كريتر نت – العرب
اعتبر مراقبون فلسطينيون أن حركة حماس تدخل دائما في الوقت الخطأ وبالأسلوب الخطأ، ما يفقد الفلسطينيين الدعم الدولي لهم في مواجهة العنف الإسرائيلي المتزايد في القدس، لافتين إلى أن إصرار حماس على استعمال صواريخ محدودة التأثير وفاقدة للدقة للرد على القصف الإسرائيلي يخدم إسرائيل أكثر مما يخدم الفلسطينيين.
وقال سفير فلسطيني سابق في تصريح لـ”العرب” إن إطلاق صواريخ حماس يعطي مشروعية لما تقوم به إسرائيل ويظهرها في مظهر من يدافع عن نفسه دفاعا شرعيّا وأنها تخوض حربا متكافئة، وهو ما يفسر مسارعة الولايات المتحدة إلى إظهار تفهمها لـ”حق إسرائيل في الدفاع عن النفس”، بدل نقد العنف الذي يستهدف المدنيين ويخلّف عشرات القتلى والجرحى.
وأشار السفير، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، إلى أن حماس تطرح نفسها بديلاً عن سلطة الرئيس محمود عباس، وأنها وجدت الفرصة المواتية لركوب الموجة، على النحو الذي يظهرها في دور النصير والمنقذ الوحيد، خاصة في ظل غياب أي ضغوط عربية ودولية على إسرائيل لإجبارها على فصل صراعها مع حماس عن استهداف المدنيين.
وتستفيد حماس بشكل واضح من غياب المبادرة لدى عباس الذي باتت تتحكم فيه الرغبة في البقاء على رأس السلطة، وهو ما قاد إلى خلافات داخل حركة فتح أضعفت دورها في الشارع الفلسطيني وقلّلت من فاعليتها في مواجهة مغامرات حماس.
توماس فريدمان: حماس تطلق الصواريخ عندما تجد نفسها عالقة سياسيّا
ويقول مراقبون فلسطينيون إن حماس تستمر في مغامرة إطلاق الصواريخ لترميم شرعيتها في الشارع الفلسطيني، وخاصة في قطاع غزة الذي فشلت في إدارته لسنوات طويلة وجلبت على سكانه الكثير من المآسي، لافتين إلى أن قوى وشخصيات فلسطينية معارضة لمسار عسكرة الاحتجاجات الشعبية باتت تخشى توجيه انتقادها بشكل علني لصواريخ حماس ومغامرة دفع الاحتلال إلى ردة الفعل العنيفة، وذلك بسبب غياب البدائل لدى الفلسطينيين.
وفيما تعتقد حماس والفصائل المتحالفة معها أن إطلاق الصواريخ سيجبر إسرائيل على التراجع، فإن تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يظهر أن الاحتلال يعتمد على مغامرة حماس كذريعة لمواصلة الهجمات.
وقال نتنياهو الثلاثاء في مقطع مصور وزعه مكتبه “نفذ الجيش منذ الأمس (الاثنين) مئات الهجمات على حماس والجهاد الإسلامي في غزة (…)، سنكثف قوة هجماتنا”. وأضاف أن حماس “ستتعرض لضربات لم تكن تتوقعها”.
وتعهد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في بيان الثلاثاء باستمرار التصعيد من جانب حركته.
وقال “المقاومة مستعدة ومتحفزة ولن تقف مكتوفة الأيدي، وستكون كلمتها هي كلمة الفصل في المعركة إن لم يتراجع الاحتلال”.
وتساءل المعلق السياسي الأميركي المختص بشؤون الشرق الأوسط توماس فريدمان عن خيارات حماس حيال هذا التصعيد؛ حيث قال في تعليق له بصحيفة نيويورك تايمز “ماذا تفعل حماس عندما تكون عالقة؟ إنها تقوم بإطلاق الصواريخ على إسرائيل”.
