كريتر نت – العرب
بحث وزيرا الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله والأميركي أنتوني بلينكن هاتفيا أبرز المستجدات في المنطقة، وعلى رأسها الهجوم الإرهابي الذي شنته ميليشيات الحوثي ضد مطار أبها الدولي جنوبي المملكة.
واستعرض الوزيران خلال الاتصال العلاقات الاستراتيجية بين السعودية والولايات المتحدة وسُبل تعزيزها في المجالات كافة.
وأكد الجانبان ضرورة وقف هذه الأعمال العدوانية، ودعم جهود التوصل إلى حل سياسي لإنهاء الأزمة في اليمن.
وأكد الوزير الأميركي إدانة ذلك الاعتداء، مشددا على وقوف الولايات المتحدة مع السعودية ضد هذه الأعمال العدوانية والتزامها بتعزيز دفاع المملكة.
وأثار هجوم الحوثيين الذي استهدف مطار أبها السعودي الدولي الأربعاء تنديدا عربيا ودوليا واسعا، وطرح العديد من علامات الاستفهام بشأن الرؤية التي استندت إليها الإدارة الأميركية الجديدة في إعلان اعتزامها شطب جماعة أنصار الله الحوثية من لائحة المنظمات الإرهابية.
ووقع الهجوم، الذي يأتي في إطار تصاعد الهجمات التي يشنها الحوثيون بطائرات مفخخة دون طيار لاستهداف السعودية، متزامنا مع أول زيارة للمبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ للرياض، حيث بحث مع وزير الخارجية السعودي ونائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان المستجدات على الساحة اليمنية والاعتداءات الحوثية.
وأعلنت وزارة الخارجية السعودية في بيان أن الأمير فيصل بحث مع المبعوث الأميركي “الجهود المشتركة لدعم سبل الوصول إلى حل سياسي شامل للأزمة اليمنية”.
وتولى الدبلوماسي المخضرم ليندركينغ منصب المبعوث الأميركي لدى اليمن مطلع الشهر الجاري، في خطوة وصفت هي الأخرى بأنها مؤشر إضافي على تغيير نهج واشنطن إزاء الملف اليمني مع بداية ولاية بايدن، الذي قرر تعليق مبيعات الأسلحة إلى السعودية والإمارات ووقف دعم عمليات التحالف العربي بقيادة الرياض في اليمن.
وتعكس تصريحات المسؤولين الأميركيين فداحة القرارات المتخذة التي لا يبدو أنها تمهد للسلام بقدر ما تقوي شوكة المتمردين في الداخل وأيضا لاستهداف المملكة.
وعلى الرغم من تبرير إدارة بايدن لهذه الخطوة بأن إدراج الحوثيين على قائمة المنظمات الإرهابية سيتسبب في أزمة إنسانية كبيرة في اليمن، فإن الكثير من المحللين يروا أنها تشكك في جدية الولايات المتحدة ورغبتها الحقيقية في محاربة الإرهاب، وأنها دليل على سعي إدارة بايدن لتوظيف هذا الملف لخدمة أهدافها في ما يتعلق بانتهاج سلوك مغاير مع إيران يعتمد على تقديم بعض “الهدايا” بدلا من العقوبات.
وتتطابق هذه الرؤية مع وجهة النظر التي عبر عنها وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو، الذي انتقد إلغاء إدراج الحوثيين على لائحة الإرهاب، ووصفه لهذه الخطوة بأنها “هدية للإيرانيين” و”ستسمح للحوثيين بمواصلة إثارة الإرهاب” في جميع أنحاء العالم.
وقال بومبيو في تغريدة على حسابه في تويتر “إنها حقيقة أن إيران ترعى الحوثيين.. إنها حقيقة أن الحوثيين يمارسون الإرهاب”.
وتزامن ذلك بالفعل مع تأكيد محمد عبدالسلام، المتحدث باسم جماعة الحوثي في اليمن، استمرار جماعته في “الدفاع عن البلاد حتى يتوقف العدوان (عمليات التحالف العربي)”.
وأضاف عبدالسلام في حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر “سيستمر دفاعنا المشروع بكل ما نستطيع، متوكلين على الله حتى يتوقف العدوان والحصار تماما”.
واعتبر التحالف الوطني للأحزاب والقوى السياسية اليمنية، أن التصعيد الأخير لميليشيا الحوثي المدعومة إيرانيا، هو تحد سافر لكل الجهود الرامية إلى إحلال السلام في اليمن، متهما إياها بالإصرار على “ارتكاب جرائم ضد الإنسانية منذ انقلابها الدموي المشؤوم على الدولة، وتحويلها الشعب اليمني في مناطق سيطرتها إلى رهائن، وتسخيرها الموارد الوطنية لأغراض الحرب واستمرارها”.
