كريتر نت – العرب
بات الخليجيون على اقتناع بأن الاتفاق النووي حاصل بين إيران ودول 5+1، وأن ما يهمهم الآن هو الحصول على ضمانات تتعلق بأمنهم القومي بعد الاتفاق. وفي ظل برود العلاقة مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، المشغولة بحساباتها الخاصة، اتجهت السعودية نحو إيران في حوار مباشر من أجل التوصل إلى تفاهمات حول الملفات الأمنية.
وقالت أوساط خليجية مطلعة إن السعودية خطت خطوة مهمة بعد أن تخلت عن الوسطاء في علاقتها بإيران، وهو ما من شأنه أن يخفف التوتر الإعلامي والدبلوماسي بين البلدين ويقطع الطريق على دوائر إقليمية ودولية تعمل على النفخ دائما في هذه الأزمة لتحصيل مكاسب مباشرة، وعلى رأسها صفقات الأسلحة والنفقات الكبرى التي تخصص للقوات الأجنبية التي تتمركز في المنطقة تحت مظلة الخطر الإيراني.
عبد العزيز صقر: على الجميع مراعاة المخاوف الأمنية الإقليمية
وأشارت هذه الأوساط إلى أن الحوار ليس مطلبا خليجيا فقط، فإيران بدورها تبحث عن حوار يقود إلى اعتراف إقليمي بها واستعداد للتعاون معها، على أمل أن تخفف من مخاوف جيرانها في ما تعلق بالتدخل في شؤونهم الداخلية، وأداء أذرعها في المنطقة، وسيكون الحوار فرصة لاختبار جدية مختلف الأطراف في مساعي التهدئة وتبريد الخلافات ولو بشكل مؤقت.
ولا يلغي الانفتاح على إيران ومعرفة حدود استعدادها للتعاون التحرك على واجهة الضغوط الدولية على أمل تحصيل شروط يتم إلحاقها بالاتفاق النووي وتلزم طهران بتقديم ضمانات تتعلق ببرنامجها الصاروخي ودعمها لميليشيات مسلحة في المنطقة. وستكون الأولوية سعوديًّا موضوعَ اليمن والدعم الذي يلقاه الحوثيون من إيران.
وأعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الإثنين الماضي، أن أولوية واشنطن هي إحياء الاتفاق ثم استخدامه كمنطلق لمعالجة قضايا أخرى. لكن الخليجيين لا يثقون بحسابات إدارة بايدن.
وقال عبدالعزيز صقر من مركز الخليج للأبحاث هذا الأسبوع “قالت دول الخليج إنه بإمكان الولايات المتحدة العودة إلى الاتفاق النووي. هذا قرارهم لا يمكننا تغييره، لكن… يجب أن يأخذ الجميع في الاعتبار المخاوف الأمنية الإقليمية”. وشارك صقر في حوار سعودي – إيراني غير رسمي سابقا.
ويخشى المسؤولون الخليجيون ألّا يتمتعوا في عهد إدارة بايدن بالنفوذ نفسه الذي كان لديهم في عهد دونالد ترامب، ولأجل ذلك مارسوا ضغوطا للانضمام إلى محادثات فيينا، لكن هذا المطلب قوبل بالرفض.
وقال مصدران لرويترز إنه بدلا من انتظار نتيجة محادثات فيينا قبلت الرياض مبادرات عراقية في أبريل لاستضافة محادثات بين مسؤولين سعوديين وإيرانيين.
وبينما يستكشف كل من الطرفين الآخر قالت السعودية إنها تريد من إيران “أفعالا يمكن التحقق منها”.
وبين يدي إيران عدد من الأوراق، ليس أقلها دعمها لحركة الحوثي في اليمن، التي أخفق السعوديون في هزيمتها بعد ست سنوات من الحرب التي استنفدت صبر واشنطن.
وأشار صقر إلى أن “اليمن حلبة قليلة التكلفة بالنسبة إلى إيران ومكلفة جدا بالنسبة إلى السعودية. وهذا يمنح إيران موقفا تفاوضيا قويا”.
والأولوية الآن بالنسبة إلى دول الخليج هي التركيز على اقتصاداتها بعد كوفيد – 19، لكن الضمانات الأمنية جزء مهم من هذا التعافي.
وقال مصدر ثالث “أي اتفاق نووي أفضل من عدم وجود اتفاق، ولكن كيف يمكنك إقناع العالم والمستثمرين بأن هذا الاتفاق حقيقي يمكنه أن يصمد أمام اختبار الزمن؟”.
وتأمل دول الخليج أن تحافظ واشنطن على قدرتها على الضغط على طهران من خلال الإبقاء على بعض العقوبات، بما في ذلك تلك التي تهدف إلى معاقبة الجهات الأجنبية على دعم الإرهاب أو انتشار الأسلحة.
وقال بلينكن في جلسة لإحدى لجان الكونغرس إنه يمكن استخدام الاتفاق “كمنطلق للنظر في إمكانية تمديد الاتفاق نفسه، وإذا لزم الأمر تعزيزه، وكذلك لمعالجة المخاوف الإقليمية”.
لكن الشكوك لا تزال تساور دول الخليج. وقال سفير الإمارات لدى واشنطن يوسف العتيبة في أبريل الماضي إنه لا يلمس أي دليل على أن الاتفاق النووي سيصبح “أداة لتمكين المعتدلين” في إيران التي تشهد انتخابات رئاسية هذا الشهر يهيمن عليها المتشددون. وأضاف “لكن علينا أن نتعايش معهم في سلام.. لا نريد أي تدخل أو صواريخ أو وكلاء”.