تقرير : فؤاد مسعد
أنهى الدكتور/ رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي هذا الأسبوع جولة خارجية شملت عدة دول عربية، استهلها بدولة الكويت ثم مملكة البحرين وجمهورية مصر العربية ودولة قطر، والتقى خلالها بالقادة العرب وناقش معهم الأوضاع والتحديات الراهنة وفي مقدمتها الوضع في اليمن.
وركزت الجولة على العلاقات الثنائية مع تلك الدول، ومستجدات الوضع اليمني، وسبل حشد الدعم للإصلاحات الجارية في اليمن، وتعد هذه الجولة الثانية الخارجية للرئيس اليمني، حيث كانت الجولة قد شملت المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.
وحظيت الزيارة الرئاسية الخارجية بالتفاعل والتأييد العربي الواسع ما يؤكد نجاح السندباد اليماني في جولته التي تأتي بعد نحو شهرين على تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الذي حظي بدعم وإسناد إقليمي ودولي.
والتقى الرئيس اليمني مع قادة الدول الشقيقة لبحث أولويات الدعم المطلوب للاقتصاد الوطني، وجهود استعادة الدولة، وإحلال السلام والاستقرار في اليمن، وحسب مصادر إعلامية برئاسة الجمهورية فإن الجولة الرئاسية الجديدة، تأتي في إطار التشاور مع الأشقاء بدول مجلس التعاون حول التحديات الأمنية المشتركة، ومستجدات الجهود الخليجية والأممية والدولية لإحلال السلام في اليمن.
*الكويت أولا*
لم يكن مستغربا أن تبدأ الجولة الرئاسية بدولة الكويت الشقيقة، فهي الدولة التي ظلت حاضرة وبقوة في مضمار الدعم المستمر لليمن منذ عقود طويلة، وهي بالنسبة لليمنيين تعتبر رائدة العمل الإنساني والخيري والتنموي، حيث لا يزال دعمها وحضورها الأخوي يحتل مساحات واسعة في مختلف المحافظات اليمنية شمالاً وجنوباً، وفي معظم المحافظات يجد اليمنيون بصمات العمل الإنساني الكويتي عبر مدرسة أو مستشفى أو جامعة أو مشروع خدمي، وكل ذلك يجعل للكويت مكانة سامية في قلوب اليمنيين.
وفي مستهل زيارته عقد الرئيس الدكتور رشاد العليمي، مع رئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، جلسة مباحثات رسمية تناولت العلاقات الثنائية بين البلدين، والتدخلات الكويتية المطلوبة في مختلف القطاعات الخدمية والاقتصادية.
وخلال المباحثات الرسمية الموسعة جدد الرئيس العليمي شكره وامتنانه والشعب اليمني للكويت حكومة وشعبا على ما قدموه من دعم مشهود في مختلف المجالات.
وقال رئيس مجلس القيادة الرئاسي ان المدارس والمستشفيات، والجامعات ومخيمات الايواء، ومشاريع المياه، والزراعة وغيرها الكثير، تتحدث عن امثلة للشواهد العظيمة التي خلدت الكويت في ذاكرة وقلوب اليمنيين.
اضاف: “وعندما تعرض اليمن ارضا وهوية كانت الكويت السند المخلص والفاعل في تحالف دعم الشرعية بقيادة الاشقاء في المملكة العربية السعودية والامارات”.
واشار الى ان الكويت كانت سباقة في الجهود الرامية لإحلال السلام في اليمن، عندما استضافت واحدة من اطول واعمق جولات المفاوضات التي كانت قاب قوسين من التوصل الى اتفاق، لولا تعنت المليشيا الحوثية.
واكد الرئيس اليمني حرص مجلس القيادة الرئاسي على إحداث الاصلاحات المشمولة بتعهداته العاجلة، بدءا بتنفيذ المصفوفة الحكومية لتحسين الخدمات، وتشكيل اللجنة الامنية والعسكرية المشتركة، وتسلم مسودة القواعد المنظمة لعمل المجلس والهيئات الداعمة له.
وقال ان مجلس القيادة على عهده في العمل من اجل استعادة الدولة وتحقيق السلام الذي يحقق لليمنيين دولة القانون والمواطنة المتساوية، مع ما يتطلبه ذلك من ضغوط دولية على المليشيا الانقلابية للقبول بهذا المسار وفقا للمرجعيات الوطنية والاقليمية والدولية.
