كريتر نت – متابعات
حين يتعلق الأمر ببطولة العالم لكرة القدم تترسخ قاعدة مثالية لدى جل المنتخبات المشاركة ألا وهي الذهاب إلى أبعد الحدود في هذه المسابقة العالمية. وحين تنحصر المعادلة في تقييم الأداء وحظوظ أي من هذه المنتخبات في معانقة اللقب، فإن ذلك يبقي في دائرة الضوء تلك الأكثر حضورا وانسجاما وهو ما يتجسد لدى منتخبي المغرب والسنغال ممثلا العرب وأفريقيا المتبقين في قطر.
وقبل أربع سنوات بقيت قارة أفريقيا من دون ممثل لها في دور الـ16 لكأس العالم للمرة الأولى منذ إدخال هذا الدور في عام 1986، لكنّ ردة الفعل كانت لافتة في مونديال قطر هذه المرة. وشهد مونديال 2022 وصول فريقين من القارة السمراء إلى الأدوار الإقصائية للمرة الثانية فقط بعد الجزائر ونيجيريا في عام 2014. كما حطمت الدول الأفريقية رقما قياسيا بحصولها على 24 نقطة في دور المجموعات، محطمة أفضل ما حققته سابقا وهو 15 نقطة في عام 1998.
وتغلب المغرب على بلجيكا ثانية التصنيف الدولي وكندا في طريقه إلى صدارة المجموعة السادسة بمفاجأة مدوية، بينما عوّضت السنغال هزيمتها الافتتاحية أمام هولندا وحققت انتصارين صريحين على قطر والإكوادور. كذلك خسرت البرازيل بطلة العالم خمس مرات أمام منتخب أفريقي للمرة الأولى وذلك على يد الكاميرون 0 – 1 رغم هامشية النتيجة وخروج الكاميرونيين من الدور الأول.
وبالنسبة إلى المغرب، فسيكون أمام اختبار صعب بمواجهة إسبانيا الثلاثاء المقبل في أول ظهور لأسود الأطلس في الأدوار الإقصائية منذ 36 عاما. وسيحضر المغاربة بالآلاف مرة أخرى لتشجيع الدولة العربية الوحيدة المستمرة في كأس العالم بعد خروج السعودية وتونس وقطر المضيفة.
وقال مدرب المنتخب المغربي وليد الركراكي “نأمل أن نرفع راية كرة القدم الأفريقية عاليا”. وتابع “كثيرا ما يتم وصفنا بأننا دون المستوى، وأننا لسنا في مستوى الآخرين”. وأضاف “لكنني أعتقد أننا في كأس العالم أظهرنا أنه يمكننا منح أيّ فريق آخر اختبارا حقيقيا، سواء كانت منتخبات أوروبية أو من أميركا الجنوبية”. وأردف “آمل أن يعني هذا في المستقبل أننا سنرى المزيد من المنتخبات الأفريقية تؤدي أداء جيدا في كأس العالم ولِمَ لا أن يكون البطل أفريقيا؟”.
وستقام كأس العالم 2026 في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك وستشهد مشاركة عدد أكبر من الدول الأفريقية أكثر من أي وقت مضى، حيث من المقرر أن يرتفع عدد المنتخبات المشاركة في النسخة المقبلة من 32 إلى 48. وإذا لم يحدث ذلك هذا العام، ستتوقع أفريقيا وصول أول منتخب منها إلى نصف نهائي لكأس العالم عاجلا وليس آجلا.
وكانت السنغال هي الأقرب لتجاوز دور المجموعات في روسيا في 2018، لكنها أقصيت بسبب امتلاكها عدد بطاقات صفراء أكثر من اليابان بعد تعادلهما بالنقاط والأهداف. لكنهم أزالوا تلك الذكريات عندما قادهم خاليدو كوليبالي للفوز على الإكوادور، بعدما استلهموا من فوز المغرب على بلجيكا بحسب مدربهم أليو سيسيه.
وقال سيسيه “رأينا ما فعله المغرب. حقق فوزا جميلا على بلجيكا”، مضيفا “نعم، يمكن أن يكون مصدر إلهام لنا”. وحتى أنّ الفرق الأفريقية التي خرجت من دور المجموعات، تركت بصمتها على البطولة.
وحققت تونس فوزا تاريخيا على فرنسا حاملة اللقب 1 – 0، فيما أنهت الكاميرون سلسلة من ثماني هزائم متتالية في المونديال بتعادلها مع صربيا 3 – 3 في الجولة الثانية، قبل أن تحقق فوزها التاريخي على البرازيل 1 – 0.
ومعلوم أنّ العديد من اللاعبين الأفارقة أمسوا يلعبون دورا رياديا في الأندية الأوروبية الكبرى. حتى مع غياب محمد صلاح وساديو مانيه عن نهائيات كأس العالم، فإن مكاسب ما حققته الكرة الأفريقية واضحة للعيان. وفازت المنتخبات الأوروبية في كل من النسخ الأربع الماضية لكأس العالم ولم يصل أيّ فريق من خارج أوروبا أو أميركا الجنوبية إلى النهائي.
وشرح الركراكي “عليك أن تكون قويا في مباراتك الأولى ضد فريق أوروبي لأن الفرق الأوروبية هي عقدتنا عندما يتعلق الأمر بهذه الأحداث”. وتابع “لدينا لاعبون يلعبون لأندية أوروبية.. نحتاج إلى أن نأخذ عقلية أوروبا ونجعلها عقليتنا”. كان أقرب فريق أفريقي للوصول إلى نصف النهائي هو غانا في عام 2010، عندما أدت لمسة يد مقصودة من لويس سواريس وركلة جزاء أضاعها أسامواه جيان إلى خروج الغانيين بشكل مأسوي بركلات الترجيح من ربع نهائي مونديال جنوب أفريقيا.
ولم يستطع الغانيون الانتقام من تلك الخسارة المؤلمة الجمعة الماضية، حيث أهدر أندريه أيو ركلة جزاء وكأنّ التاريخ يعيد نفسه، لتتمكن أوروغواي بعدها من خطف الفوز 2 – 0. لكن غانا كانت على الأقل سعيدة بإقصاء أوروغواي وتأهل كوريا الجنوبية على حسابها بعد فوز الأخيرة على البرتغال 2 – 1 في مفاجأة أخرى. وقال لاعب الوسط دانيال أمارتي “بالنسبة إليّ، نعم (كان من الجيد إخراج أوروغواي)”.
وكانت أوروغواي في حاجة إلى هدف إضافي لتتأهل. ولا يزال أمام الكرة الأفريقية طريق طويلة لتجتازها، ولكن للمرة الثانية، يوجد في أفريقيا دولتان متفائلتان بالتقدم أكثر في مونديال قطر 2022 ولمَ لا تحقيق نتيجة تاريخية وغير مسبوقة!