د. عبدالعليم محمد باعباد
نظام السنة التحضيرية المقرر على طلاب كليتي الطب والهندسة بجامعة عدن نظام مُحبِط للطلاب، يغتال آمالهم، و يقتل طموحهم في الدراسة والتحصيل.
لن نخوض في مشروعية هذا القرار من الناحية القانونية و الإجرائية، فهذا يعرفه القانونيون؛ سواء الذين في الجامعة، أو في غيرها.
لكننا نرفع هذه القضية إلى قيادة جامعة عدن، وعمادة كليتي الطب والهندسة بوصفها مشكلة أرقت وتؤرق الطلاب الذين نالهم الضرر النفسي والمعنوي، واستهلكت جهودهم وجهود أسرهم ماديا ومعنويا.
معروف أن المتقدمين لكلية الطب أعداد كبيرة، و هي ناتجة عن زيادة عدد خريجي الثانوية العامة عاما تلو عام، وعن رغبة الكثيرين منهم في الالتحاق بهذه الكلية؛ لأن سوق العمل الخاص متاح للخريجين منها.
وصحيح أنه نتيجة لهذه الأعداد الكبيرة من المتقدمين لجأت جامعة عدن إلى إقرار السنة التحضيرية لتقليص العدد إلى النسبة المطلوبة للقبول والتدريس في الكلية ولكن:
المتقدمين يخضعون لاختبارات القبول المقررة في الكلية حسب قانون الجامعة، ولوائح الكلية، وليست هناك مشكلة في ذلك.
إنما المشكلة تكمن في خضوع الدارسين في السنة التحضيرية لشروط نجاح غير طبيعية، شروط تخضع للعدد المطلوب فقط، حتى وإن كان الطلاب قد حققوا نسبة جيد جدا في هذه السنة التحضيرية.
كما أن المشكلة الأخرى تتمثل في عدم قبول الطلاب الذين لم تتحقق فيهم شروط النجاح العالية في السنة التحضيرية لإعادة الدراسة في السنة التحضيرية القادمة، بل يعودون للتقدم من جديد في امتحانات القبول للسنة الجديدة، و هذه إشكالية أخرى، فعلاوة على التكاليف المادية، فإنها تأخذ من عمر الطلاب الكثير، وتشترط معايير نجاح فوق تلك المعايير المتعارف عليها أكاديميا؛ وذلك بحجة العدد المطلوب وهو قرابة مائتي طالب من بين مئات عديدة.
أما كان الأجدر بالجامعة أن تخطط للزيادة المعتبرة في عدد السكان وعدد المتقدمين، فتفتح قاعات جديدة، أو تضيف فترة مسائية أخرى، وتوفر مدرسين لهؤلاء الدارسين الناجحين في السنة التحضيرية بمعايير نجاح معقولة والمعروفة أكاديميا !
*أما كان الأجدر بالجامعة أن تستوعب هؤلاء المتقدمين، سيما وهم من الطلاب الأوائل في حياتهم الدراسية من الأساسية حتى الثانوية، وقد حققوا نسب نجاح تصل إلى الثمانينات أي معدل جيد جدا* !
هل يعقل أن يتم قتل طموح هؤلاء الشباب بهذه البساطة!
هل يعي المسؤلون في الجامعة والحكومة أن مثل هذه القرارات تجعل من الجيل الطامح في الدراسة والعمل، جيلا محبطا محطما ماديا ومعنويا، ينتهي ببعضهم المآل إلى المرض النفسي، أو القتل والانتحار، بينما كانوا يطمحون لنفع أنفسهم وأسرهم والمساهمة في علاج مجتمعهم.
هل يقدر المسؤلون عن مثل هذه القرارات المسؤلية حق قدرها، وهل يستشعرون معاناة الجيل المغلوب على أمره.
أين الشعور بالمسؤولية تجاه الجيل و أين التخطيط للمستقبل في أرقى مؤسسة علمية في البلد !
نتمنى أن يتم دراسة هذه المشكلة دراسة علمية موضوعية تأخذ بعين الاعتبار الزيادة المعتبرة في عدد السكان وكذا زيادة عدد المتقدمين للدراسة، ومن ثم التخطيط لرفع القدرة الاستيعابية للكلية؛ لحل مشلة تؤرق فلذات الأكباد جيل المستقبل، بدلا عن هذه القرارات غير المدروسة، التي تستند إلى ثقافة الندرة، لا إلى ثقافة الوفرة والاستيعاب .
أملنا كبير بتفهم قيادة الجامعة لهذه المشكلة وحلها، والله المستعان .