كتب : جميل الصامت
الامن السياسي نيابة للصحافة ..
منتهى تسعينات القرن الماضي تعرضت لعملية اختطاف اثناء توجهي الى مقر عملي في صحيفة الجمهورية وتم ايداعي سجن احتياط امن المحافظة على خلفية تغطية اخبار الانتفاضة الشهيرة لابناء قراضة صبرالموادم م تعز ضد نظام الهضبة ممثلة بعداللاه القاضي وزمرته ..
وماهي الا ساعات لاتعرض لعملية اختطاف ليلية من داخل ذلك السجن من قبل ضباط موتورين يتزعمهم ضابط من ابناء محافظة مارب وخلال العملية رفض رئيس فرع الجهاز بتعز حينها العميد/فيصل البحر ذلك الاختطاف ،وتم ارجاعي من منتصف الطريق الى سجن احتياط امن تعز مخيبا آمال الخاطفين …!
رفض العميدالبحر اختطافي الى الامن السياسي من منطلق ان الجهاز غير معني بقضايا الصحافة والنشر ،وذلك محسوب له حقيقة ،باعتبار ان قضية الانتفاضة المسلحة وماصاحبها من تغطية اعلامية واسعة قضية لاتندرج ضمن مسئولياته كونها اتت على خلفية تدخل سافر لاحد قادة الجيش واستخدام القوة المفرطة ضد المواطنين بجيش وسلاح الدولة السيادي خارج القانون ..
الانتفاضة لابناء قراضة في يونيو 1999م اخذت حقها من الاهتمام المحلي والدولي وتدخل البرلمان وشكل لجنة تقصي وكانت فضيحة نظام الهضبة بجلاجل كما يقال ..
تعرضت مع بقية المنتفضين للاعتقال دام ثلاثة اشهر في السجن المركزي بتعز ..
بدورها النيابة العامة اصدرت قرار اتهام بقائمة ال70 متهما مشاركا في الانتفاضة الشعبية وكنت رقم 69 اي قبل الاخير انفردت بتهمة نشر اخبار تكدر الراي العام بحسب توصيف النيابة ومن يقف خلفها .
جرت محاكمتنا جميعا -12 من القائمة اتهموا بالحرابة وتوزعت بقية التهم على الاخرين –
إلا أن القضية جرى تصفيتها بعد صدور الحكم الابتدائي من قبل السلطة نفسها مصدرة قرار الاتهام ،رغم طعني عليه ومطالبتي بالتعويض عما لحقني من اضرار الاعتقال والتعسف…
ما اود الاشارة اليه هو حالة المفارقة بين الامس واليوم اذ خضعت الشهر الماضي لعملية تحقيق في جهاز الامن السياسي بتعز انصبت حول منشوراتي ،باعتبار انها تهدد الامن القومي لسلطة الامر الواقع ويضيق بها ذرعا اولئك المتربعون على رأس هرم تلك السلطة ،كونها كما يدعون تحرض عليهم حد زعمهم وقد تسحب البساط من تحتهم كما يتوهمون ،ويصنفها بعضهم انها تفضح مالايمكن فضحه ،ما قد يستفيد منها الطرف الآخر وفقا لتفسيرات اعتسافية لاتختلف عن تلك التي وجهت بها من قبل امير جماعة انصار الشريعة التابع لتنظيم القاعدة اثر اختطافي في 13 مارس 2016م ..
تحاشينا الخوض في التفاصيل او الغوص في العميق كمايقال ليبقى التنويه الذي لابد من الاشارة اليه ان الجهاز يبدو الافضل من حيث الاحتفاظ بقوامه المؤسسي كجهاز دولة – له خصوصيته ونسعى جميعا لدعم مهنيته وتعزيز دوره بغض النظر عن ملاحظاتنا على ادائه – وهذا يحسب له انه حافظ على قومه المهني ولا اظن ان هناك مدني من غير منتسبي الجهاز قد ضم الى قوامه ،يعني لم يصبه ما اصاب بقية الاجهزة الامنية من تحلل وتجريف ..
وهنا لايمكننا اغلاق هذا السرد المقتضب دون الاشارة لبعض القضايا الحقوقية كدفعة (الشياطين) كما تسمى جلهم قد امضوا زهاء العقد والنصف وغالبيتهم يحمل مؤهلات عالية ،ولم يتم ترقيتهم في الوقت الذي تمت الترقيات لمنتسبي الداخلية والدفاع ومنحهم رتبا ب(الهبل) كما يقال فضلا عن رفع مرتبات هاتين الجهتين بنسبة 100% وبقي منتسبو الجهاز محرومون من الترقيات والتسويات المستحقة في الرتب والراتب معا وهذا حق لاي موظف دولة ..
الاستثناء الغير مفهوم هذا قد يؤثر سلبا على الاداء والذي ينبغي ان يتطور لخدمة البلاد ولصالح الجهة نفسها او اي مؤسسة يعول عليها تقديم خدمة في مجال حساس بعيدا عن اجندة حماية السلطة ورموزها …
بامكان الاعتماد على حدث ثورة 11فبراير كمرتكز للترقيات كما حدث ابان الوحدة اذ تم منح كل موظفي الجهاز رتبا عسكرية (رتبة الوحدة) كحدث مهم وعظيم وهنا يمكن الاعتماد على ثورة فبراير لمنح رتبا وحقوق مستحقة اصلا ،لتحفيز الكادر لبذل المزبد ..
وحتى يقوم الجهاز كجهة امنية مهمة بدورها لابد من الالتفات لحقوق المنتسبين ابتداء بالتغذية وانتهاء بالحقوق المادية والمعنوية ،وبالذات المعينة للاداء الوظيفي ..
رئيس فرع الجهاز وخلال عملية نقلنا الى استراحة المحافظة للقاء المحافظ ،ادركنا انه يفتقر للوازم تحركاته من محروقات وغيره وألمح الى مايشبه شحة وتقتير في مايقدم له نظير قيامه بمهامه الوظيفية ..
ماذكر ليس نتاج شكاوى لاحد كما قد يتبادر للبعض، ولكنه نتاج للحدس الصحفي فالصحفي هو كبير المخبرين يشتم رائحة الخبر ويغوص ليخرج خبايا القضايا والامور ويقرأ مالم تبوح به الالسن وتكشفه السطور علاوة على قراءة مابينها ..
ومع كل ماسلف علينا ألا ننسى ان الجهاز بوضعه الحالي ليس اكثر من خادم لسلطة الامر الواقع ،ولابد من الارتقاء بدوره والعمل من اجل استقلاليته في التزام الحياد ازاء قضايا الصراع السياسي بين مكونات واطراف المنظومة السياسية ،فما حدث معنا خير دليل ولايمت للحياد بصلة …