وثمنت مصادر رئاسية يمنية الدعم السخي لدولة الكويت ضمن تحالف دعم الشرعية، ووقوفها الثابت إلى جانب الشعب اليمني وقيادته السياسية في مختلف المراحل، وصولاً إلى دورها المتميز خلال سنوات الحرب التي أشعلتها الميليشيا الحوثية.
*البحرين: علاقات متميزة*
ثاني محطات الجولة الرئاسية اليمنية كانت مملكة البحرين الشقيقة، حيث التقى رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، وأشاد الرئيس العليمي بالعلاقات المتميزة مع مملكة البحرين، مؤكدا اهمية تعزيزها وترسيخها لتحقيق الاهداف المنشودة، ومواجهة التحديات المشتركة.
وعرض الرئيس مستجدات الوضع اليمني، والصعوبات التي تواجه مجلس القيادة الرئاسي على مختلف الاصعدة، وخصوصا في الجوانب الاقتصادية والخدمية والأمنية، وقال انه ومجلس القيادة عازمون على تعزيز حضور السلطات والعمل من الداخل اليمني، وتطبيع الاوضاع بدعم سخي من تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة، مؤكداً التزام مجلس القيادة بخيار السلام وفقا للمرجعيات الوطنية والاقليمية والدولية، رغم امعان المليشيا الحوثية المدعومة من النظام الايراني في رفض كافة الجهود والمساعي الحميدة على هذا السياق، بما في ذلك مبادرة الاشقاء في المملكة العربية السعودية لإنهاء معاناة الشعب اليمني وإحلال السلام والاستقرار في البلاد.
واشاد الرئيس العليمي بالموقف البحريني المشرف الى جانب الشعب اليمني، ضمن تحالف دعم الشرعية، وفي الدفاع عن قضيته العادلة في المحافل الاقليمية والدولية.
من جانبه اعرب ملك البحرين عن اعتزازه باليمن وتاريخه العريق، وصموده الاسطوري في مواجهة المخاطر وافشال المخططات التآمرية والتخريبية، الرامية الى زعزعة استقرار وامن المنطقة، كما أعرب عن ثقته بمجلس القيادة الرئاسي، في تحقيق تطلعات الشعب اليمني وتضحياته من اجل السلام والاستقرار، واستعادة حضوره في الاسرة الاقليمية والدولية.
*مصر تجدد دعم وحدة اليمن واستقرارها*
قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إن مصر تدعم وحدة واستقرار اليمن لما يمثله من أهمية لها وللعالم العربي، مؤكداً على دعم مصر لجهود التوصل إلى حل سياسي عادل للأزمة اليمنية لتعزيز السلام والاستقرار وإنهاء معاناة الشعب اليمني.
وأضاف الرئيس السيسي، خلال مؤتمر صحافي مشترك بقصر الاتحادية، مع رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، إن مصر تدعم مجلس القيادة الرئاسي بالجمهورية اليمنية في جهوده للتوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية.
وأكد الرئيس المصري خلال المباحثات على موقف مصر الثابت، والمستند إلى العلاقات التاريخية الراسخة والمتشعبة، التي تربط بين الشعبين المصري واليمني، بدعم مصر للشعب اليمني الشقيق وللشرعية اليمنية، كما أكد الرئيس السيسي دعم مصر لكافة الجهود الهادفة إلى تحقيق السلام في اليمن وفقاً لمرجعيات الحوار الوطني اليمني والمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ونتائج المشاورات اليمنية الأخيرة في الرياض برعاية مجلس التعاون الخليجي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
ومن جهته أثنى الرئيس العليمي – في كلمته خلال المؤتمر الصحافي المشترك على جمهورية مصر التي كانت إلى جانب اليمنيين دائماً دفاعاً عن الجمهورية في شمال اليمن واستقلال جنوبه من الاستعمار، وكانت مصر الدولة التي ساهمت في النهضة وإعادة بناء مؤسسات الدولة عام 1962، في أعقاب ثورة سبتمبر ضد الحكم الإمامي الكهنوتي المتخلف، وهي الثورة التي حظيت بدعم مصري سخي حتى انتصرت الثورة والنظام الجمهوري.
