كتب – جميل الصامت
في مثل هذا اليوم عام 2014م اصبحت صنعاء جمهورية بيد دولة وامست ملكية سلالة بقبضة مليشيات طائفية .
لم يكن احد يتصور ان الحمهورية تحمل في رحمها جينات سلالية ماتزال تحن لنظام كهنوتي متخلف .
كنا نتابع الاحداث لحظة بلحظة وكلنا قلق وتوتر من مآلات مايجري في ذلك اليوم الاسود بل الشديد القتامة على مستقبل اليمن .
في ذلك اليوم كانت مؤسسات الدولة ومعسكراتها تسلم عبر اتصال تلفوني لبضعة افراد يمتطون طقما او طقمين في احسن الاحوال ،لا تحمل حتى رشاشا واحدا على متنها .
العليمون ببواطن الامور ادركون ان النظام الجمهوري يتعرض لخيانة عظمي .
فاعتبروا ماجرى الانقلابا مكتملا للاركان قبل ان يستطير ويصبح نكبة العصر التي حلت باليمن .
ومنهم من وصف الحدث ب ايلول الاسود محاكاة لمذابح الفسطينين في الاردن في ايلول الاسود نهاية ستينات القرن الماضي .
ماحدث كان مروعا في ظل حالة تماهي من القيادات العسكرية المسطحة الوعي والمفقرة تاريخيا والمشحونة طائفيا .
افاق اليمنيون بعدها على وضع مغاير مؤسسات تتداعى ووضع يتهاوى تحت قبضة مليشيا غوغائية مسنودة بقيادات وجيش منقلب من الداخل وآخر يبحث له عن دور وثالث يتحسس الامر .
ضبابية المشهد ربما كان لدى غالبية النخب الاجتماعية وعموم الشعب في حالة تيه لايدر ماذا يحدث هناك .
وحدها مارب وتعز كانتا متيقضتان لما يجري بحكم تراكم الوعي والفاعلية السياسية ناهيك عن الحساسية التاريخية ،الامر الذي ادى الى هروب القوى السياسية اليها فيما بعد كحاضنتين للشرعية ورافعتين مهمتين للنظام الجمهوري .
ذكرى ايلول الاسود لن تغير من قتامته تلك المظاهر العابثة ب(التخضير) لكل ماتقع عليه العين ،ولن تغير منه استبدال اسرة آل الاحمر الدموية باسرة آل الاخضر السلالية .
ايلول الاسود تعبير دقيق لتوصيف الحالة التي وقعت تحتها اليمن ،لتنتقل اثرها مباشرة للمكوث تحت البند السابع ..؟!
ليس مجرد انقلاب يمكن التعامل معه لحين التفاهم على موعد لتسليم السلطة عبر انتخابات ماحدث نكبة اتت على الباد ونسفت كل قواعد الحكم المتعارف عليها بين الامم .
ولهذا استحقت التوصيف بنكبة سبتمبر الكبرى او كارثة ايلول الاسود .
عيال الاحمر سلمونا لعيال الاخضر ،وما تخارجنا من الحمر حتى تلقفونا الخضر بمسيرتهم الدموية كمايذهب اابعض .
الثابت انه لن يستطيع عيال الاخضر ان يخلقوا قواعد للتعايش مع بقية فئات الشعب اليمني ،كما لن تتقبلهم البلاد الارض والانسان حكاما ،لسبب بسبط انهم يعتمدون الابادة الجماعية للشعب طريقهم للحكم والسلالة عقيدة والتسلط حق الهي لايقبل النقاش حوله او المساومة .
تجربة عيال الاخضر في اليمن تستجر تاريخ دموي لاسلافها، لتعيد انتاجه في ظل ظروف وعصر مختلفين،وهي بالطبع لاعلاقة لها بتجربة حزب الله في لبنان الذي ولد من رحم مقاومة شعبية لاحتلال نتختلف او نتفق حول تفاصيلها فهي تخص بلدا مستقلا لا نتدخل فيه ،بقدر احترامنا له وبالمقابل نرفض تدخله في شئوننا .
كارثة ايلول الاسود ظلت تقتات على مصطلح العدوان لتضلل العوام وتغطي عدوانها الداخلي على الشعب والوطن بما جلبته عليهما من عدوان خارجي .
سكتت الة العدوان الخارجي فيما لاتزال الة القتل الداخلي تشتغل ..؟!
لايمكن لاي نكبة ان تتحول الى ثورة ،كما لايمكن لايلول الاسود ان يصبح مخضرا او مزهرا يوما .
دماء ومقابر وحرب طاحنة وانقسام وتشرد وتدمير لبني دولة الى مادون الصفر .
حالة تشظي لوطن يكاد يحتضر وهو في موت سريري ان لم يكن يحتضر بالفعل ،بفعل نكبة عيال الاخضر الذين صنعوا كارثة ايلول الاسود .
لم يبق امام اليمنين من خيار غير الخلاص من ايلول الاسود كمشروع حل بارض شب ابناءها عن التوق وكبروا على الوصاية والتدجين .
ولم يعد بوسعهم القبول بالكهنوت نظاما والعودة لزمن العبودية عقيدة .
فلا والف لا لايلول الاسود وتبا لصناعه وذكراه الاليمة .