كريتر نت – العرب
عبر وزراء دفاع أميركيون سابقون عن غضبهم من أن تجد القوات المسلحة الأميركية نفسها جزءا من صراع سياسي يريده الرئيس دونالد ترامب أن يكون سببا في منع وصول الرئيس المنتخب جو بايدن إلى البيت الأبيض، وأصبح أكثر وضوحا بعد تسريب تسجيل بين ترامب وسكرتير ولاية جورجيا الجمهوري براد رافينسبرجر يكشف مدى الضغوط التي يمارسها الرئيس الأميركي على كبار المسؤولين في الولايات المتحدة.
وعارض آخر عشرة وزراء دفاع أميركيين ما زالوا على قيد الحياة، أيّ انخراط للقوات المسلحة في عملية الانتقال السياسي الجارية في الولايات المتحدة حاليا، وذلك في مقال نشرته الأحد صحيفة “واشنطن بوست”.
ووجّه كلّ من أشتون كارتر وليون بانيتا وويليام بيري وديك تشيني وويليام كوهين ودونالد رامسفيلد وروبرت غيتس وتشاك هاغل وجيمس ماتيس ومارك إسبر، دعوة إلى البنتاغون في هذا المقال من أجل الالتزام بانتقال سلمي للسلطة.
ويأتي النداء الذي وجّهه وزراء الدفاع السابقون في وقت يستعد فيه الكونغرس الأربعاء للمصادقة على فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية، كما يأتي بعد تسريب مكالمة هاتفية بين ترامب ورافينسبرجر.
وقال الموقعون على المقال، وبينهم ماتيس وإسبر اللذان عيّنهما ترامب في البنتاغون، إنّ “الجهود لجعل القوات المسلحة الأميركية تنخرط في حل النزاعات الانتخابية ستقودنا إلى مكان خطير وغير قانوني وغير دستوري”، معتبرين أنّ المسؤولين الذين سعوا للقيام بذلك قد يواجهون عواقب مهنية وقضائية خطرة.
وأكد وزراء الدفاع السابقون أنّ الولايات المتحدة سجّلت في الماضي رقما قياسيا من التحوّلات السلميّة. وأضافوا أن “هذه السنة يجب ألا تكون استثناء”.
ولم يذكر موقّعو المقال على وجه التحديد السبب الذي دفعهم إلى التدخّل في شكل علني. لكنّ الطبقة السياسية في واشنطن شعرت في الآونة الأخيرة بانزعاج من تقارير وردت في وسائل إعلام أميركية أفادت بأنّ إمكانيّة فرض الأحكام العرفية قد أُثيرت خلال اجتماع في البيت الأبيض، وهي معلومات نفاها ترامب.
وأشار موقّعو النداء المنتمون إلى الحزبين السياسيّين الأميركيّين الرئيسيّين، إلى أنّ الطعون المقدّمة بشأن نتائج الانتخابات في ولايات عدّة قد رفضتها المحاكم وأنّ الأصوات قد تمّت المصادقة عليها من جانب حكّام الولايات.
ودعوا القائم بأعمال وزير الدفاع الأميركي كريستوفر ميلر وجميع مسؤولي وزارة الدّفاع إلى تسهيل الانتقال إلى إدارة الرئيس المنتخب بايدن. وقالوا “يتوجّب عليهم أيضا الامتناع عن أيّ عمل سياسي من شأنه تقويض نتائج الانتخابات أو تعريض نجاح الفريق الجديد للخطر”.
وبثت “واشنطن بوست” الأحد مقتطفات من المكالمة بين ترامب وسكرتير ولاية جورجيا، استمرت ساعة، طالبه فيها بالعثور على نحو 11 ألفا و779 صوتا لتجاوز الفجوة مع الرئيس الديمقراطي المنتخب جو بايدن وقلب النتيجة.
وقالت الصحيفة إن ترامب راوح في حديثه مع رافينسبرجر ما بين الإطراء والاستجداء والتهديد بعواقب جنائية غامضة في محاولة لتغيير خسارته في جورجيا أمام بايدن.
وتابعت أن رافينسبرجر ومستشار مكتبه رفضا طوال المكالمة تأكيدات ترامب وأبلغا الرئيس بأنه يستند إلى نظريات المؤامرة بشأن الانتخابات التي جرت بنزاهة ودقة.