وقال الرئيس العليمي إن مصر تقف معنا أيضاً في إطار التحالف الداعم للشرعية الدستورية بهدف استعادة الدولة وإسقاط الانقلاب المدعوم من إيران، كما تحتضن مئات الآلاف من أبنائنا الذين تقطعت بهم سبل العيش في الداخل مع استماتة الجماعة الانقلابية بحملتها الوحشية في ملاحقة المعارضين لهجماتها المتخلفة، حيث تريد لنا العودة إلى عصور ما قبل الدولة الوطنية وما قبل التاريخ بوقوفها ضد المساواة والعدالة وسيادة القانون.
مصر التي كانت ثالث محطات الزيارة الرئاسية يعول عليها اليمن قيادة وحكومة وشعبا في الوضع اليمني الراهن، لما تمثله مصر من أهمية بحكم ريادتها عربياً وتأثيرها ودورها الإقليمي، وللعلاقة الوثيقة التي تربط بينها وبين اليمن منذ عقود طويلة، خاصة بعد ثورتي سبتمبر وأكتوبر، وما حصلت عليه الثورتان من دعم مصري في مختلف المجالات.
*مواجهة المشروع الإيراني*
دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي إلى مساندة اليمن لاستعادة الدولة وإنهاء انقلاب الميليشيا الحوثية المدعومة من النظام الإيراني، محذراً من خطر التخادم الموجود بين أذرع إيران في المنطقة والجماعات الإرهابية.
وفي كلمة له خلال جلسة لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين، أعرب الرئيس رشاد العليمي عن ثقته بمواصلة الدور الرائد للجامعة في مناصرة ودعم الشعب اليمني، بالتنسيق مع تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذين كان لهم أعظم الأثر في منع انهيار الدولة، وصمود الجبهة المقاومة للنفوذ الإيراني في اليمن والمنطقة.
وأكد الرئيس العليمي أهمية دور المنظمات والهيئات الإقليمية، وفي المقدم منها جامعة الدول العربية ومجلس التعاون، والاعتماد عليها في صناعة السلام والدفاع عن مصالح الشعوب، جنباً إلى جنب مع منظمة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، وتطلع الرئيس اليمني في اليمن إلى مضاعفة الضغط من أجل دفع الميليشيا الحوثية للوفاء بالتزاماتها، بموجب اتفاق الهدنة الأممية، وفي المقدمة فتح معابر تعز والمدن الأخرى، وإنقاذ الناقلة (صافر) من الانهيار والتسبب في كارثة بيئية غير مسبوقة للدول المطلة على البحر الأحمر، والإفراج عن الأسرى والمحتجزين، ودفع رواتب الموظفين في مناطق سيطرة الحوثيين.
وجدد العليمي التحذير من مخاطر تزويد النظام الإيراني لهذه الجماعة المارقة على أمن المنطقة، وخطوط الملاحة الدولية، في واحد من أهم الممرات التجارية في العالم، مشيراً إلى الكلفة الباهظة للحرب التي تشنها الميليشيا الحوثية للعام الثامن.
وقال إن استمرار الهجمات العابرة للحدود، من شأنه أن يمثل أخطر تهديد لإمدادات الطاقة العالمية من دول الجوار، التي لطالما حرصت على أمن واستقرار اليمن وإنهاء معاناة شعبه.
*قطر: زيارة تاريخية ناجحة*
غادر الرئيس الدكتور رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي، والوفد المرافق السبت الماضي العاصمة القطرية الدوحة، متجهين الى الرياض في طريق عودتهم إلى العاصمة المؤقتة عدن، مختتما بذلك جولة خارجية استمرت بضعة أيام.
وأجرى رئيس واعضاء مجلس القيادة الرئاسي، خلال الزيارة لدولة قطر مباحثات ثنائية مع الشيخ تميم بن حمد ال ثاني امير دولة قطر، ولقاءات بكبار المسؤولين القطريين ورؤساء المنظمات والهيئات القطرية العاملة في اليمن.
ووفقاً لمصادر رسمية تركزت المباحثات حول مستجدات الوضع اليمني وسبل الدفع بالعلاقات الثنائية، وجهود إحلال السلام في البلاد، مع استمرار تعنت المليشيا الحوثية المدعومة من النظام الإيراني ازاء هذه الجهود. وتناولت المحادثات الدعم القطري المنشود الى جانب مجلس القيادة الرئاسي واصلاحاته الاقتصادية والخدمية والأمنية على طريق استعادة الدولة واحلال السلام والاستقرار في اليمن.
