كريتر نت – العرب
ترسخت فكرة لدى الرئيس السابق باراك أوباما من أن صعود الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب وفوزه بالانتخابات الرئاسية قبل أربع سنوات زعزعا صورة الولايات المتحدة وأدّيا إلى انقسام في البلاد، ولذلك يعتبر في كتاب سيصدره قريبا أن الوقت قد حان لمحو فترة التشرذم من الذاكرة في ظل حكم شخصية اتسمت بالضبابية والعمل على بناء بلد موحد.
يعتبر الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما أن تحسين صورة الولايات المتحدة كانت أحد أبرز إنجازاته مبررا ذلك بالشعبية التي حظي بها لدى عدد من القادة، ما أتاح له التقرب ومخاطبة الناس بصورة مباشرة من إندونيسيا مرورا بغانا وصولا إلى كوبا.
وتحدث الرئيس الرابع والأربعين للولايات المتحدة في كتاب سيصدر قريبا عن “انقسامات الولايات المتحدة العميقة” وإلى أي درجة لن تكون مغادرة دونالد ترامب البيت الأبيض كافية وحدها لتصحيحها.
وقد تولى أوباما منصبه في وقت كانت فيه صورة الولايات المتحدة تعاني من تبعات الحرب في العراق ومن تدهور شعبية جورج بوش في العالم، وهو اليوم يحاول إحياء مبادراته القديمة التي تهدف إلى توحيد الأميركيين دون خطابات تؤدي إلى الازدراء من الآخرين.
وفي مقتطفات من المجلد الأول لمذكراته التي جاءت بعنوان “أرض الميعاد” (أي بروميسد لاند) الذي سيطرح في الأسواق الثلاثاء المقبل ونشرت مجلة “ذي أتلانتيك” الأميركية مقتطفات منه، يعود أوباما إلى السنوات الأربع الماضية منذ مغادرته البيت الأبيض.
أوباما يقول في كتاب “أرض الميعاد”؛ إن الأمر الأكثر قلقا ربما هو أنه يبدو أن نظامنا الديمقراطي يغرق في أزمة متجذرة بين رؤيتين مختلفتين للولايات المتحدة
ونُشرت مقتطفات من الكتاب الجديد في الصحافة الأميركية والبريطانية. ومن المقرر أن يتحدث أوباما بتفاصيل أكثر حول كتابه إلى محطة سي.بي.أس الأميركية في مقابلتين الأحد المقبل.
وكتب أوباما يقول إن “الأمر الأكثر قلقا ربما هو أنه يبدو أن نظامنا الديمقراطي يغرق في أزمة.. أزمة متجذرة بين رؤيتين مختلفتين للولايات المتحدة؛ ما هي عليه وما يجب أن تكون”، منددا بضرب معايير عرض الحائط، والتخلي عن أمور كانت لفترة طويلة “أمرا مكتسبا” بالنسبة إلى الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء.
وبمراجعة صعود ترامب إلى السلطة، ينظر أوباما في كيفية استغلال الرئيس المنتهية ولايته للميل المتزايد بين الجمهوريين إلى الاستغناء عن الأدلة والتقاليد السياسية المهذبة، باسم معارضة الرئيس الأسود الأول.
وكتب أوباما يقول “بهذا المعنى، لم يكن هناك فرق كبير بين ترامب و رئيس مجلس النواب جون بوينر أو زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش مكونيل. لقد فهموا أيضا أنه لا يهم ما إذا كان ما قالوه صحيحًا.. في الواقع، كان الاختلاف الوحيد بين أسلوب ترامب في السياسة وأسلوبهم هو افتقار ترامب للمنع”.
ومع اقتراب رئاسة المرشح الديمقراطي جو بايدن من البيت الأبيض، يبدو من المرجح أن يشغل الجمهوريون مجلس الشيوخ، وبين الديمقراطيين يكمن الكثير من الأمل في إحراز تقدم تشريعي في كيفية تمكن الرئيس الجديد من التعامل مع زعيم مجلس الشيوخ المتشدد المعروف، كما يقول أوباما.
ورحب أوباما، وهو أول أسود في تاريخ الولايات المتحدة يتقلد منصب الرئيس، بانتخاب نائبه السابق جو بايدن رئيسا للبلاد، محذرا من رؤية وردية للسنوات التي تلي ترامب. وقال “أعلم أيضا أن انتخابات واحدة لن تساهم في معالجة المشكلة”. وأوضح “انقساماتنا عميقة وتحدياتنا كبيرة”.
المجلد المؤلف من 768 صفحة يغطي صعود أوباما إلى مجلس الشيوخ الأميركي ثم البيت الأبيض كرئيس منذ 2009 إلى العام 2017. وقد أكد في مذكراته أنه “يأمل خيرا” في المستقبل مقتنعا بأنه يمكن للولايات المتحدة أن تعكس “أفضل ما لدينا إذا عملنا بتصميم وبخيال واسع”.
ويعود الرئيس السابق إلى سنواته في البيت الأبيض ويقول إنه اختار بايدن مبعوثا له إلى ماكونيل جزئيا بسبب “إدراكه أن المفاوضات مع نائب الرئيس في ذهن ماكونيل لم تؤجج القاعدة الجمهورية بنفس الطريقة تماما مثل أي مظهر للتعاون مع أسود أو اشتراكي مسلم”.
وكان أوباما قد حذر أمام نواب من الحزبين الجمهوري والديمقراطي على هامش الانتخابات الرئاسية في العام 2016 من أن ترامب يسيء إلى صورة الولايات المتحدة في الخارج منتقدا بعض الممارسات في حملاته الانتخابية، التي قال حينها إنها “يمكن أن تضيع مكاسب تم تحقيقها خلال ولايته الرئاسية”.
ويعكس كلام أوباما في ذلك الوقت قلق إدارته إزاء اللهجة العنصرية في خطاب ترامب آنذاك وقال “يتعلق أيضا بصورة الولايات المتحدة”، منتقدا “الخطابات الفظة والمثيرة للانقسام ضد نساء وأقليات، ضد أميركيين لا يشبهوننا أو لا يصلون مثلنا أو يقترعون مثلنا”. وأضاف “الأمر يتعلق أيضا بصورة الولايات المتحدة. من نحن؟ كيف يرانا الناس في الخارج؟… العالم يتابع ما نقوله وما نفعله”.