كريتر نت – متابعات
رحّب جو بايدن حين كان يشغل منصب نائب الرئيس، وخلاله لقاء جمعه قبل أكثر من 10 سنين مع نظيره الصيني، آنذاك، شي جين بينغ، في أحد فنادق بكين، بالاتجاه الذي كانت تسلكه العلاقات بين واشنطن وبكين خلال العقود الثلاثة القادمة، على حد تعبيره.
كانت رحلة بايدن إلى الصين واستمرار تواصله مع شي لنحو 67 ساعة، ومن ثم دعوته له للقيام بجولة في الولايات المتحدة، جزءاً من إستراتيجية إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما.
بات بايدن وشي اليوم في سدّة الرئاسة، وهما يستعدان للاجتماع مجدداً، في إطار علاقات غير إيجابية، وفيما لا يبدي أيّ مسؤول سياسي أميركي تفاؤلًا بشأن شي الذي ضمن ولاية رئاسية ثالثة للتو.
سيعقد الرئيسان محادثات الاثنين على هامش قمة مجموعة العشرين في بالي في وقت يتصاعد فيه القلق الأميركي. فقد أصبحت الصين في عهد شي، على حد تعبير وزير الخارجية أنتوني بلينكن، “أكثر قمعاً في الداخل” و”أكثر عدوانيةً في الخارج” مع استحالة تهديد الصين بغزو تايوان أكثر جدية.
وسيكون هذا أول اجتماع حضوري بين رئيسي البلدين منذ محادثات الرئيس السابق دونالد ترامب مع شي في العام 2019. إلا أن شي وبايدن تحدثا عبر الهاتف أو الفيديو خمس مرات منذ وصول الأخير إلى البيت الأبيض في العام 2021.
المسؤولون والخبراء الأميركيون يقدّرون أن شي لا يرغب في أن يكون أكثر اعتدالا، نظرا إلى أن اللجنة المركزية الجديدة للحزب الشيوعي الصيني مؤلفة من متشددين.
وتقول يون صن المتخصّصة في الشؤون الصينية في مركز ستيمسون في واشنطن “كنا نعلم أن شي جين بينغ سيبقى في منصبه. لكنني أعتقد أن الناس ما زالوا مندهشين من أنه لم يترك مكانا لبعض خصومه السياسيين”.
وأوضحت أنه مع انتهاء مؤتمر الحزب، أصبح لدى شي الآن مساحة ومرونة أكبر للتركيز على مساعيه الدولية من أجل تقوية نفوذ الصين.
واعتبر كل من بايدن وترامب الصين المنافس الدولي الأكبر للولايات المتحدة. لكن فيما هاجم ترامب الصين في كل شيء من التجارة إلى كوفيد – 19، دعم بايدن المحادثات بشأن مجالات التعاون الضيقة.
وقال بايدن للصحافيين الأربعاء إنه سيتحدث إلى شي بشأن “الخطوط الحمراء” لكل بلد على أمل تجنّب صراع.
ومن بين الخطوط الحمر للصين، تايوان، الديمقراطية المتمتّعة بالحكم الذاتي والتي تقول بكين إنها جزء منها، حيث أجرت بكين تدريبات عُدّت تجربة لهجوم احتجاجا على زيارة رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي في أغسطس.
وقال بايدن في ثلاث مناسبات إن الولايات المتحدة ستدافع عسكريا عن تايوان إذا هاجمتها الصين، في ما بدا أن البيت الأبيض بدأ يتراجع عن إستراتيجية “الغموض الإستراتيجي” التي يتمسك بها منذ فترة طويلة.
في السر، رحّب بعض حلفاء الولايات المتحدة بالنهج الأكثر تشددا تجاه بكين، خصوصا في ما يتعلّق ببحر الصين الجنوبي حيث انتقلت واشنطن من الحياد إلى الدفاع عن مطالبات دول جنوب شرق آسيا العديدة.
ويقول دبلوماسي كبير مقيم في واشنطن من بلد آسيوي حليف للولايات المتحدة “هناك شعور منتشر على نطاق واسع بأن الولايات المتحدة قد فهمت أخيرا طبيعة التهديد”.
كما اتخذت واشنطن الخطوات الأولى مع حلفائها بشأن فكرة لم يكن من الممكن تصوّرها في السابق، بأن تصبح أقل اعتمادا اقتصاديا على الصين.
أما مات غودمان نائب الرئيس الأول للاقتصاد في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية فيقول إن “ما تقوم به الولايات المتحدة للابتعاد (عن الصين) على الأقل في مجال التكنولوجيا، قد يؤدي إلى تغيير الحسابات” الخاصة بالدول الآسيوية الأخرى.
وكان بايدن قد أعرب عن أمله في التعاون مع الصين، أكبر مصدر لانبعاث ثاني أكسيد الكربون، بشأن قضية تغير المناخ، فيما قال مسؤولون السبت إن بايدن سيضغط على شي بشأن كوريا الشمالية، الحليف الصيني الذي أطلق وابلا من الصواريخ في الأسابيع الأخيرة.
لكنّ يون تشك في التزام الصين، فشي يرى أن التعاون جزءٌ من صفقة، على حد وصفها، وتضيف “مع كون المنافسة النقطة الرئيسية لسياسة الولايات المتحدة تجاه الصين، فلم تتعاون الصين؟”.