ومن جهته قال السفير اليمني في الدوحة، راجح بادي، إن الجولة والزيارة التي قام بها رئيس مجلس القيادة، تأتيان لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية، وكذا الجهود التي يقوم بها مجلس القيادة من أجل تحقيق الاستقرار الاقتصادي لليمن، ومعالجة التداعيات التي سببتها الحرب.
وأضاف بادي أن زيارة رئيس مجلس القيادة اليمني لقطر، تعد زيارة تاريخية، تضمنت مباحثات مع أمير قطر، ورئيس مجلس الوزراء القطري، الشيخ خالد بن خليفة بن عبد العزيز آل ثاني، إضافة إلى لقاءات ثنائية للوزراء من الجانبين اليمني والقطري، للنقاش والبحث في مجالات الصحة والكهرباء والتعليم والإغاثة الإنسانية. وأوضح السفير أن الجانب اليمني سعى لإيجاد الدعم وتوفيره لعدد من المشاريع الحيوية في اليمن.
*انضمام اليمن لمجلس التعاون*
في حديثه أمام أعضاء مجلس النواب قال رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي عقب أداء اليمين الدستورية، تناول أبرز التزامات المجلس امام الشعب، مشيراً إلى أن على رأس التزاماته إنهاء الانقلاب والحرب، واستعادة الدولة والسلام والاستقرار ومعالجة الوضع الاقتصادي والمعيشي، وإعادة بناء المؤسسات واستقرارها في العاصمة المؤقتة عدن وعلى امتداد التراب الوطني كله، مضيفاً أن انضمام اليمن لدول مجلس التعاون الخليجي يعد هدفا رئيسيا يسعى لتحقيقه.
وأثناء جولته الخارجية الأخيرة جاءت مواقف خليجية داعمة ومؤيدة لانضمام اليمن إلى مجلس التعاون لدول الخليج العربية، حيث أكد عاهل البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، على “موقف بلاده الثابت، وتأييده التام لعضوية اليمن الكاملة في مجلس التعاون الخليجي، نظراً للترابط الجغرافي والتاريخ المشترك مع دول المجلس.”
وكانت الكويت قد أكدت الموقف نفسه، حيث قال رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم، خلال لقائه الرئيس العليمي: “إن اليمن لا بد أن يكون جزءاً من مجلس التعاون لدول الخليج العربية؛ نظراً إلى التاريخ المشترك والنسيج المجتمعي والشعبي الواحد”.
ولا شك أن الحكومات اليمنية المتعاقبة تعمل جاهدة منذ سنوات طويلة من أجل الانضمام إلى مجلس التعاون، وتكللت تلك الجهود بانضمام جزئي لليمن إلى عضوية المجلس في عدد من المجالات، بيد أن ما تسعى القيادة اليمنية في الوقت الراهن لتحقيقه يتمثل في الانضمام الكامل، وهو ما وجد تجاوباً خليجياً عكسته تصريحات القادة الخليجيين في أكثر من دولة، سيما في ظل الأحداث التي تعيشها المنطقة ومنها اليمن والخليج العربي، وفي مقدمتها التحديات والمخاطر المشتركة التي تهدد اليمن والخليج، وهو ما تجلى بوضوح في الحرب التي أشعلتها مليشيا الحوثي بدعم إيراني سافر، وكشفت تطورات الحرب عن أهداف إيران وأجندتها التي تبين أنها لا تقتصر على اليمن فقط، ولكنها تعمل بكل ما أوتيت من قوة وإمكانيات لضرب الأمن والاستقرار في الجزيرة والخليج العربي، وهو ما يحتم توحيد كافة الجهود لمواجهة هذه المخاطر، وفي انضمام اليمن لمجلس التعاون تتعزز علاقات الجوار والروابط التاريخية والجغرافية ووحدة المصير والعيش المشترك، بالإضافة إلى وجود خطر مشترك يهدد الجميع، فضلاً عن التحديات الاقتصادية والأمنية والسياسية التي تستدعي تنسيق الجهود وتكاملها لمواجهة التحديات القائمة.
ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن اليمن سيكون موقفها أقوى وأكثر تماسكا في حال تحقق انضمامها الكامل لمجلس التعاون، كما أن ذلك سيؤدي بدون شك إلى تعزيز حضورها على المستوى الإقليمي ضمن هذا التكتل العربي الرائد سياسياً واقتصادياً.
المصدر : 26 سبتمبر