كريتر نت – العرب
زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى الرياض ولقاؤه بالشركاء الخليجيين يستهدفان بالأساس تثبيت التحالف النفطي المسمى أوبك+ الذي يشكل بالنسبة إلى موسكو ضرورة حيوية في مواجهة الضغوط الغربية المتزايدة، وآخرها قرار الاتحاد الأوروبي بحظر صادراتها النفطية.
وتكتسي زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى المملكة العربية السعودية ولقاؤه المنتظر الأربعاء، بنظرائه في دول مجلس التعاون الخليجي أهمية استثنائية، لاسيما بعد قرار الاتحاد الأوروبي بفرض حظر على النفط الروسي.
ويشكل الموقف الخليجي ولاسيما السعودي محددا رئيسيا في لعبة لي الذراع التي تمارس بين روسيا والولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين الذين يرنون إلى خفض وارداتهم من النفط الروسي إلى حدود تسعين في المئة بنهاية العام الجاري.
وكان قادة دول الاتّحاد الأوروبي السبع والعشرين توصلوا خلال قمّة في بروكسل ليل الاثنين الثلاثاء إلى اتفاق على حظر تدريجي. وسيشمل الحظر في البداية واردات النفط الذي تصدّره روسيا عبر السفن فقط أي ثلثي المشتريات الأوروبية من الذهب الأسود الروسي، على أمل أن يشمل لاحقا النفط المنقول عبر خطوط الأنابيب.
وأكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن الاتّحاد سيبحث “في أقرب وقت ممكن” توسيع نطاق الحظر ليشمل النفط الذي تصدّره روسيا عبر خطوط الأنابيب إلى دول أعضاء في التكتّل، وفي المجمل سيتخلّى الاتحاد الأوروبي بحلول نهاية العام الجاري عن تسعين في المئة من الواردات النفطية الروسية.
ويشكل القرار الأوروبي مخاطرة كبيرة لاسيما في حال رفضت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) التي تقودها السعودية فك ارتباطها بتحالف الطاقة مع روسيا، والحفاظ على زيادة هامشية في إنتاج النفط، حيث سيكون الأوروبيون حينها في موقف صعب لجهة تعويض النقص من الوقود الذي سيواجهونه، وهو ما سيؤثر بشكل دراماتيكي على الأسعار التي قد تشهد ارتفاعا جنونيا.
وارتفعت أسعار برنت بحر الشمال وخام غرب تكساس الوسيط الأميركي على التوالي إلى 124.10 دولارا و119.43 دولارا للبرميل، وهو أعلى مستوى لها منذ شهرين بعد ساعات فقط من إعلان بروكسل عن اتفاق الدول الأعضاء في الاتحاد.
ويرى محللون أن زيارة وزير الخارجية الروسي إلى الرياض ولقاءه بالشركاء الخليجيين يستهدفان بالأساس تثبيت التحالف النفطي المسمى أوبك+، وتراهن روسيا في ذلك على الإرادة التي أبدتها دول الخليج حتى الآن في الحفاظ على هذا التحالف الذي يخدم مصلحة كلا الطرفين.
وقال مسؤولان خليجيان إنه من المنتظر أن يلتقي لافروف بوزراء خارجية السعودية والإمارات وعُمان والكويت والبحرين وقطر في مقر مجلس التعاون الخليجي بالرياض الأربعاء.
والتزمت دول الخليج الحياد في الصراع الروسي – الأوكراني على الرغم من الضغوط الغربية التي تطالبها بالمساعدة في عزل روسيا. وقال وزير الخارجية العماني بدر بن حمد البوسعيدي في تصريحات نشرتها وزارة الخارجية يوم السبت إن الأزمة تتطلب حلا أوروبيا وإن نهج “معنا أو ضدنا” لن يجدي نفعا.
إيمانويل ماكرون يؤكد أن الاتّحاد سيبحث “في أقرب وقت ممكن” توسيع نطاق الحظر ليشمل النفط الذي تصدّره روسيا عبر خطوط الأنابيب إلى دول أعضاء في التكتّل
ومن غير المرجح أن يطرأ أي تغيير في الموقف السعودي والخليجي بشكل عام، بالرغم من المحاولات الأميركية والأوروبية المكثفة في هذا الشأن.
وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن استبق زيارة لافروف إلى الرياض بإجراء اتصال هاتفي بنظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان شدد من خلاله على أهمية الدعم الدولي لأوكرانيا.
