كريتر نت – بودابست – العرب
في غرفة مليئة بالنصوص الدينية، يوضح حاخام يهودي كيف يتم شحذ السكاكين جيدًا قبل ذبح الدجاج والإوز وأنواع الدواجن الأخرى في مسلخ للذبح الحلال “كوشر” وفق التعاليم اليهودية في قرية مجرية.
ويقوم الشخص الذي أوكلت إليه مهمة الذبح -وهو شخص متدرب جيدا ومعتمَد لذبح الحيوانات طبقا للتقاليد اليهودية- بتمرير السكين على بعض الأحجار الدقيقة ثم يتحسسها بظفر أصبعه ليتأكد من عدم وجود عيوب في النصل تمنع ذبحا سلسا ونظيفا ودون ألم.
ويقول الحاخام جاكوب ويرتشو، الذي يشرف على الإنتاج في مذبح “كواليتي بولتري” -وهو مذبح قائم منذ أكثر من ثلاث سنوات- إن “من أهم الأشياء التي يجب مراعاتها في الذبح الكوشر أن الحيوان لا يجب أن يتألم كثيرا”.
ويوفر المسلخ ما يقرب من 40 في المئة من دواجن الكوشر في أسواق أوروبا، كما يصدّر النصيب الأكبر من كبد الإوز إلى إسرائيل.
سلومو كوفز: لا يجب أن نجعل حقوق الحيوان أولى من حقوق الإنسان
ورغم أن المسلخ يعتمد المعاملة الإنسانية للكائنات الحية، إلا أنه مع ذلك يقع في قلب نقاش حول كيفية الموازنة بين حقوق الحيوان والحقوق الدينية، ولاسيما أن هناك مناطق في أوروبا تحد أو تمنع تماما ممارسات ذبح الحيوانات التي ينتهجها اليهود والمسلمون.
ووجدت شركات مثل “كواليتي بولتري” أسواق تصدير جديدة منذ أن أصدرت أعلى محكمة في أوروبا قانونا الشهر الماضي في منطقة فلاندرز ببلجيكا يمنع تماما ذبح الحيوانات دون صعقها أولًا. لكن القانون الصادر عن محكمة العدل الأوروبية أثار مخاوف بشأن حظر هذا النوع من الذبح على نطاق الاتحاد الأوروبي.
ويقول الحاخام سلومو كوفز، العضو في جمعية الجاليات اليهودية المجرية والمالك لمذبح “زنجيل”، إن “هذا الحكم لا يؤثر فقط على يهود بلجيكا، إنما يؤثر علينا جميعا. إذا كان هذا هو الحال في بلجيكا، فإنك بذلك تبدأ عملية على نطاق أوسع. وإذا اتبعت هذا المنطق في التفكير، فإن الخطوة التالية هي أننا لن نستطيع بيع اللحوم في هذه الدول (دول أوروبا)”.
وطالب الاتحاد الأوروبي بصعق الحيوانات منذ عام 1979، ولكنه سمح للدول الأعضاء بالاستثناءات القائمة على أسس دينية. ومنذ ذلك الحين اتبعت معظم الدول هذه الاستثناءات. ولكن إلى جانب منطقتي فلاندرز ووالونيا في بلجيكا، ألغت دول مثل سلوفينيا والدنمارك والسويد والدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، مثل سويسرا وأيسلندا والنرويج، الاستثناءات الدينية مما يعني أنه يتعين على هذه الدول استيراد اللحوم الكوشر لليهود واللحوم الحلال للمسلمين.
وقالت مجموعات حقوق الحيوان إن قطع رقاب الحيوانات والطيور دون صعقها أولاً يتسبب في معاناة الحيوان لدرجة تصل إلى حد القسوة. ولذلك اختلفت طرق إفقاد الحيوان الوعي، ولكن يتم تنفيذ الإجراء غالبا عن طريق الصعق بصدمات كهربائية أو الصعق بمسدس صاعق في جمجمة الحيوان.
واعتبر راينيكه هاميليرز، رئيس مجلس إدارة مؤسسة “يوروغروب فور أنيمالز” الواقعة في بروكسل أن “الصعق العكسي هو أقل ما يمكننا فعله تجاه الحيوانات. يجب إفقادها الوعي قبل ذبحها”.
ووفقاً لكوفز، لم يتقبل الكثير من المراقبين الدينيين الأمر، حيث يمنع القانون اليهودي جرح أو إصابة الأنسجة الحية للحيوان قبل الذبح، كما أن الأساليب الحديثة للصعق يمكن أن تؤدي إلى نفوقه أو إتلاف أنسجته بشكل لا يمكن إصلاحه مما يجعل الذبيحة غير متوافقة مع مبادئ الذبح الكوشر.
وعلى الرغم من أن بعض السلطات الدينية الإسلامية أجازت الصعق قبل الذبح، إلا أن مجموعات المسلمين المحلية تجادل بأن الحكم الذي صدر في فلاندرز ووالونيا ينبع أساسا من جهود اليمين المتطرف المعادي للإسلام لمضايقة المجتمعات المسلمة.
وقال كوفز “بغض النظر عما تفكر فيه، فأنت بذلك تجعل حقوق الحيوان أولى من حقوق الإنسان. وإذا كان الناس سيمنعوننا من حقوقنا في تناول طعام وفقا للتقاليد اليهودية، فهذا يعني أنهم يحدون من حقوقنا الإنسانية. وهذا يجلب لنا ذكريات سيئة للغاية، خاصة في مكان مثل أوروبا”.
وظهرت القوانين التي تطالب بصعق الحيوانات قبل الذبح في بعض الدول الأوروبية منذ أواخر القرن التاسع عشر. وفي عام 1933 أقر أدولف هتلر قانونا يسمح بهذه الممارسة بعد أن أصبح مستشارًا لألمانيا، وهو أحد القوانين الأولى التي فرضها النازيون.
وطعنت جماعات يهودية وإسلامية في قانون فلاندرز في المحكمة الدستورية البلجيكية، التي أحالته إلى محكمة العدل الأوروبية لإصدار حكم بشأن توافقه مع قانون الاتحاد الأوروبي.
ثم نصح المدعي العام لمحكمة العدل المحكمة بإلغاء قانون فلاندرز، بحجة أنه ينتهك حقوق بعض الأديان في الحفاظ على طقوسها. لكن المحكمة لم توافق على ذلك، ووجدت أن القانون “يسمح بتحقيق توازن عادل بين الأهمية التي تُعطى لرعاية الحيوانات وحرية المؤمنين اليهود والمسلمين” في ممارسة الدين اليهودي والدين الإسلامي.