كتب : محمد الثريا
( مغادرة الوزير الميسري ليست إنتصارا والتحدي الحقيقي يكمن فيما هو أبعد من ذلك ! )، هذا بالتحديد ملخص الحديث الذي أود من الجميع فهمه واستنباط رسالته ومغزاه جيدا.
في تصوري ان مشكلة المجلس الانتقالي لم تكن أساسا في بقاء الميسري من عدمه حتى يتم تسويق الخلاف مع شخص الميسري على انه معركة مصيرية تقتضي الخروج بنتيجة “منتصر أو خاسر”، وبالتالي تهليل البعض لرؤية الميسري مغادرا المشهد .
هذا طرح فيه الكثير من القصور وربما التجاهل المتعمد لمكمن المشكلة الحقيقية ..لماذا؟
الوزير الميسري يكاد يكون المسؤول الحكومي الوحيد الذي يشغل منصبا سياديا ورفيعا بالدولة ومن الشخصيات السياسية القليلة التي عبرت عن رفضها علنا حول ما تنتهجه سياسات التحالف من اخطاء باليمن وايضا في الكيفية المزدوجة في إدراة الصراع شمالا وجنوبا، وهو الأمر الذي ربما يلتقي فيه الميسري مع معظم الشعب ويتميز به عن بقية السياسيين والقادة ،من هنا تقريبا برزت شعبية الرجل، واستطاع كسب احترام الكثيرين بمن فيهم بعض خصومه هذا أولا، أما ثانيا ! فيشترك طيف شعبي ونخبوي واسع مع مخاوف وتوجسات الوزير الميسري تجاه مشاريع خصومه السياسيين، هذا ليس أمر خافيا على أحد ، ويبدو بالفعل ان ذلك الطيف يرى في شخص الوزير الصوت الصريح والمعبر عما يجيش في صدره لحظة سماع خطاباته ومشاهدة مواقفه .
جيد .. الى هنا نكون قد وصلنا الى النقطة المراد استيعابها والتي تؤكد ان شخص الميسري ليس محرر الصراع حتى يتم تصنيف مغادرته بالانتصار، أي ان ثمة هنالك بالفعل ماهو أبعد من ذلك وأهم من حيث الالتفات اليه وفهم حقيقته !
أن الهالة الشعبية المتضامنة وردود الأفعال الرافضة التي أحدثتها تسريبات رحيل الميسري قد كشفت بالفعل عن نوع التحدي الحقيقي الذي ينبغي على قادة وانصار المجلس الانتقالي مواجهته بشجاعة ومسؤولية، وهو ما سألخصه في السؤال التالي !
هل لدى المجلس حقا قدرة إحتواء ذلك القطاع المناؤى الذي طالما عبر عنه خطاب الميسري في اكثر من مناسبة؟ وقبلها هل يمتلك الانتقالي آلية حقيقية قادرة على أقناع مناؤيه ممن يتشاركهم الهوية والجغرافيا فيما يخص صوابية الرؤى والأدبيات التي يتبناها حتى يضمن لنفسه النجاح والاستمرار مستقبلا؟
ـ نقطة أخيرة :
وكما ان الشرعية ستخسر كثيرا برحيل الميسري، فإنه من المرجح ايضا ان يتلقى الانتقالي خسارة مماثلة بالمقابل وفقده لقيادات بارزة قد تغادر المشهد قريبا، حينها ماهو معيار النصر والخسارة بنظرك؟
لذلك قلنا ان معضلة الانتقالي لاتكمن في بقاء الميسري او رحيله بقدر ماهي كامنة في القطاع المناؤى الذي كشفت عنه تلك الهالة المصطفة خلف الوزير، وكيفية تعاطي المجلس بجدية وعمق مع مخاوف وتوجسات خصومه ..!