كريتر نت – تونس
خيم التوتر أمام مقر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في العاصمة التونسية، الواجهة السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، بعد التدخل الأمني لفض اعتصام الحزب الدستوري الحر، الذي تتزعمه عبير موسي والتي تطالب بوضع حد لنشاط الاتحاد في تونس.
وقال رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي، إن مسألة فض الاعتصام أنصار حزب الدستوري الحر قضائية بحتة والنيابة العمومية هي الجهة الوحيدة المخولة لإنفاذ القانون، في ظروف حظر التجوال وحالة الطوارىء في البلاد”.
واعتبر أن “الاتهامات الموجهة للحكومة لا معنى لها، لأن كل التحركات تتم في إطار القانون الذي يتم تطبيقه على الجميع بدون استثناء”.
والثلاثاء، اتهمت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، عبر حسابها على فيسبوك، الأمن بأنه “منحاز وقام بالاعتداء على مناضلي الحزب المعتصمين أمام وكر الارهاب”، مؤكدة أن اعتصامهم مازال متواصلا رغم الاعتداء عليهم.
واتهمت موسي في مقطع فيديو نشرته على الصفحة الرسمية للحزب على فيسبوك قوات الأمن باستعمال الغاز المسيل للدموع والاعتداء بالعنف على أنصارها، مما تسبب في إغماء عدد منهم ونقل البعض إلى المستشفى بسبب تعكر حالتهم الصحية.
ويطالب أنصار الحزب الدستوري الحر بإيقاف نشاطات مقر اتحاد علماء المسلمين بدعوى “تورطه في دعم التنظيمات الإرهابية”، وقامت القوات الأمنية بإخراج أنصار الحزب من المقر.
وشهد الاعتصام مشاحنات وتبادلا للتهم بين أعضاء الحزب الدستوري الحر ونواب ائتلاف الكرامة الذين عمدوا بمعية أنصار حركة النهضة الإسلامية إلى مساندة قوات الأمن في فض الاعتصام.
ويعتصم أنصار الحزب منذ أشهر أمام مقر فرع الاتحاد مطالبين الحكومة بإيقاف نشاطه ويتهمون القائمين عليه، وجلهم من المنتمين إلى حركة النهضة، “بدعم الإرهاب وإقامة دورات تكوينية تشجع على العنف والتطرف وتخدم التيارات الدينية المتشددة”.
وتعهدت رئيسة الحزب الدستوري الحر الثلاثاء بمواصلة الاعتصام أمام مقر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إلى حين إغلاقه نهائيا وطرد شيوخه.
وقالت موسي إن وجود ما يسمى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بزعامة “مفتي الدم الإخواني يوسف القرضاوي في تونس هو جريمة في حق الأجيال الناشئة”.
وطالبت السلطات القضائية في تونس بسرعة إصدار قرار لوقف نشاط “اتحاد القرضاوي” في البلاد.
وتحدثت عن جرائم الإخوان على مدار 10 سنوات، قائلة إن “تونس دخلت في مرحلة مظلمة منذ عودة راشد الغنوشي إلى البلاد سنة 2011”.
وجددت مطالبتها لنواب البرلمان بضرورة التقدم في تجميع الإمضاءات الضرورية لسحب الثقة من الغنوشي ودحره من موقعه في رئاسة مجلس نواب الشعب.
واجتمع أنصار الحزب الدستوري أمام مقر اتحاد القرضاوي، رافعين شعارات تندد بالخطاب التكفيري.
وكان الحزب الدستوري الحرّ قد أعلن في بيان في فبراير الماضي أن السلطات التونسية أرسلت تنبيها إلى فرع “الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين” بتونس بخصوص جملة من المخالفات.
ويمثل هذا التنبيه استجابة لطلب توجّه به حزب موسي إلى إدارة الجمعيات برئاسة الحكومة، وبعد 100 يوم من اعتصام الغضب من أجل الانطلاق في إجراءات حل تنظيم ما يسمى “الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين”.
وأوضح أن “التنظيم المذكور يتلقى تمويلات خارجية، وأمين ماله وقياداته أعضاء في حركة النهضة التي تنتفع بصورة أو بأخرى بهذه التمويلات”.
والتنبيه الذي وجّهته السلطات التونسية إلى فرع القرضاوي يتعلّق بمخالفة مقتضيات الفصل 1 و2 من الدستور باعتبار أن النظام الأساسي للجمعية الأم تضمن بنودا تؤكد سعي هذا التنظيم لتقويض أسس الجمهورية وضرب مدنية الدولة.
وسلط هذا الإعلان الضوء على الجهود التي يقودها الحزب من أجل الإطاحة بالإسلام السياسي، وهي جهود لا تحظى بإجماع كافة الأوساط السياسية في تونس، ولم تنجح حتى الآن في تحجيم نفوذ الإسلاميين الذين يقودون الائتلاف الحكومي.
ولم تعلن الحكومة التونسية عن بدء إجراءات حل الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وهو ما جعل العديد من الأوساط السياسية ومراقبين يتعاطون مع إعلان الدستوري الحر على أنه “انتصار منقوص” أو محاولة لاسترضاء موسي لا غير.
وشكك منير الشرفي، الذي يرأس المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة وهو مرصد يتجند للتصدي للمخاطر المحدقة بـ”المكتسبات الحداثية في تونس”، في أن الحكومة التونسية ستتحرك ضد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يرأسه القيادي الإخواني يوسف القرضاوي.
واعتبر المحلل السياسي خليل الرقيق أن “تصدي عبير موسي لفرع جمعية اتحاد علماء المسلمين بتونس هو ضربة سياسية ستساهم في ‘تنظيف’ الحياة السياسية”.
وأوضح خليل أن “هذا النجاح مقدمة لمحاسبة العديد من الجمعيات المشبوهة التي تضرب قيم المجتمع التونسي من جانب، وتزرع التطرف في منهجها التربوي من جانب آخر، إضافة إلى الحد من مساهمتها في تمويل أحزاب سياسية بأموال أجنبية وتسميم الحياة الانتخابية والمسارات الديمقراطية في تونس”.
المصدر : العرب اللندنية