وأوضح “فشلت حماس في تحقيق نمو اقتصادي في قطاع غزة الذي تحكمه، ولم تستطع أن تحقق تقدما سياسيا. وتجد نفسها اليوم عالقة بعد تأجيل الانتخابات الفلسطينية”.
وعبر فريدمان عن توقعه أن يهدأ التصعيد في غضون ثلاثة أو أربعة أيام حيث تجد حماس وإسرائيل ومصر والأردن والسلطة الفلسطينية جميعا أن من مصلحتها فرض إرادتها في الشارع، محذرا من الحديث عن انتفاضة جديدة عندما يفرض الشارع إرادته، فإن هذا الزلزال سيهز إسرائيل وغزة والضفة الغربية والأردن ومصر واتفاقات أبراهام.
وكان الجيش الإسرائيلي أعلن أنه قصف 130 “هدفا عسكريا” في غزة، مشيرا إلى مقتل 15 عنصرا من حركتي حماس والجهاد الإسلامي.
وقالت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، في بيان “في ضربةٍ صاروخيةٍ هي الأكبر من نوعها، استهدفت كتائب القسام أسدود وعسقلان بـ137 صاروخًا من العيار الثقيل خلال خمس دقائق، ولا زال في جعبتنا الكثير”.
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن ما لا يقل عن أربعين صاروخا أطلقت خلال دقائق باتجاه أسدود وعسقلان والمناطق المحيطة بقطاع غزة.
وقال الجيش الإسرائيلي إن أكثر من 300 صاروخ أُطلقت من غزة منذ الاثنين، وأن نظام القبة الحديدية الدفاعي اعترض أكثر من 90 في المئة منها.
وأعلنت حركة الجهاد الإسلامي مقتل قياديَّين ميدانيّين في سرايا القدس، الجناح العسكري للحركة، في غارة إسرائيلية الثلاثاء، مشيرة إلى أن غارة إسرائيلية ضربت “هدفا كان يتواجد فيه مجاهدونا”، و”يوجد لدينا شهداء ومفقودون”.
وكانت حركة حماس أعلنت الاثنين مقتل قيادي فيها في غارة إسرائيلية شمال غزة. كما اعترفت في بيان لها الثلاثاء بمقتل عدد من نشطائها وفقدان آخرين في استهداف إسرائيلي لأحد مواقعها.
img src=”https://www.cratar.net/wp-content/uploads/2021/05/IMG-20210512-WA0009.jpg” alt=”” width=”1080″ height=”720″ class=”alignnone size-full wp-image-143418″ />
ويقول متابعون إن الأوضاع الفلسطينية ستنتهي إلى ما انتهت إليه في مواجهات سابقة، أي سقوط العشرات من القتلى الفلسطينيين، وتهديم المئات من المنازل والمواقع الخدمية على قلتها، فيما تستمر حماس في ترديد شعارات النصر وعينها على وساطة خارجية تنهي المواجهة.
وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري الثلاثاء إن بلاده أجرت اتصالات مع إسرائيل خلال الأيام الماضية من أجل التهدئة في القدس الشرقية المحتلة، لكنها “لم تجد الصدى اللازم”.
وأكد شكري في كلمته أمام اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب “إزاء كل هذه الانتهاكات تحركت مصر بشكل مكثف فقامت بنقل رسائل إلى إسرائيل وكافة الدول الفاعلة والمعنية لحثها على بذل كل ما يمكن من جهود لمنع تدهور الأوضاع في القدس، غير أننا لم نجد الصدى اللازم”.
وقال مصدر فلسطيني إن “مصر أجرت اتصالات قبل يومين بالفصائل الفلسطينية ودعتها إلى التهدئة مؤكدة أنها تبذل في الوقت نفسه مساعي مع إسرائيل من أجل التهدئة، ولكن القاهرة لم تتلق ردا إيجابيا من إسرائيل”.