كريتر نت – صحف
تواصل الأزمة الأوكرانية حبس أنفاس العالم، رغم مؤشرات أولى على خفض التصعيد من قبل روسيا، في حين يستمر تبادل التهديد والوعيد، من جهة، ومحاولة التهدئة، وعروض الحوار والتفاهم، ما يضفي على الملف الأوكراني، مزيداً من الغموض.
ووفق صحف عربية صادرة اليوم الأربعاء، لاتزال الأزمة الخطيرة، تراوح مكانها، في حين لم تنجح المتابعات والتحاليل في حسم وجهة الأحداث ومآل الأزمة إلى الحرب أو السلم.
في انتظار الأزمة المقبلة
وفي صحيفة “الشرق الأوسط” قال عبد الرحمن شلقم، إن الأزمة دخلت مرحلة العد التنازلي، رغم أن “وزير خارجية روسيا يدق طبول لسانه منذراً، أما الرئيس بوتين فإنه يتقن لغة فيها بقايا نغمة صوت الزعيم الشيوعي العنيف الظريف خرتشوف، ولغة جسد صاغ إيقاعها بمهارة لاعب الجوكاندو. الجيوش التي تتحرك عند الحدود بين روسيا وأوكرانيا ونوعية السلاح الحديث، والمناورات الواسعة التي تشترك فيها روسيا بوتين وروسيا البيضاء، والحشد العسكري المتزايد لقوات حلف الناتو في دول أوروبا الشرقية، كل ذلك يدق أجراس المواجهة القريبة بين كتلتين، لم تهدأ نار العداوة بينهما منذ نهاية الحرب العالمية الثانية”.
وأشار الكاتب، إلى أن الأزمة الأوكرانية مهما، كان مآلها، حرباً أو سلماً، لا تحجب أزمة أخرى قيد التشكل، بين أمريكا، والصين وهذه المرة، ذلك أن “التطورات العسكرية المتسارعة، والصدام السياسي الساخن بين روسيا ودول الناتو، توحي بأن هناك حسابات كامنة في الرؤوس، وهي أكبر وأكثر تعقيداً من تراب دونباس الأوكراني، ومن شبه جزيرة القرم وحدود تمركز قوات الناتو”.
ويُضيف شلقم “الصراع الأمريكي الصيني هو المحرك الأهم اليوم فوق رقعة الاستراتيجيات الدولية. تايوان هي الأخطر، وطريق الحرير الصينية. هل تخطط الصين فعلاً للتحرك من أجل ضم تايوان بالقوة أم ستعمل من أجل تكرار ما حدث مع هونغ كونغ بإلحاقها سلمياً بالصين الأم في صيغة، دولة واحدة بنظامين سياسيين مختلفين؟ هل الحرب بين الناتو وروسيا ضرورية، كما سأل يوماً الرئيس الأمريكي روزفلت رئيس الوزراء البريطاني تشرشل؟”.
حرب بلا رصاص
في موقع “إندبندنت عربية” اعتبر رفيق خوري، أن أوروبا وجدت نفسها من جديد “على حافة حرب بعد 77 عاماً من نهاية الحرب العالمية الثانية ثم الحرب الباردة”.
ويُضيف الكاتب، أن الملاحظ في الأزمة الراهنة، أن الكفة تميل إلى بوتين على حساب بايدن، معتبراً قائلاً: ” الرئيس الروسي يحشد أكثر من 100 ألف عسكري على حدود أوكرانيا. والرئيس الأمريكي يتحدث سلفاً عن ساعة الصفر في موسكو لبدء الغزو، ويحدد نوع العقوبات الأمريكية والأوروبية على روسيا”.
