كريتر نت – العرب
عكس بيان مفاجئ لوزارة الخارجية الأردنية، حذّر من المس بوصاية الهاشميين على الأماكن المقدّسة في القدس، في مقدمتها المسجد الأقصى، قلقا حيال التطورات الإقليمية من جهة وتقلّص الدور الأردني في المنطقة من جهة أخرى.
وجاء بيان وزارة الخارجية الأردنية في ظلّ معلومات نشرتها صحيفة “ذي غارديان” البريطانية ربطت التطبيع، مستقبلا، بين المملكة العربيّة السعودية وإسرائيل باتفاق ثنائي تباركه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وتنتقل فيه الوصاية على المسجد الأقصى من الهاشميين إلى الجانب السعودي.
وتعتبر أوساط عربية أن هناك حساسية مفرطة لدى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني تجاه أي خطوة من هذا النوع، خصوصا أن الهاشميين كانوا قد أُخرجوا من الحجاز لمصلحة أسرة آل سعود مع ما يعنيه ذلك من وضع الأماكن المقدسة الإسلامية في عهدة المملكة العربيّة السعودية. وأشارت هذه الأوساط إلى أهمّية الرابط الديني والمعنوي القائم بين المملكة الأردنية الهاشمية والأماكن المقدّسة الإسلامية والمسيحية في القدس.
وبقيت الأماكن المقدّسة في القدس في عهدة الأردن، على الرغم من الاحتلال الإسرائيلي في عام 1967، لكنّ الأوساط العربيّة تعتقد أن أيّ انتقال للوصاية على الأماكن المقدّسة في القدس من الهاشميين إلى المملكة العربيّة السعودية سيؤكّد تراجعا كبيرا في الدور الإقليمي التقليدي للأردن وذلك منذ قيام كيان شرق الأردن في عشرينات القرن الماضي.
ولاحظت الأوساط العربيّة أن الأردن لا يعاني حاليا من أزمة اقتصادية عميقة فحسب، بل وجد نفسه في عزلة عربيّة ودولية في الوقت ذاته.
وأشارت في هذا المجال إلى التغيير العميق الذي طرأ على العلاقة بالعراق ابتداء من عام 2003 وسقوط نظام صدّام حسين الذي كان يمدّ المملكة الهاشمية بكميات من النفط بأسعار مخفضة، كما كان العراق سوقا كبيرة لكل المنتجات الأردنية.
واعتبرت هذه الأوساط أن الضربة الأهمّ تلقاها الأردن من إسرائيل حيث لم تعد حكومة بنيامين نتنياهو ترى دورا للأردن كوسيط بينها وبين دول الخليج العربي.
وحصرت إسرائيل علاقتها بالأردن في الجانب الأمني على غرار ما هو عليه الحال مع السلطة الوطنية الفلسطينية. وأدّى ذلك إلى استياء كبير للقصر الملكي في ظلّ إصرار من الملك عبدالله الثاني على التأكيد مرّة تلو الأخرى على أهمّية قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية عاصمتها القدس.
وذكرت الأوساط العربيّة أن الأردن يتطلع الآن إلى تغيير في الموقف الأميركي في ظلّ قرب موعد خروج دونالد ترامب من البيت الأبيض. وأضافت أن علاقات ودّية تربط بين العاهل الأردني والرئيس الأميركي الجديد جو بايدن الذي عمد، قبل أيّام قليلة، إلى الاتصال بالملك عبدالله الثاني قبل دخوله البيت الأبيض.
وأشارت هذه الأوساط إلى أن هذا الاتصال يعكس تغييرا كبيرا في الموقف الأميركي من الأردن بعدما كان دونالد ترامب يتعمّد تجاهل الملك عبدالله الثاني كليّا وصولا إلى رفض تحديد موعد له في البيت الأبيض.
وارتبط بايدن بعلاقة جيّدة مع العاهل الأردني، كما كان على علاقة وثيقة بالملك حسين الذي كان دائم الزيارات إلى واشنطن وحريصا في الوقت ذاته على إيجاد رابط بينه وبين الأعضاء البارزين في الكونغرس، من بينهم جو بايدن.
ويشعر الأردنيون بأن مسار السلام الجديد الذي دشنته الإمارات وبعدها البحرين والسودان، وقد يمتد إلى السعودية، جاء على حساب دورهم التقليدي كبوابة للسلام مع الفلسطينيين وقد يهدد شرعية الوجود الرمزي للاردن في ملف الوصاية.
وأخذ مسار السلام الجديد أبعادا أكبر، وخرج من بعد التنسيق الأمني، أو الوساطة التي تضغط على الفلسطينيين لتقديم تنازلات تسمح باستمرار اللقاءات مع الإسرائيليين، إلى بعد جديد يقوم على الشراكة الاقتصادية والتكنولوجية المتكافئة وتبادل المصالح.
وتساءل السير جون جينكينز، القنصل العام السابق للمملكة المتحدة في القدس الشرقية والسفير السابق في الرياض، ماذا بقي للأردن؟ وما الذي سيوفره للأمن الإسرائيلي والإقليمي إذا تطورت العلاقات الإسرائيلية السعودية إلى مرحلة التطبيع، وحصل السعوديون على ورقة الوصاية؟
واعتبر جينكينز أن تطبيع السعودية سيكون له على الأرجح تداعيات واسعة النطاق على الأمن الإسرائيلي والأردني.
ويمكن لهذه الخطوة إذا تمت أن تزيد من متاعب الأردنيين، خاصة مع الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها، فضلا عن تراجع الدعم الذي كانوا يحصلون عليه من دول الخليج والعراق وفشل البحث عن بدائل.
ويمكن لهذه الخطوة إذا تمت أن تزيد من متاعب الأردنيين، خاصة مع الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها، فضلا عن تراجع الدعم الذي كانوا يحصلون عليه من دول الخليج والعراق وفشل البحث عن بدائل.
واعتبر عدنان أبوعودة، أحد كبار مساعدي الملك عبدالله ووالده الملك حسين، أن “إسرائيل تمارس الضغط والابتزاز على الأردن في مسألة الوصاية وتهدد بإعطائها للسعوديين، وهذا ليس بعيد المنال”.
هذا في الوقت الذي حذّر فيه جواد عناني، وزير الخارجية الأردني الأسبق، السعوديين من التعجّل في “منح نتنياهو أو ترامب في الوقت الحالي، المزيد من الانتصار السياسي لأنهم مضطرون إلى التعامل مع إدارة أميركية جديدة يحتمل ألا تكون متفهمة لموقفهم”.