وطبقا لمقتطفات من المكالمة التي نشرتها “واشنطن بوست” على موقعها الإلكتروني، قال ترامب “مواطنو جورجيا غاضبون.. الناس في البلاد غاضبون… ولا يوجد ما يمنع من القول، مثلما تعلم، إنك أعدت إحصاء (الأصوات)”.
وجورجيا واحدة من عدة ولايات حاسمة خسرها ترامب لصالح بايدن في انتخابات الرئاسة التي جرت في الثالث من نوفمبر الماضي.
وتابع ترامب في المكالمة المسجلة “انظر.. هذا كل ما أريد منك فعله. كل ما أريده هو إيجاد 11780 صوتا.. لأننا فزنا بالولاية”. وأصر على أنه “لا يمكن بأي حال” أن يكون قد خسرها.
وبعد تسريب المكالمة بساعات قليلة، أكد رئيس فرع الحزب الجمهوري بولاية جورجيا الأميركية ديفيد شيفر أن الرئيس ترامب رفع دعويين قضائيتين ضد سكرتير الولاية بسبب تسريب مكالمة هاتفية سرية بشأن نتائج الانتخابات.
وكتب شيفر عبر تويتر الأحد “قام الرئيس ترامب برفع دعويين قضائيتين – واحدة اتحادية وأخرى محلية – ضد سكرتير ولاية جورجيا براد رافينسبرجر. كان الاتصال الهاتفي الذي سجله رافينسبرجر سرا، بمثابة مناقشة تسوية سرية للتقاضي الذي لا يزال عالقا”.
ويطبق في كل من ولاية جورجيا وواشنطن العاصمة قانون “موافقة من طرف واحد”، مما يعني أن أي شخص طرف في محادثة هاتفية لا يحتاج إلى موافقة من المشارك الآخر لتسجيلها.
ومع ذلك، ادعى شيفر أن التسجيل الصوتي الذي نشرته صحيفة “واشنطن بوست” حذف منه الشرط القائل بأن “جميع المناقشات كانت لغرض تسوية التقاضي وكانت سرية بموجب القانون الفيدرالي وقانون الولاية”.
وأثارت المكالمة الهاتفية المسربة ردود فعل غاضبة في الساحة السياسية بواشنطن حيث اعتبرها كبير مستشاري بايدن دليلا قاطعا على تهديد ترامب لمسؤول من حزبه لتغيير نتيجة الانتخابات ومحاولته إلغاء فرز أصوات قانونية بجورجيا لتلفيق أصوات أخرى، في حين دعا كبير الديمقراطيين بمجلس الشيوخ ديك ديربن إلى إجراء تحقيق جنائي بشأن مكالمة ترامب المسربة.
ونقلت صحيفة بوليتيكو عن رئيس لجنة الاستخبارات النائب الديمقراطي آدم شيف قوله “إن مكالمة ترامب المسربة أبشع إساءة لاستخدام السلطة، وقد تكون ذات طبيعة إجرامية”.
وقبل أن تنشر الصحيفة تقريرها عن المكالمة قال ترامب على تويتر الأحد إنه تحدث هاتفيا مع رافينسبرجر عن تزوير الانتخابات بجورجيا.
وأضاف ترامب أن رافينسبرجر لم يكن راغبا أو كان عاجزا عن الرد على أسئلة عن أمور مثل “بطاقات اقتراع تحت الطاولة، وتدمير أوراق الاقتراع، وأصوات الموتى وغير ذلك. لم تكن لديه إجابات”.
ورد رافينسبرجر على تويتر قائلا “مع احترامي لك سيادة الرئيس ترامب.. ما تقوله ليس صحيحا.. الحقيقة ستظهر”.
ودعا ترامب إلى مظاهرة مناهضة لنتائج الانتخابات في السادس من الشهر الجاري بالعاصمة واشنطن.
ولا يزال يصر على أن الانتخابات الرئاسية قد زُوّرت، وذلك رغم أنه خسر كل الدعاوى القضائية التي رفعها أمام المحاكم الأميركية، والتي يدعي فيها حدوث تزوير واسع النطاق.
وكان المجمع الانتخابي أقر مؤخرا فوز بايدن بالانتخابات، في حين تقول مصادر صحافية إن ترامب هدد بأنه لن يترك البيت الأبيض في يوم تنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن في 20 يناير الجاري.