كتب : مراد حسن بليم
يعتقد البعض ان المجلس الإنتقالي الجنوبي سيضعف حضوره بمغادرة دولة الإمارات ، وهذا البعض إما ان يكون سطحيا بقراءته للواقع وإما انه يبني أراءه اعتمادا على ما تنتجه الماكنة الإعلامية لمطابخ القوى العصبوية التي تعودت على ضخ الأكاذيب واجترار الشائعات مع كل من يخالفها .
إن قوة الإنتقالي تكمن في أنه لم يأتِ عن طريق الاستنساخ لسلطة حاكمة ككثير من الأكشاك السياسية ، كما أنه ليس مجرد كيان فارغ لا يحمل الا الإسم شأنه شأن عددا من الديكورات التي تتوقف مهمتها عند اصدار بيان كتب لها سلفا للتشويش وخلط الأوراق ، ولعل الاحداث بينت ان الإنتقالي كيان سياسي له أطره ورؤاه ، يستمد قوته من التفويض الشعبي ومن الزخم الجماهيري الذي يحتشد حوله ، ومن التضحيات الجسيمة التي قدمها من دماء شهدائه منذ بواكير الحرب وما بعدها وحتى اليوم ، سواء في مواجهات التحرير أو مواجهات الإرهاب ، الى ان غدا القوة الوحيدة المؤهلة في الجنوب القادرة على مواجهة مليشيات الكهنوت الحوثي وعصابات الفيد والإرهاب وتجار الدين ، كما انه الكيان السياسي الذي استطاع ان يوصل القضية الجنوبية الى خارج حدود مربعات الميادين والساحات لتغدو على طاولة صناع القرار الدولي ، وبالمجمل فقد استطاع وبفترة وجيزه ان يحقق انجازات غاية في الأهمية ، عسكرية وسياسية توجت بأن يكون طرفا في محادثات جده التي أفضت الى اتفاق الرياض .
ان المجلس الانتقالي الجنوبي شريك فاعل للتحالف في محاربة الانقلابيين الحوثيين وما تزال قواته تقدم ابلغ صور التضحيات والصمود في جبهات عديدة ، كما انه ركيزة ملحة لمحاربة الارهاب ، وانها لجريمة ان الدعم الكبير الذي يقدم للشرعية يتم توظيفه لمحاربة الانتقالي وما يصاحب ذلك من آلة اعلامية مظللة في التخوين والتشويه والتعبئة والتي لو تم تسخيرها لمحاربة الحوثيين لانهزموا منذ سنوات ، لكنها سخرت لضرب القوى المناهضة لمليشيات الحوثي وتفكيك صفوفها وخلخلة التحالف العربي ذاته باستهداف دولة الامارات بحرب اعلامية شعواء وصولا الى ابعادها عن ميدان المعركة التي ابلت به بلاء منقطع التظير ..
إن خسارتكم للانتقالي الذي يعد احد الاطراف المؤثرة في مجريات الحرب مع الحوثي تعني خسارتكم للجنوب بشعبه ومقاومته ، ومن غير المعقول او المقبول ان يفرض على الجنوب أن يقبل عودة القوى التي نكلت بابنائه ومارست ضدهم كل انواع القهر والاستبداد والارهاب والنهب ، فالتحالفات تقوم على تبادل المصالح المشتركة وفي حال تعارضت المصالح فإن التحالفات تسقط تلقائيا وبالضرورة .
ولذلك يتوجب على التحالف العربي وعلى رأسه السعودية عدم المجازفة بخسارة قوة نوعية كالانتقالي ودفعه مجبرا الى اتخاذ خيارات ومواقف اخرى .