كتب : محمد الثريا
هنالك مثل شعبي قديم يقول : ” قاوم جيش لكن لاتقاوم عيش(خبز) ” باعتقادي ان شاهد المثل لايحتاج الى الكثير من الشرح والتفصيل فعندما يتعلق الامر بأقوات الناس وحاجاتهم فأن الامر يتحول هنا تلقائا إلى ماهو ابعد من مجرد مقاومة او صمود اسطوري تسعى لتجسيده او حتى استثماره سياسيا ؛ اذ لاتمتلك في مثل هكذا مواجهة الا خيار الانحناء امام تلك الرغبة الجارفة والاذعان لدعوى تلبيتها والمضي معها .
أتذكر جيدا عشية الاعلان عن قرار الادارة الذاتية وطلب أحد الاصدقاء التعليق حول حظوظ الخطوة تلك !
وبالفعل كنت قد كتبت ساعتها قراءة مغتضبة تفسر الخطوة عقب الاعلان عنها مباشرة . لكن وبالعودة إلى سؤال حظوظها ومستقبلها فقد جعلت حينها إجابة ذلك في عبارة واحدة : (نحو تحصين الخطوة شعبيا لاستثمارها إعلاميا ) ومردفا بالقول : بهكذا توجه سيكون أفضل وحينذاك يمكن ان يكتب لها النجاح .
في المعترك السياسي تظل أولوية تحصين الفعل السياسي أحد أهم شروط وعوامل النجاح والاستمرار ودون ذلك لامعنى لاي خطوة سياسية تواجه بها الخصم بل سرعان ما سوف تتحول مبادراتك السياسية تلك الى مجرد ظواهر صوتية وهجمات مرتدة على مرماك حال لم تضع بالحسبان مسألة تأمينها وتمنيعها من الداخل قبل الخارج .
ينبغي ان يدرك الاخوة في الانتقالي ان ما تم تحقيقه على الصعيد العسكري بالامكان افراغه سياسيا من بوابة استهداف المزاج العام المؤيد للمجلس وتطويع ملف الخدمات لصالح ذلك الهدف .
ففي ظل صراع واسع ومفتوح تشهده الساحة الجنوبية منذ سنوات بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي سيبدو بديهيا للجميع تفعيل محاولات افراغ خطوة الادراة الذاتية التي اقدم عليها الانتقالي وكذا استمرار حالة الشد والجذب السياسي خلالها وهو ما حصل بالفعل منذ صبيحة اعلانها وحتى اليوم .
اذ جاء التصعيد العسكري يومها من قبل الشرعية والذي فشل كما يبدو في تحقيق المرجو منه، لتأت اليوم حلقة اخرى تتمثل بفخ الرواتب المتعثرة واعتصام العسكريين .
بيدا ان كل ما يحدث الان يفترض انه كان أمرا متوقعا منذ البداية وقد تم اعداد الكيفية الملائمة للتعامل معه عدا ان ما نراه اليوم من خلال تعاطي قيادة الادارة الذاتية يبدو عكس ذلك تماما ..فأين الخلل؟
بصراحة نستطيع القول ان الأداء المتذبذب والغير مطمئن للادراة الذاتية يجعل الانتقالي في سباق مع الزمن من حيث تطبيق اتفاق الرياض باسرع وقت تجنبا لتداعيات ذلك الأداء والحرج خصوصا في ظل إكتفاء التحالف بمشاهدة ملف الخدمات والرواتب وغيرها دونما تحرك او حتى تعليق منه رغم ان انها مسؤوليته في المقام الاول وضمن المهام المكلف بها أمميا.
للتنوية :
ـ الاخوة زوار المولات من قيادات المجلس الانتقالي اظنه كان الأحرى زيارة خيام الاعتصام أولا في هذا الظرف تحديدا بدلا من زيارة مركز تجاري زاره عشرات القيادات قبلكم حتى انهم التقطوا صورا أكثر .
ـ زيارة د. الوالي للمعتصمين وحدها ليست كافية.
ـ اتصال اللواء احمد بن بريك بصفته رئيس الادارة الذاتية وحديثه للمعتصمين لم يكن موفقا.
ـ بيان اللجنة الاقتصادية التابعة للمجلس ليس حلا.
الناس تنتظر منكم خطوات اكثر جرأة ويتوقعون منكم مساع اكبر وجهودا اكثر عملية للخروج من هكذا وضع كارثي ” الشعب يجوع ” .
ـ افهموا اللعبة ” وقع الخدمات المتردية وانقطاع الرواتب وأثره على المواطن جميعها مفتعل ويدخل ضمن لعبة صنع التعقيدات وانتظار النتائج ( مساومات قذرة ). وهذا بطبيعة الحال لن يولد انعكاسات جيدة لصالح الموقف التفاوضي الحالي او حتى لصالح رسم صورة مستقبلية يسعى لها المجلس الانتقالي وبخاصة حينما نتحدث عن مكون جنوبي متماسك ينتظر السلطة والحكم..
ـ أنتم بحاجة مواقف أكثر مسؤولية ترتقي الى مستوى حدث اليوم وتحدي الغد وقبلها انتم بحاجة عملية مراجعة شاملة لسياسات وأداء المجلس عامة.