ولكن ذلك لا يمنع أن “بوتين يبدو كمن ربح المعركة دون قتال، أسعار النفط ارتفعت، وهذا ما يفيد الاقتصاد الروسي. الكرملين صار محجة لرؤساء أوروبيين. وحاجة أوروبا إلى الغاز الروسي لا بديل لها في المدى القريب. والمطالب الصعبة من الغرب بالنسبة إلى الامتناع عن ضم أوكرانيا وجورجيا إلى حلف “ناتو”، وسحب القوات التي جرى نشرها في البلدان التي كانت ضمن الاتحاد السوفياتي أو في المعسكر الاشتراكي، لن تبقى بلا حصول على شيء ما. هي غير مرضية، كما قال له وزير الخارجية سيرغي لافروف، لكن “باب التفاوض مفتوح”. والمثال الذي يستشهد به ويحمل خطابه في جيبه لافروف هو وزير الخارجية أيام القياصرة الأمير ألكسندر غورتشاكوف القائل: “روسيا لا تغضب. روسيا تعيد تشكيل نفسها وتتأهب”. فهو استعاد لموسكو نفوذها في أوروبا بعد هزيمتها في حرب القرم أواسط القرن التاسع عشر، دون إطلاق رصاصة واحدة”.
من كوبا إلى أوكرانيا
وفي صحيفة “الجريدة” الكويتية شبه الكاتب غانم النجار، الأزمة الأوكرانية بالأزمة الكوبية في “1962 حين حبس العالم أنفاسه لمدة 13 يوماً في انتظار مواجهة عسكرية محتملة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، حول ما اشتهر باسم أزمة الصواريخ الكوبية، حيث بدأ السوفيات بنصب صواريخ في كوبا، التي تبعد 90 ميلاً عن شواطئ أمريكا”
ويعتبر الكاتب أن التشابه بين الأزمتين، يتمثل في ما أسماه الرئيس الأمريكي السابق جون كينيدي، سياسة الحافة، أي دفع الأزمة إلى ذروتها قبل التهدئة وصولاً للتسوية، بعد جني المكاسب والمغانم.
واعتبر الغانم أن سياسة “الحافة” في أزمة أوكرانيا، تحول التصعيد “مدخلاً للحصول على تنازلات، فمن الصعب أن يسمح الفرقاء بحرب طاحنة في أوروبا، فكلهم خاسرون، لذلك سعت أوروبا لإطفاء سعير نار حروب يوغوسلافيا السابقة، التزاماً بشعار “لا يمكن تكرار ذلك”، بعد الدمار الذي حاق بأوروبا إبان الحرب العالمية الثانية.
الفخ الأوكراني
ومن جانبه قال معقل زهور عدي في موقع “ميدل إيست أونلاين” إن الأزمة الأوكرانية، كشفت اقباس روسيا بنجاح استراتيجية “حافة الهاوية” التي كان فوستر دالاس وزير الخارجية الأمريكي السابق في عهد ايزنهاور أول من وضع أسسها الحديثة.
وأوضح الكاتب، أن “من سخرية القدر أن فوستر دالاس وضع تلك السياسة في مواجهة الاتحاد السوفييتي وحلفائه في العالم، بينما يعيد لها الحياة اليوم الرئيس الروسي في مواجهة الغرب”.
وأضاف أن حسابات الربح والخسارة في الأزمة الراهنة لم تتضح معالمها بعد، فلا أحد يعرف عل وجه الدقة “إذا كان الرئيس بوتين على وشك خوض الحرب كما توحي التحركات العسكرية للجيش الروسي، أو أن الأمر لا يعدو عن أن يكون حملة ضغط على أعصاب الغرب لدفعه لاستعادة الهيبة والمكانة التي خسرتها روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي”.
ولكن قرار بوتين، ربما يكون سبب أزمة أكبر بين روسيا والغرب، أو مبرراً لتدخل غربي أكبر في روسيا نفسها، وحسب الكاتب “ربما وجد الغرب فرصة سانحة لاستدراج روسيا لمستنقع أوكرانيا لخوض معركة طويلة الأمد تسفر عن تقليم أظافر روسيا وإعادتها إلى ما قبل بوتين”.