كريتر نت – متابعات
تتجه منتجات النفط الروسية نحو مسارات جديدة مع اقتراب سريان الحظر الذي سيفرضه الاتحاد الأوروبي، وسط شكوك في قدرة القيود على قطع شريان العوائد التي ستجنيها موسكو من بيع الوقود بالنظر إلى قدرتها على تغطية الطلب في أسواق بدلية.
ورجح محللون أن تجد إمدادات الوقود الروسية مكانا لها في أسواق الشرق الأوسط وأفريقيا وأميركا اللاتينية، إلى جانب قارة آسيا، أكبر منطقة مستهلكة للوقود في العالم، مع لجوء بلدان أوروبا بشكل متزايد إلى الديزل السعودي والأميركي.
ويدخل الحظر الأوروبي على واردات الديزل الروسي ووقود الطائرات والمنتجات المكررة الأخرى حيز التنفيذ الأحد المقبل، والذي سيتزامن مع إعلان مجموعة السبع عن تسقيف أسعار المشتقات النفطية الروسية.
وتخطط المجموعة لفرض سقفين يمكن تطبيق أحدهما على المنتجات، التي لها علاوة على الخام مثل الديزل، وفيما يتعلق بالمنتجات المخفضة مثل زيت الوقود يستكشف الاتحاد الأوروبي وضع سقف قدره 45 دولارا للبرميل.
فيكتور كاتونا: مصر والجزائر وتركيا ستتحول مركزا لإعادة شحن الديزل الروسي
ولكن سيتم منح فترة سماح للسفن التي تحمل المنتجات المشتراة والمحملة قبل ذلك التاريخ، وتفريغها بحلول الأول من أبريل المقبل، بحسب وكالة بلومبرغ نقلا عن مسودّة لائحة وضعها الأوروبيون.
ورغم أن المستويات الدقيقة لسقوف الأسعار مازالت غير مؤكدة، فإن وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين قالت قبل أيام إن التسقيف “أكثر تعقيدا من سقف الأسعار الذي تم فرضه بالفعل في ديسمبر الماضي، على الخام الروسي المنقول عبر البحر”.
وتظهر البيانات أن واردات الاتحاد الأوروبي من الديزل الروسي لم تشهد انخفاضا منذ بداية الحرب في أوكرانيا، وأن موسكو لا تزال أكبر مورد للديزل في تحالف أوبك+، رغم قرب بدء الحظر على منتجاتها من النفط المكرر.
ويرى فيكتور كاتونا كبير محللي النفط بشركة كيبلر المختصة في التحليلات والبيانات أنه “بشكل عام، تظل روسيا أكبر مورد للديزل عند 550 ألف برميل يوميا. ومع ذلك، يتجه الوضع بالفعل نحو الانخفاض”.
ونقلت وكالة الأناضول عن كاتونا قوله إن “الصادرات الروسية تراجعت بواقع 170 ألف برميل يوميا على أساس شهري، رغم أن ديسمبر الماضي شهد أعلى مستوى استيراد من روسيا منذ مطلع 2020”.
وأرجع ذلك إلى “محاولات البعض الشراء من أجل التخزين، قبل بدء السريان الفعلي للعقوبات على منتجات النفط المكررة الروسية”.
وتشير بيانات كيبلر إلى أن واردات أوروبا من الديزل الروسي في ديسمبر الماضي بلغت أكثر من 719.4 ألف برميل يوميا، بينما تراجعت إلى نحو 542.1 ألف برميل في الأسابيع الثلاثة الأولى من يناير الجاري.
ويُقدر إجمالي صادرات الديزل الروسية إلى الاتحاد والنرويج وسويسرا والمملكة المتحدة بأكثر من 615.8 ألف برميل يوميا في يناير، وفقا لشركة فورتكسا التي تتعقب البيانات في الوقت الفعلي.
وعلى هذا النحو، أوضح ديفيد ويش كبير الاقتصاديين بشركة فورتكسا أن إجمالي واردات الديزل الأوروبية من روسيا “كان أعلى بكثير خلال الأشهر الأربعة الماضية عن المعتاد”.
وقال ويش “خلال تلك الفترة استوردت الدول الأوروبية نحو 400 ألف برميل يوميا من روسيا مقارنة بالفترة ذاتها من العامين الماضيين”.
