كريتر نت / كتب- عبدالستار سيف الشميري
تشكلت في الخمس السنوات الأخيرة ثلاثة محاور في المنطقة تشكل خلاصة من انتهى إليه الوضع السياسي والعسكري ، ويدخل اليمن في دائرة الاوراق التي تتجاذبها هذه المحاور وتصنع فيها الأحداث ، ونحاول في عجاله ودون اطناب في التفاصيل القراءة لهذه المحاور وما سوف تأول إليه الأحداث في الشرق والمنطقة العربية واليمن على وجه الخصوص من خلال عناصر القوة والضعف في هذه المحاور .
المحور الاول محور تركيا وقطر والاخوان هو ثلاثي تجمعه رؤية الاخوان وتموله قطر وتعمل على انتشاره وتوسعه تركيا .
هذا المحور هو نتيجة طبيعية لتراجع وانحسار دور الاخوان في المنطقة والهزائم التي حلت به بعد قطع راس الافعى في مصر ويعمل من منطلق الانتقام وإعادة التموضع من جديد ويمتد من تركيا وقطر إلى اليمن والصومال وليبيا وتونس وسوريا ويحاول أن يتواجد في العراق والمغرب العربي تحت لافتات مختلفة
تتنوع وسائله بين القوة العسكرية إلى الماكينة الإعلامية الكبيرة ويعمل على تقويض الأمن والاستقرار بطرق مختلفة ويتنامى هذا الدور بعد انتهاج ارودغان لسياسة تتجه شرقا بعد فشله بالانضمام لنادي الاتحاد الأوربي والتنظير للعثمانية الجديدة باعتبارالشرق هي تركة الرجل المريض الذي تعافى وأمامه صعوبات لأن يحرز انتصارات ووقائع على الأرض باعتبار المعارضة الشعبية له في المنطقه بعد انكشاف طريقة حكم الإسلاميين وسقوط الشعارات ويتقاطع هذا المحور ويتكامل مع المحور الثاني محور إيران وحزب الله والحوثيين ومن يدور في فلكهم في العراق وسوريا وغيرها ، ورغم اختلاف الإرادات إلا أن هناك مصالح مشتركة بين المحورين أهمها العداء المشترك المحور الثالث في المنطقة محور الممانعة والصد العربي متمثلا في السعودية والإمارات ومصر حيث يجد هذا المحور ملزما في الدفاع عن الوجود العربي ومصالحه بعد عجز اي قوة عربية عن عمل شي بعد سقوط نظام صدام في العراق الذي كان يشكل حائط صد لاي غزو ايراني في الخليج والجزيرة العربية عموما.
وأمام هذا المحور تحديات هائلة في ظل مواجهته لمحورين لديهم ادوات داخل كل الدول العربية تشكل نزاعات داخلية عميقة ولقد أثبتت الخمس السنوات الخمس الأخيرة بوضوح حجم الاحتراب العسكري والامني والاقتصادي لكل هذه المحاور وفي ظل الاستقطاب الدولي للدول الكبرى تحديدا امريكا وبريطانيا وروسيا في دعم هذا المحور اوذاك وتناقض المصالح في ظل ذلك كله ازدادت حجم التعقيدات لاسيما الدور الروسي الذي تربطه علاقات بالثلاثة المحاور المذكورة فيما يبدوا تناقض وازدواج وهو ليس كذلك أكثر منه انطلاق من مصالح روسيا التي يديرها الرئيس بوتين بحرفية منقطعة النظير تجمع بين الشي وضده فهو حليف لإيران وصديق لمصر وتربطه علاقات بتركيا ومثلها مع السعودية والإمارات ، على غير الموقف الأمريكي الذي ينحاز لمحور السعودية وحلفاؤها غالبا لاسيما في فترة حكم الجمهوريين وانتهاج سياسة مغايرة لما كان في عهد أوباما تجاه إيران والإسلام السياسي عموما ، اما بريطانيا المتذبذه احيانا فهي تلحق بالموقف الامريكي غالبا وتغيب معالم رؤيتها للمنطقة وطبيعة الصراع.
وهو مايكشفه المندوب الاممي في اليمن جريفت الذي يحاول استرضاء كل الأطراف بتحركاته وتقاريره واحاطاته التي يدبج فيه كلمات الشكر والعرفان للجميع دون مسوغ وحتى الحوثيين يجدون من المدح والاطراء في احاطاته مما يشعرهم أنه دولة وليس مليشيات.
هذه المحاور التي ولدت من رحم الصراع وتناقض المصالح والاطماع وكانت اليمن في القلب من ذلك كله يبدوا أنها ستستمر لعقود طويلة وستكون محرك كل الاحداث القادمة ولفترة زمنية طويلة مالم تتغير الأنظمة الحاكمة في تركيا وإيران تحديدا وان كان ذلك يبدوا قريبا في تركيا إلا أنه ليس يسيرا في إيران في ظل القبضة الأمنية والدينية الكبيرة التي تحتاج مخاض عسير وطويل للفكاك والخلاص وماسواهم من دول صغيرة كقطر أو جماعات ارتزاق كالاخوان ستسقط ضمنا مع سقوط أحد الجسميين الرئيسين في محاور الشر والاطماع.
إن المهام والتحديات أما محور الممانعة العربي كبيرة وممتدة وتحتاج إلى إصلاح في البيت العربي واستقطاب دول عربية أخرى وإعادة شي من اللحمة العربية مع التنسيق مع الجسم الاسلامي الكبير لاسيما دولة باكستان التي تتجه انضار إيران وتركيا إليها باعتبارها قوة إضافية ، يمكن الظفر بها من كلا المحورين وان كانت أقرب للمحور العربي الممانع نظرا لمصالحها الاقتصادية المتجذرة في الخليج العربي ولمسار سياستها الخارجية منذ عقود.
ويمكن هنا الإشارة أن تعافي ليبيا وخلاصها من الانقسام ودعم مصر لها عسكريا وأمنيا سيشكل إضافة قوية لما تشكله ليبيا من قوة اقتصادية هائلة وتأثير فعال في المغرب العربي وأفريقيا ولعل قادم الأيام ستشهد مزيد من الازمات والاشتباك بكل تمظهراته المختلفة في معظم البلاد العربية وفي طليعتها اليمن.
لقد تغيرت خارطة الصراعات والتجاذبات السياسة في السنوات الأخيرة لكن أبرز هذه التغيرات واهمها بامتياز هو انحسار مشروع الاسلام السياسي اذا لم تكن موته السريري ولأجل غير مسمى وسيبقى شبحه في إيران يصارع الحياة حتى حين أما ماتبقى له من أذيال في تركيا وتونس فلن يطول به الأمر حتما . وسيبقى اليمن يصارع قدره المحتوم مع جماعة الاخوان والحوثي ويتدافع مع قدره المشؤوم في ماتبقى من جغرافيا تسيطر عليها كلا الجماعتين بعد أن نجى الجنوب من ويلاتهما معا .
هكذا يبدوا الأمر ويبدوا المشهد العربي واليمني على وجه الخصوص في قادم السنوات .