كريتر نت – متابعات
قرّر رئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان عبدالفتاح البرهان ونائبه في المجلس وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي”، تشكيل لجنة أمنية مشتركة من القوات النظامية والحركات المسلحة لمتابعة الأوضاع الأمنية في البلاد، بعد الملاسنات التي عززت مخاوف من اندلاع مواجهات مسلحة بين القوتين، فيما منعت السلطات في ولاية كسلا ورشة العدالة الانتقالية لدواعي أمنية.
ويرى مراقبون أن الاتفاق بين البرهان ودقلو يعتبر مؤشرا إيجابيا على طي صفحة الخلافات والمضي قدما نحو العملية السياسية الجارية في البلاد، مع تنفيذ الترتيبات الأخيرة بتشكيل “المجلس الأعلى للقوات المسلحة” وتسلم قوى مدنية انتقالية الحكم، وذلك بعد أسابيع من الحرب الكلامية بين قادة الجيش والدعم السريع بلغت حد تلويح البعض بالمواجهة المسلحة.
وعقد البرهان وحميدتي، ليل السبت، لقاءا في بيت الضيافة داخل مقر قيادة الجيش بالعاصمة الخرطوم.
وقال مجلس السيادة، في بيان إن “البرهان ودقلو تناولا خلال الاجتماع “سير العملية السياسية وضرورة المضي قدمًا في الترتيبات المتفق عليها”.
وأشار إلى أن “اللقاء استعرض الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد وقرّرا تكوين لجنة أمنية مشتركة من القوات النظامية وأجهزة الدولة ذات الصلة وحركات الكفاح المسلح (الموقعة على اتفاق سلام) لمتابعة الأوضاع الأمنية بالبلاد”، وفق المصدر نفسه.
وجرى اللقاء بعد ساعات من تأكيد الجيش في بيان التزامه بالعملية السياسية الجارية حاليًا، والتقيد الصارم بالاتفاق الإطاري الذي يفضي إلى توحيد المنظومة العسكرية وتشكيل حكومة مدنية.
وبدا البيان وكأنه جاء ردا على تصريحات أدلى بها حميدتي، الأسبوع الماضي، حيث قال إن خلافه ليس مع الجيش وإنما مع المتمسكين في السُّلطة الذين لا يرغبون في تسليمها إلى المدنيين، في إشارة واضحة إلى البرهان وقادة الجيش.
ومنذ الأسابيع الماضية نشبت حرب كلامية بين البرهان ومعاونيه العسكريين في مجلس السيادة من جهة، و”حميدتي” ونائبه من الجهة الأخرى، حول الموقف من “الاتفاق الإطاري” الموقع من قبل الرجلين في 5 ديسمبر الماضي، والذي نص على خروج العسكريين من السياسة وتكوين حكومة مدنية تتولى أمور البلاد.
ورغم أن “حميدتي” والتحالف المدني أعلنا أن الأطراف المدنية والعسكرية، وقعت اتفاقا حددت بموجبه أطراف العملية السلمية من المدنيين بمن أسمتهم “قوى الثورة وقوى الانتقال”، فإن البرهان دأب على المطالبة بما يسميه تحقيق أكبر وفاق مدني، وهو ما ترى فيه القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري محاولة لـ”إغراق” العملية السياسية بعناصر محسوبة على النظام الإسلامي وموالية للبرهان.
كما دأب البرهان ومساعداه الفريق شمس الدين كباشي، والفريق ياسر العطا عضوي مجلس السيادة، على المطالبة بدمج قوات الدعم السريع في الجيش كشرط للاستمرار في الاتفاق الإطاري، متجاهلين أن الاتفاق نفسه نص صراحة على دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة السودانية، وهو ما اعتبر على نطاق واسع محاولة من البرهان “التملص” عن تعهداته في الاتفاق الإطاري.
وصبت تصريحات كل من قائد الدعم السريع “حميدتي” ونائبه وشقيقه عبدالرحيم، زيتا على نار الحرب الكلامية بين الطرفين، حيث ذكر الأول أنه سيواصل في إنفاذ تعهداته بنقل السلطة للمدنيين، وأكد أن لا خلافات بين قواته والجيش، بل أن خلافاته مع من أطلق عليهم “المتشبثين بالسلطة” والذين طالبهم بتسليم السلطة فورا للمدنيين، فيما توعد نائبه بعدم السماح بقتل المتظاهرين السلميين بعد الآن، ومنع ووقف اعتقالات السياسيين.
وتزامن اتفاق البرهان وحميدتي مع منع لجنة أمن ولاية كسلا السبت، التئام ورشة العدالة الانتقالية للإقليم الشرقي المحدد اليوم الأحد، لدواعي أمنية.
وانطلقت السبت، ورش “العدالة الانتقالية ” بالإقليم الأوسط الذي يضم ولايات (الخرطوم، والجزيرة والنيل الأبيض) وإقليم كردفان الذي يضم ولايات (جنوب وغرب وشمال كردفان) ضمن ست ورش مخصصة لقضية العدالة الانتقالية ، تغطي أقاليم دارفور الكبرى والنيل الأزرق.
وتشارك الآلية الثلاثية مع التحالف المدني للعدالة الانتقالية المكون من “تحالف المجتمع المدني، والخبراء الوطنيين والموقعين على الاتفاق الإطاري” في تنظيم حوارات العدالة مع أصحاب المصلحة.
وقال مدير شرطة ولاية كسلا ومقرر لجنة الأمن سليمان عبدالوهاب في خطاب أرسله إلى مفوض العون الإنساني “تقرر عدم إقامة ورشة العدالة الانتقالية بمدينة كسلا في الفترة من 12 – 14 مارس الجاري نسبة للظروف الأمنية بالولاية”، وطالبه بتنفيذ الأمر.
وتعيش ولاية كسلا منذ العام 2019 استقطابا حادا وتأثرت بالصراعات القبلية التي اندلعت في شرق البلاد عقب التوقيع على اتفاق جوبا للسلام لتشهد هي الأخرى نزاعا خلف أعدادا من القتلى والجرحى وحرق عشرات المنازل في أوقات متفرقة خلال الثلاث أعوام الماضية.
وفي السابع من فبراير الماضي رفضت مجموعات شبابية موالية لناظر “الهدندوة” محمد الأمين ترك ورشة كانت تعتزم إقامتها منظمة “ماكس بلانك” في كسلا عن الحكم المحلي وصناعة الدستور وهددت بالاعتداء على المشاركين.
ويناهض ترك الاتفاق الإطاري الذي أبرمه الجيش مع القوى المؤيدة للديمقراطية في ديسمبر الماضي لنقل السلطة للمدنيين وإعادة تشكيل مؤسسات الحكم في فترة انتقالية مدتها عامين.
واعتبر عبدالرحمن سليمان الناشط الحقوقي بولاية كسلا أن قرار لجنة أمن الولاية الخاص بمنع ورشة العدالة الانتقالية يمثل تعديا علي حق التعبير وتكميم للأفواه لأسباب قال بأنها واهية، ورأى بأنها تمثل استهدافاً مع سبق والإصرار والترصد لحركة الفاعلين والناشطين السياسيين في الولاية.