وأضاف “يمكن القول إنه خلال الأشهر الأربعة الماضية اشترت أوروبا بالفعل براميل بديلة، بمعدل ثلثي احتياجاتها القياسية”.
وبرزت دول الشرق الأوسط والولايات المتحدة كأحد الإمدادات البديلة للديزل الروسي نظرا إلى أن أوروبا، التي تستورد نحو 2.5 مليون برميل يوميا، تحتاج إلى سد فجوة الإمدادات الروسية.
وأفادت بيانات فورتكسا في يناير الجاري بأن السعودية جاءت في المرتبة الثانية من حيث صادرات الديزل إلى أسواق أوروبا، بواقع 267 ألف برميل يوميا.
وفي مارس الماضي، بلغت صادرات السعودية اليومية من الديزل إلى أوروبا أكثر من 88.5 ألف برميل يوميا، مع الاستمرار في الطلب المتزايد منذ بدء الحرب في أوكرانيا.
أما شحنات الديزل الأميركية إلى أوروبا فبلغت نحو 156.7 ألف برميل يوميا هذا الشهر، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف مستوياتها في مارس الماضي.
ومع أن إمدادات الديزل الأميركية إلى أوروبا في أعلى مستوى لها منذ أكثر من عامين، لكن كاتونا يعتقد أن الاتجاه التصاعدي في حصول الأوروبيين على إمدادات الديزل السعودية “سيكون محدودا”.
وقال “تنتج السعودية ما بين 1.3 و1.4 مليون برميل يوميا من الديزل، لكن لديها ما يقرب من 600 ألف برميل يوميا موجهة إلى السوق المحلية، وتحتاج إلى موازنة التزاماتها الأوروبية والآسيوية”.
وأشار إلى أن الكويت “تتطلع إلى تشغيل مصفاة الزور بطاقة تبلغ 615 ألف برميل يوميا، على أن تركز على منتجات الديزل”.
والأسبوع الماضي، قالت مفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون الطاقة كادري سيمسون إن “سعي الكويت لزيادة صادرات الديزل إلى أوروبا بنحو 5 أضعاف بمثابة مثال على نجاح القارة في مساعيها لتنويع مصادر الوقود”.
ويبلغ إنتاج الديزل الأميركي حوالي 5 ملايين برميل يوميا، ويتراوح الطلب المحلي ما بين 3.8 إلى 4 ملايين برميل يوميا.
ويؤكد كاتونا أن “الولايات المتحدة لديها فائض بنحو مليون برميل يوميا من الديزل، وهي صادرات متوفرة تذهب إلى أميركا اللاتينية كالبرازيل والمكسيك لأنها أكبر المشترين”.
لكنه أشار إلى أن توجيه الصادرات الأميركية من الديزل إلى أوروبا سيعني أن مزيدا من الديزل الروسي سيتجه إلى أميركا اللاتينية.
ولفت في الوقت ذاته إلى أن دولا مثل مصر والجزائر وتركيا يمكن أن تصبح “مركز إعادة شحن” للديزل الروسي.
ويقول محللون في الصناعة إن ثمة ما يكفي من الديزل في الأسواق، ولكن إذا أرادت أوروبا تزويدها بشكل كامل، فهذا يعني ضرورة إعادة توجيه التدفقات الموجودة سابقا.
وأكدت مصادر مطلعة في القطاع أن الديزل الروسي تم بيعه مؤخرا بسعر يتراوح بين 115 و120 دولارا للبرميل.
ووفقا لبيانات أصدرتها أس آند بي غلوبال، المعروفة لدى المتداولين باسم “بلاتس”، استقر سعر الوقود إلى حد كبير فوق المئة دولار للبرميل لعدة أشهر حتى العاشر من يناير الجاري.
وبلغت العقود المستقبلية الأساسية للديزل، التي لا تشمل المعروض الروسي، نحو 125 دولارا للبرميل الخميس الماضي، وفقا لبيانات بورصة إنتركونتيننتال للعقود المستقبلية – أوروبا.
ولذا يتعين على الاتحاد الأوروبي، الذي يناقش مستوى الأسعار خلال الأيام المقبلة، التوصل إلى اتفاق بالإجماع من أجل تحديد سقف لشهر الوقود الروسي.
وستعمل الآلية عن طريق حظر شركات الاتحاد الأوروبي من تقديم التأمين أو الخدمات المالية لشحن الوقود الروسي ما لم يتم بيعه تحت مستوى سقف السعر.