كريتر نت – متابعات
أكد متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي الثلاثاء أن بلاده “لن تتردد” في الدفاع عن مصالحها وعن شركائها في منطقة الشرق الأوسط، وذلك وسط تقارير عن “هجوم محتمل وشيك من إيران على منشآت طاقة في السعودية”.
ويرى مراقبون أن لهجة المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي بدت هادئة وأكثر واقعية، في تأكيد على أن المملكة تمتلك ثقلا على الصعيد الدولي، وأنها شريك إستراتيجي لبلاده في ضمان استقرار الشرق الأوسط.
وقال المتحدث “نحن قلقون من التهديدات، ونظل على اتصال مستمر مع السعوديين من خلال القنوات العسكرية والمخابراتية.. لن نتردد في التحرك دفاعا عن مصالحنا وشركائنا في المنطقة”.
وجاءت تلك التصريحات بعدما ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن السعودية تبادلت معلومات مخابراتية مع الولايات المتحدة تحذر من هجوم إيراني وشيك على أهداف في المملكة، نقلا عن مسؤولين أميركيين وسعوديين.
وبحسب الصحيفة، رفعت الرياض وواشنطن وعدد من دول المنطقة مستوى التأهب العسكري استجابة للتحذير الاستخباراتي، من دون الإفصاح عن المزيد من التفاصيل.
ونقلت الصحيفة الأميركية عن مسؤولين سعوديين قولهم إن “طهران تستعد لشن هجمات على كل من السعودية وأربيل في العراق، لصرف الانتباه عن الاحتجاجات المحلية في إيران”.
ويأتي التحذير السعودي من هجمات إيرانية بعد أكثر من شهر على استهداف إيران إقليم كردستان شمال العراق، حيث تتمركز القوات الأميركية، بعشرات الصواريخ الباليستية والطائرات من دون طيار. واستدعت الخارجية العراقية وقتها السفير الإيراني لدى بغداد، وسلمته مذكرة احتجاج شديدة اللهجة.
وتهدف الهجمات المخطط لها إلى نزع التركيز عن الاحتجاجات التي اجتاحت إيران في الأسابيع الأخيرة.
واندلعت احتجاجات بأنحاء إيران إثر وفاة الشابة مهسا أميني (22 عاما) بعد ثلاثة أيام على توقيفها لدى “شرطة الأخلاق” المعنية بمراقبة قواعد لباس النساء، ومنذ ذلك الحين، خرجت الآلاف من النساء إلى الطرق دون تغطية رؤوسهن أو وجوههن، متحديات الحكومة الإيرانية.
وتشهد إيران منذ ستة أسابيع احتجاجات غير مسبوقة منذ الثورة الإسلامية عام 1979، إثر وفاة مهسا أميني في سبتمبر.
وحذّرت السلطات المتظاهرين الأسبوع الماضي من أنّ الوقت قد حان لمغادرة الشوارع، لكن لم تظهر أيّ مؤشرات على تراجع الاحتجاجات التي تواصلت في مناطق سكنية وشوارع رئيسية وجامعات في جميع أنحاء البلاد.
وأوقف الآلاف من الأشخاص في مختلف أنحاء البلاد خلال حملة قمع الاحتجاجات، حسبما أفاد ناشطون حقوقيون، بينما أعلن القضاء الإيراني أنّ ألف شخص وُجّهت إليهم اتهامات بالفعل، بشأن صلتهم بما وصفه بـ”أعمال الشغب”.
وكان قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي قد وجه في العشرين من أكتوبر ما وصفه بأنه تحذير للسعودية والولايات المتحدة وإسرائيل من “التدخل” في شؤون إيران الداخلية والاحتجاجات الأخيرة.
وخلال مناورة عسكرية للقوة البرية التابعة للحرس الثوري في منطقة أرس الواقعة شمال محافظتي أذربيجان الشرقية وأردبيل، هدد سلامي السعودية بمواجهة العواقب في منتصف الشهر الماضي، وفقا لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إرنا”.
وفي المقابل، تتهم السعودية والولايات المتحدة إيران بالضلوع في استهداف منشآت نفطية سعودية عام 2019 بالصواريخ والطائرات المسيّرة، وهو ما نفته طهران.
ويأتي التهديد الإيراني الأخير للمملكة وسط توتر العلاقات بين إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن والرياض، بعد أن قرر تحالف أوبك+ الذي تقوده السعودية الشهر الماضي خفض إنتاج النفط، مما أثار مخاوف من ارتفاع أسعار البنزين في الولايات المتحدة.
وكان الرئيس بايدن أعلن الشهر الماضي أنه ينوي إعادة تقييم العلاقة مع السعودية، إلا أن التعاون العسكري بين البلدين لم يتأثر، إذ أجرت القوات السعودية والأميركية تدريبا مشتركا الأسبوع الماضي، كما استقبلت قاعدة الأمير سلطان الجوية مقاتلات أميركية قادمة من قاعدة شو الجوية بولاية كارولاينا الجنوبية.
وتقول الولايات المتحدة إن إيران تزود روسيا بطائرات مسيّرة لاستخدامها في حربها على أوكرانيا، مما دفع واشنطن إلى أن تنحي جانبا الجهود الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي الإيراني، الذي تخلى عنه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في 2018.
وكانت السعودية وإيران انخرطتا العام الماضي في مفاوضات لحل الخلافات بينهما بوساطة عراقية، إلا أنها لم تحرز أي تقدم ملموس.
وصرح رئيس الحكومة العراقية الجديد محمد شياع السوداني الثلاثاء بأن من مصلحة بلاده دعم استمرار سير المفاوضات بين البلدين في بغداد. وقال في مؤتمر صحافي “نريد تحقيق الاستقرار في المنطقة ونستمر بالمسارات السابقة في شأن المفاوضات الإيرانية – السعودية، وتلقينا إشارات إيجابية من جميع الأطراف”.
بينما ذكر وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في مقابلة الشهر الماضي أن الحوار مع إيران “لم يصل إلى نتائج ملموسة بعد”، مشيرا إلى أن بلاده تنظر في “جولة محادثات سادسة”.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني الأسبوع الماضي إن “الظروف مهيأة” لإجراء جولة جديدة من المفاوضات بين الرياض وطهران، مشيرا إلى أن “البلدين بإمكانهما التعاون في الكثير من المجالات في حال نجاح المفاوضات الثنائية”، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إرنا”.