وزار اثنان من كبار المسؤولين الأميركيين هما بريت ماكغورك، كبير مستشاري بايدن لشؤون الشرق الأوسط، ومبعوث وزارة الخارجية لشؤون الطاقة آموس هوكستين، الأسبوع الماضي السعودية.
وقال البيت الأبيض إن المسؤولين ناقشا الملف الإيراني وإمدادات الطاقة العالمية وقضايا إقليمية أخرى مع المسؤولين السعوديين، لكنهما لم يطالبا بزيادة صادرات النفط السعودية.
وتأتي زيارة لافروف إلى السعودية ولقاؤه بنظرائه الخليجيين قبل يوم من عقد تحالف أوبك+ لاجتماعه الدوري.
ويجتمع الأعضاء الثلاثة عشر في منظمة الدول المصدرة للنفط بقيادة السعودية وشركاؤهم العشرة بقيادة روسيا الخميس عبر الفيديو في فيينا مقر التكتل في لقاء بات يعقد شهريا تقريبا منذ ظهور جائحة كورونا، لتحديد حصص الانتاج لشهر يوليو.
ومنذ آخر اجتماع للتحالف في مايو، قفز سعر برميل برنت بحر الشمال بحوالي 12 في المئة وسعر خام غرب تكساس الوسيط الأميركي بأكثر من 10 في المئة بسبب الحظر الأوروبي.
ويستبعد غالبية المحللين أن يؤثر قرار الحظر الأوروبي على سياسة الكارتل التي لم تتغير منذ ربيع 2021 حيث يتوقعون زيادة هامشية جديدة على حجم الإنتاج الإجمالي بحوالي 432 ألف برميل في اليوم.
وقالت إيبيك أوزكارديسكايا المحللة في بنك “سويس كوت” إنه “منذ بداية الهجوم الروسي على أوكرانيا أظهرت المجموعة وحدتها وبالتالي ليست لديها مصلحة في استبدال النفط الروسي”.
وأضافت “مثل هذا الأمر سيلحق ضررا مزدوجا بروسيا، فإلى جانب خسارة زبون كبير (الاتحاد الأوروبي) ستجني أموالا أقل بسبب انخفاض الأسعار الذي سينتج عن زيادة العرض من قبل أوبك”. من جانب آخر ترى موسكو في “الأسعار المرتفعة جدا” للنفط في السوق وسيلة “لإبقاء الضغط على الدول التي تعتبرها غير ودية”، كما يقول كريغ إيرلام المحلل لدى أواندا.
وأضاف إيرلام “نظرا إلى كون روسيا أحد أكبر عضوين في التحالف (إلى جانب السعودية) فإن أي قرار برفع الانتاج سيصبح سياسيا جدا”.
دول مجموعة السبع دعت “الدول المنتجة للنفط والغاز إلى التصرف بمسؤولية والاستجابة لتشديد الأسواق الدولية”
وفي هذه الظروف تحرص السعودية، وهي من الدول القليلة القادرة على زيادة إنتاجها، على عدم التحرك بشكل أحادي “خشية أن تتسبب في خلافات داخل المنظمة”.
بعبارة أخرى، من غير المرتقب أن تتفاعل المجموعة مع العقوبات الأوروبية الجديدة، رغم ارتفاع الأسعار. وقالت أوزكارديسكايا “ثمة أمل ضئيل في رؤيتها تعلن عن أي شيء يمكن أن يريح السوق”.
ودعت دول مجموعة السبع (الولايات المتحدة واليابان وكندا وفرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة وألمانيا) مرة أخرى الجمعة “الدول المنتجة للنفط والغاز إلى التصرف بمسؤولية والاستجابة لتشديد الأسواق الدولية”، مؤكدة أن “تحالف أوبك+ له دور رئيسي يلعبه”.
لكن التحالف الذي تشكل في 2016 بهدف تنظيم السوق ليس في وارد التجاوب مع الدعوات الكثيرة الصادرة عن الدول الغربية، مشددا على ضرورة النأي بملف الطاقة عن الصراعات السياسية.
وقال ستيفن إينيس من “إس.بي.آي أسيت منجمنت” إن هذا الموقف “يتعارض تماما مع مهمته التي تهدف إلى ضمان سعر عادل للمستهلكين والمنتجين”، موضحا “يصعب تقبله من قبل الأسر التي تدفع فاتورة عالية لقاء الوقود”.