مرسي عطالله
مرة أخرى يرى الرئيس السيسى فى الاحتفال بليلة القدر هذا العام فرصة مواتية للحديث عن ضرورة تجديد الخطاب الدينى مؤكدا من جديد ما سبق أن أشار إليه فى مناسبات سابقة على مدى الأعوام الأخيرة من أن تصحيح الخطاب الدينى يتصدر أولويات اهتمام الدولة المصرية فى ثوبها الجديد ليس فقط باعتبار أن ذلك حاجة مصرية فحسب وإنما هى دعوة تهم عالمنا العربى والإسلامى بأكمله.
وفى رأيى أن هذه القضية تحتاج إلى مزيد من الاهتمام والبحث والتدقيق من أجل تبيان المنهج الصحيح فى قراءة أصول الدين بعد أن شاعت فى السنوات الأخيرة قراءات خاطئة لم تسئ فقط إلى صورة وسمعة المسلمين فى العالم وإنما كانت هى المدخل للفهم الخاطئ والتطرف الشديد وتوسيع مساحة الانتشار لتجار الدين!
مادة اعلانية
ولا شك أن هناك من أثاروا لغطا شديدا حول هذه القضية رغم بساطتها, فالإسلام فى جوهرة «دين يسر لا عسر» ومصطلح التجديد أو التصحيح لا يعنى أى مساس بالثوابت المؤكدة فى القرآن والسنة النبوية وإنما يعنى التطور فى أسلوب مخاطبة الأئمة والفقهاء لجمهور المسلمين بلغة العصر سعيا لتطبيق الأحكام الشرعية فى إطار القاعدة الفقهية الثابتة التى تنص على أن «الأحكام لا تتغير وإنما الفتوى أو طريقة تطبيق الأحكام هو ما يتغير».
لعلى أكون أكثر وضوحا وأقول فى إطار حق الاجتهاد كمسلم أتيح له قدر من الثقافة الدينية والاطلاع على صفحات من التاريخ الإسلامى المستنير إن دعوة التجديد لا تعنى تجديدا فى الثوابت الدينية المؤكدة فى القرآن والسنة النبوية وإنما المقصود هو تجديد لغة وأسلوب الخطاب الدينى لأن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان وبما يناسب العصر.
وظنى أن قضية بهذا القدر من الأهمية لكافة المسلمين لا ينبغى أن يحتكر الاهتمام بها طائفة أو جماعة أو مؤسسة بعينها وإنما ينبغى أن تتسع قاعدة الاهتمام بها لطيف واسع من الفقهاء والعلماء والباحثين والمثقفين ذوى الصلة وأن تطرح فى النهاية خلاصة ما ينتهى إليه المتحاورون على جمهور المسلمين كمنهج متوافق عليه مدعوما بالأسانيد والبراهين الشرعية الثبوتية التى لا تقبل الشك.
وقبل هذا وذالك فإن الدعوة لتجديد وتصحيح الخطاب الدينى لا تستهدف فقط بناء الفهم الصحيح للتعامل مع ما استجد على المسلمين من قضايا وتحديات عصرية وإنما أيضا حماية الخطاب الدينى من غوغائية التيارات المتطرفة من ناحية والتيارات التى ترتدى قبعات زائفة باسم الحرية وتدعو لإنهاء إلزامية الأديان من ناحية أخرى!
نقلاً عن “الأهرام”