واعتبر التحالف في بيان أن “هذا التصعيد جاء نتيجة لتراخي وتساهل المجتمع الدولي في تنفيذ قراراته الصادرة عن مجلس الأمن والتي كانت كفيلة بإيقاف نزيف الحرب التي تصر عليها جماعة الحوثي، حيث إن هذه الميليشيات رأت في تغاضي المجتمع الدولي عن جرائمها الممنهجة ضوءا أخضر لمواصلة جرائمها الوحشية بحق المدنيين في المدن والأحياء، وقتل المدنيين بلا هوادة، في وقت لا تزال ألغامها تحصد أرواح الأبرياء وتشكل كابوسا للملايين من اليمنيين في العديد من المحافظات”.
ودعا التحالف الوطني القيادة السياسية والعسكرية للدولة إلى موقف أكثر حزما من أجل حماية المواطنين وردع الميليشيات، مطالبا بالانسحاب من اتفاق ستوكهولم، “الذي لم يعد له جدوى في ظل الانتهاكات الحوثية لكافة المواثيق والتعهدات”.
وحمل التحالف الوطني اليمني المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومبعوثها مارتن غريفيث، المسؤولية عن التصعيد الحوثي ضد المدن والأحياء الذي يستهدف حياة السكان المدنيين والنازحين في مأرب والحديدة وكل مناطق اليمن، والممتلكات المدنية في المملكة العربية السعودية، مشددا على أن المجتمع الدولي بات أمام “امتحان إنساني وأخلاقي يفرض عليه الانحياز لحقوق الإنسان وتصنيف الميليشيا الحوثية كجماعة إرهابية”.
وعلى الرغم من ترحيب الأمم المتحدة باعتزام واشنطن إلغاء تصنيف جماعة الحوثي اليمنية منظمة إرهابية، بدعوى أن ذلك “سيوفر إغاثة ضخمة للملايين من اليمنيين الذين يعتمدون على المساعدات الإنسانية والواردات التجارية لتلبية احتياجاتهم الأساسية للبقاء”، تظل هذه الخطوة محل ريبة من قبل العديد من المراقبين في ضوء ما أعقبها من تطورات على الأرض من تكثيف للهجمات وعدم إفساح المجال للجهود الدبلوماسية.
وانتقدت صحيفة وول ستريت جورنال إقدام الإدارة الأميركية الجديدة على رفع جماعة الحوثي من قائمة الإرهاب، واصفة هذه الخطوة بأنها “مقامرة” من قبل بايدن. وأكدت أن “إضعاف الأصدقاء وتقوية جبهة الخصوم (في إشارة إلى الحوثيين وإيران) ليسا الصيغة الجيدة للتوصل إلى السلام”.
وأشارت الصحيفة إلى “تخبط” إدارة بايدن، التي أبلغت وزارة خارجيتها الكونغرس بالتراجع عن الخطوة التي اتخذتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب بتصنيف جماعة الحوثي اليمنية ضمن الجماعات الإرهابية، وبعد ذلك بيومين، طالبت الوزارة نفسها الحوثي بالتوقف عن التصرف كجماعة إرهابية.
ونقلت الصحيفة تصريحات المتحدث باسم الخارجية الأميركية، التي قال فيها “الرئيس (بايدن) يتخذ خطوات بهدف وقف الحرب في اليمن، والمملكة العربية السعودية تؤيد التوصل إلى تسوية عبر التفاوض، وتشعر الولايات المتحدة بقلق عميق، تجاه استمرار هجمات الحوثيين، وندعوهم إلى التوقف الفوري عن الهجمات التي تستهدف مناطق المدنيين في السعودية، ووقف أي هجمات عسكرية جديدة”.
وأشارت الصحيفة الأميركية إلى “تناقض” تصريحات بايدن بالإعلان عن سحب مساندة الولايات المتحدة للعمليات العسكرية التي تشنها السعودية، وتوقف مبيعات الأسلحة المرتبطة بها، وفي الوقت نفسه، تأكيده على مساعدة السعودية في الدفاع عن أراضيها ضد هجمات الحوثيين.
ويرى محللون أن “هدية” بايدن لإيران بالإعلان عن النية في التراجع عن تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية، ربما شجعت طهران على الإيعاز للحوثيين بالمزيد من التصعيد بغية الضغط على بايدن حتى يرفع العقوبات المفروضة عليها، دون الالتزام بشرطه أن تذعن إيران للاتفاق النووي وتتوقف عن خرقه أولا.
وأشارت وول ستريت جورنال إلى أن جماعة الحوثي ترى أنه في أعقاب الخطوة الأميركية بحذف اسمها من قائمة الإرهاب، فإنها تحقق النصر، وستعمل على مد سيطرتها على المزيد من الأراضي في اليمن، كلما تراجعت واشنطن عن موقفها ضدها.
ويرى مراقبون أنه ما بين رسائل ورسائل مضادة بين واشنطن وطهران يبدو أن النزاع في اليمن، الذي راح ضحيته حوالي ربع مليون شخص، لن يجد طريقه إلى الحل قريبا.