة بأنه حتى لو كان توقيت أمر الاعتقال والاجتماع مع شي مجرد مصادفة، فإن تصادم الحدثين يمكن أن “يجعل شي في الواقع يشعر بالتوتر لأنه يواجه ضغوطًا غربية متزايدة للتوقف عن دعم النظام الروسي”.
وأضافوا أنه من غير المحتمل أن يتناول شي مذكرة المحكمة الجنائية الدولية خلال رحلته إلى موسكو، قائلين إن ظروف زيارة الزعيم الصيني ستكون أقل من مثالية، مشيرين إلى أن القرار لن يعيق العلاقات بين الصين وروسيا.
من الصعب أن نتخيل أن هذا سيغير حسابات الرئيس شي في ما يتعلق بزيارته المقبلة إلى روسيا.
جوردان غانس مورس
كما نقلت المجلة عن جوردان غانس مورس، مدير هيئة التدريس في برنامج الدراسات الروسية والأوروبية الآسيوية وشرق أوروبا بجامعة نورث وسترن، قوله: “من الصعب أن نتخيل أن هذا سيغير حسابات الرئيس شي في ما يتعلق بزيارته المقبلة إلى روسيا”.
وأضاف مورس أنه حتى على المستوى الجيوسياسي، “من المحتمل أن يشعر شي بالأمان الكافي لدرجة أنه لا يشعر بالقلق بشكل خاص بشأن تجنبه من قبل الولايات المتحدة أو أوروبا”. وتابع: “ومع ذلك، يمكن أن تتغير هذه التصورات إذا أظهرت الصين المزيد من المشاركة العلنية في خطة سلام الحرب الأوكرانية الأسبوع المقبل”.
ووصفت الصين زيارة شي، وفقاً للمجلة، بأنها مهمة دبلوماسية شخصية للمساعدة في تحقيق السلام بين روسيا وأوكرانيا.
المسؤولون الغربيون ينظرون إلى الزيارة على أنها العلامة الأكثر وضوحًا حتى الآن على دعم الصين لبوتين، وأن شي مصمم بشكل متزايد على تحدي فكرة أي نظام عالمي تقوده واشنطن من خلال جذب البلدان الأخرى إلى فلك أوثق مع بلاده.
نيوزويك
وقالت نيوزويك إن المسؤولين الغربيين، في المقابل، ينظرون إلى الزيارة على أنها العلامة الأكثر وضوحًا حتى الآن على دعم الصين لبوتين، وأن شي مصمم بشكل متزايد على تحدي فكرة أي نظام عالمي تقوده واشنطن من خلال جذب البلدان الأخرى إلى فلك أوثق مع بلاده.
تواصل الغضب بفرنسا.. وأزمة ماكرون
تواصل الغضب في الوسط السياسي الفرنسي وشوارع البلاد لليوم الثاني على التوالي جراء خطة رفع سن التقاعد التي مررها الرئيس، إيمانويل ماكرون، دون تصويت داخل البرلمان يوم الخميس، مما أثار مخاوف حول مستقبل إحدى ديمقراطيات الاتحاد الأوروبي.
وفي هذا الإطار، ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، أنه بعد أن دفع ماكرون مشروع قانون التقاعد الذي لا يحظى بشعبية من خلال البرلمان دون تصويت، اندلعت التظاهرات حول التغييرات مرة أخرى، بما في ذلك مواجهة عنيفة في العاصمة، باريس، أمس.
وقالت الصحيفة إن أحزاب المعارضة قدمت اقتراحين لسحب الثقة من الحكومة الفرنسية بقيادة إليزابيث بورن، أمس، فضلاً عن تصعيد المواجهة بين الحكومة والمحتجين والنقابات العمالية التي تعهدت بمزيد من الإضرابات.
وأضافت “وول ستريت جورنال” أن باريس شهدت لليوم الثاني على التوالي تظاهرات حاشدة، حيث ردد المحتجون شعارات مثل “ماكرون، انتهيت.. الشباب في الشارع!”. وأشارت إلى أن الاحتجاجات تخللتها أعمال عنف من قبل المتظاهرين الذين أضرموا النيران في الشوارع، بينما ردت الشرطة بإطلاق الغاز المسيل للدموع.
ونقلت الصحيفة عن نائب يساري قوله إن ماكرون حقق “نصرًا باهظ الثمن، لا يزال يتسبب في ضرر ويسرع الأزمة بدلاً من إنهائها”، محذراً: “هذه أزمة اجتماعية تحولت إلى أزمة ديموقراطية”.
وقالت عدة جماعات معارضة إنها وافقت على دعم اقتراح واسع النطاق لحجب الثقة تقدمت به مجموعة صغيرة من المشرعين المستقلين.
ماكرون حقق نصرًا باهظ الثمن، لا يزال يتسبب في ضرر ويسرع الأزمة بدلاً من إنهائها.. هذه أزمة اجتماعية تحولت إلى أزمة ديمقراطية.
نائب يساري
وأوضحت الصحيفة أنه وفقًا لقواعد الدستور الفرنسي، سيصبح مشروع قانون التقاعد قانونًا ما لم ينجح اقتراح حجب الثقة عن الحكومة في الجمعية الوطنية (مجلس النواب). جاء ذلك بعدما استخدم ماكرون سلطات دستورية خاصة لرفع سن التقاعد إلى 64 عاماً بدلاً من 62، دون تصويت.
وقالت الصحيفة إن ماكرون يختبر حدود النظام السياسي الذي ورثه عن الأحزاب المؤسسة التي حكمت فرنسا في معظم تاريخها الحديث، بما في ذلك قدرته على تجاوز الهيئة التشريعية في أوقات الأزمات، مشيرة إلى أنه “يريد أن يكون غير مرن، بغض النظر عن التكلفة وغضب الشارع”.
ماكرون يختبر حدود النظام السياسي الذي ورثه عن الأحزاب المؤسسة التي حكمت فرنسا في معظم تاريخها الحديث، بما في ذلك قدرته على تجاوز الهيئة التشريعية في أوقات الأزمات.. يريد أن يكون غير مرن، بغض النظر عن التكلفة وغضب الشارع.
وول ستريت جورنال
وأضافت “وول ستريت جورنال”، أنه مع ذلك، تعرض هذا النظام لضغوط كبيرة في السنوات الأخيرة، حيث ينقسم الناخبون الفرنسيون الآن بين الوسطيين الذين ينجذبون نحو ماكرون، والآخرين الذين يدعمون أحزاب اليسار المتطرف واليمين المتطرف التي ترغب في إعادة كتابة دستور فرنسا