د/ يوسف سعيد احمد
فرضت الولايات المتحدة اليوم الاثنين ٥ نوفمبر ٢٠١٨ حزمة جديدة غير مسبوقة من العقوبات ضد ايران. وايران نفسها تعلن تحديها لهذه العقوبات هذه العقوبات تشمل قطاع النفط والغاز و وقطاع المصارف والنقل البحري والجوي و رجال اعمال ايرانين وكيانات اقتصادية وعسكرية اخرى وبكل تاكيد سيكون اثر حزمة هذه العقوبات مؤلمة على الاقتصاد الايراني وقبل كل شيء على العملة الايرانية التي تاثرت سلبا قبل سريان العقوبات منذ ان اعلنت الولايات المتحدة نيتها فرض عقوبات جديدة.
وبغض النظر عن موقفنا من سلوك النظام الايراني التوسعي اقليميا فان العقوبات الاقتصادية منطقيا لا احد يؤيدها باستثناء تقريبا الدول المتضررة من السلوك الايراني وهذا من حقها . لكن الولايات المتحدة بهذه العقوبات لاتستطيع ان تكتم انفاس الاقتصاد الايراني تماما على الاقل لثلاثة اسباب
اولها
خبرة ايران الطويلة في مواجهة العقوبات التي فرضت عليها الولايات المتحدة والمجتمع الدولي في السابق والتي استمرت نحو ١٥ عاما .
في هذا السياق بدأت ايران في التحوط ضد العقوبات بشكل مبكر حيث باتت تحتفض بكميات ضخمة من النفط الخام في عرض البحر في بواخر عائمة تستطيع بيعها بسهولة للبلدان التي يرتفع عندها الطلب على خامات النفط وعبر وسطاء وباسعار منافسة .
ومنذ شهرين تقريبا اقفلت كل الناقلات النفطية الايرانية اتصالاتها بالاقمار الصناعية ووضعت في حالة صمت مطبق لمنع الاقمار الصناعية من مراقبة حركتها وفي هذا ايران بارعة في التملص من العقوبات الدولية ايا كانت.
وثانيهما
ان العقوبات الاقتصادية المفروضة على ايران هذه المرة من قبل الولايات المتحدة لم تلق قبولا من المجتمع الدولي مثلما كانت العقوبات السابقة . فالصين وروسيا تعارضها واوروبا الحليف الاقرب الى الولايات المتحدة تعارض هذه العقوبات ايضا حيث ابقت على الاتفاق النووي مع ايران دون تغيرر والاخيرة وضعت نظم دفع مضادة تمكن اوروبا من استخدام نظم دفع اوروبية وبالتالي استمرار استمرار ايران في التعامل مصرفيا مع اوروبا لكن هل هذا النظام الاوروبي الذي صمم للتملص من العقوبات الامريكية هل هو محكم او غير محكم فهذا موضوع آخر .
ثالثهما
ان الولايات المتحدة نفسها هذه المرة ايضا لم تستطع فرض عقوبات على كيانات البلدان الرئيسة الشريكة التي تتعامل مع لايران نفطيا.. فقد استثنت ثمان دول من العقوبات الارتدادية على ايران وسمحت لها بان تستمر مؤقتا باستيراد النفط من ايران هذه الدول هي الصين والهند وتايوان وايطاليا وكوريا الجنوبية وتركيا واليونان ..وتمثل اكبر الشركاء التجارين لايران .
بقدر مايعتبر اسلوب العقوبات المنفردة التي دأبت الولايات المتحدة على استخدامة والتي تحاول ايضا بعض الدول محاكاتة و تقليدة في اوروبا واسيا ضد الدول المجاورة التي تنازعها المصالح او بشكل متبادل نموذج اوكرانيا روسيا على سبيل المثال والاخيرة تعاني من عقوبات اقتصادية غربية قاسية وظالمة ” غير ان الولايات المتحدة تستخدم هذه العقوبات بشكل فضيع ومدمر بحق الدولة او الدول التي تختلف معها او ترى انها منافسة وتشكل تهديدا لمصالها اقليميا او على النطاق الدولي وبذلك فاسلوب العقوبات الاقتصادية غير قانونية من وجهة نظر القانون الدولي لانها تتم خارج الشرعية الدولية وتعبيرا ضافيا عن الغطرسة و التسلط والتجبر الامريكي في العلاقات الدولية بقد ماتعتبر العقوبات الاقتصادية التي تستخدمها الولايات المتحدة كوسيلة لاخضاع الدول مقيتة وتندرج ضمن الاساليب المتوحشة التي تستخدمها بعض النظم الراسمالية وخاصة الولايات المتحدة التي تستغل سيطرتها على النظام المالي والنقدي الدولي وتمتعها بحبروت عسكري واقتصادي عالمي مسيطر .
لكن من وحي مايحدث الآن مع ايران وفي ظل التطورات و المتغيرات التي يشهدها العالم والتي في المجمل لاتصب قطعا وان على المدى البعيد لصالح الولايات المتحدةاقتصاديا وعسكريا مع التغير المستمر في مراكز القوة الذي ينتقل تدريجيا لصالح آسيا يمكن القول ان نظام واسلوب العقوبات الاقتصادية الامريكية بدأ يتفكك ويفقد اهميتة .
و من ناحية اخرى من واقع ماتتركة العقوبات الاقتصادية الامريكية من آثار فقد اثبتت التجارب ان اسلوب العقوبات لايصيب الدول او المسؤولين في الدول الاخرى التي صممت هذه العقوبات ضدها بقد ماتصيب الشعوب وتلحق بها افدح الاضرار معشيا واجتماعيا وحرمان المواطنين في البلدان التي استهدفتها العقوبات ليس فقط من العيش في كرامة ولكن ايضا من الاتصال والسفر وتلقي العلاج في الخارح وهذا هو الجوهر القبيح للعقوبات الاقتصادية وهو لوحدة لايتعارض مع القانون الانساني الدولي فحسب ولكن ايضا يشكل انتهاك للعلاقات الدولية و للكرامة الانسانية .