كريتر/ وكالات
يبدو للمشاهد أنهم كانوا يلهون ويعيشون طفولتهم على طريقتهم الخاصة، لكن حقيقة الأمر أن الأطفال الذين نشأوا في كنف التنظيم كانوا على العكس من ذلك، يسعون إلى قتال مسلحي قوات سوريا الديمقراطية “الملحدين” من خلف الساتر.
المشهد الذي رواه لـ”سكاي نيوز عربية” مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، يعكس خطورة عمليات غسيل المخ التي تعرض لها أطفال، من بينهم كثير من الأجانب، بعد أن تشربوا الفكر الداعشي من والديهم.
وتتجاوز المخاوف من تنظيم “داعش”، استخدام السلاح لترهيب الآمنين باسم الدين، وفرض السطوة على الأرض بقوة الحديد والنار، إلى ما هو أبعد، وربما أسوأ، من ذلك.
فحصار التنظيم واستعادة الأراضي التي استولى عليها حتى القضاء عليه نهائيا، لا تزيد بالنسبة للقادة العسكريين والسياسيين على كونها مسألة وقت، لكن في المقابل يرجح أن يخلف التنظيم جيلا من الأطفال من أبناء المقاتلين الأجانب، يتحولون إما إلى التطرف أو التشرد.
وفي أوج قوته، ضم التنظيم الإرهابي في صفوفه الآلاف من المقاتلين الأجانب، أتوا من عدد كبير من دول العالم لحمل السلاح ضد كل من يخالف أو يقاوم ما يطلقون عليه “الدولة الإسلامية”، سواء في سوريا أو العراق.
بلا إثباتات
ويعتبر عبد الرحمن أن المئات من أطفال مسلحي “داعش” الأجانب الذين قُتل أو فر آباؤهم على وقع الخسائر التي مُني بها التنظيم، أصحاب مآس خاصة.
ويقول: “هم في الأغلب موجودون في مخيمات بمناطق نفوذ قوات سوريا الديمقراطية (شمالي سوريا)، ودولهم الأصلية لا ترحب بعودتهم ولا عائلاتهم “خوفا من انتشار أي أفكار متطرفة قد يحملونها نتيجة معاشرة مسلحي التنظيم الإرهابي”.
وتابع مستفيضا في شرح أبعاد معاناة هؤلاء الأطفال: “لا يوجد تواصل مع سفارات بلادهم في تركيا، كما أن بعضهم ولد في سوريا ولا يوجد إثبات أنهم يحملون جنسيات آبائهم”.
وحسب تقديرات المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن عدد الأطفال من أبناء المقاتلين الأجانب في سوريا وحدها يزيد على 2500، موزعون على مناطق سيطرة الأكراد في الشمال، أو في مناطق تواجد قوات النظام، أو لا يزالون مع عائلاتهم في البادية بجيوب مسلحي “داعش”، ومعرضون للموت في أية لحظة.
وألقى عبد الرحمن باللوم على المجتمع الدولي الذي “يغض الطرف عن هؤلاء الأطفال، رغم كونهم في حاجة إلى تأهيل نفسي كبير. حتى الآن لا توجد مساع دولية حقيقية لاحتواء هذه الأزمة”.
أطفال أمام المحكمة
والوضع في العراق لا يقل قسوة، حيث تحاكم مئات النساء الأجنبيات بتهم الانضمام إلى “داعش” بعد أشهر من الإعلان الرسمي عن تطهير البلاد منه، ويحكم عليهن بعقوبات تصل إلى الإعدام، يواجه أبناؤهن مصيرا مجهولا في بلد لا يعرفون عنه الكثير.
لكن الأدهى أنه حسب القانون العراقي، يمكن إصدار أحكام قضائية بحق الأطفال المرتبطين بتنظيم “داعش”، في عمر 9 سنوات أو أكثر، بالسجن 5 سنوات في حالة إدانتهم بالانتماء إلى التنظيم، أو بالسجن 15 عاما إذا شاركوا في أعمال عنف.
وتقول منظمة “هيومان رايتس ووتش” إن أكثر من 800 طفل مع ما يزيد على 500 امرأة، جميعهم من الأجانب، محتجزون في السجون العراقية بانتظار المحاكمة بتهمة الانتماء إلى “داعش”.
وتتعارض تلك المحاكمات مع تصريحات رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، الذي قال قبل نحو عام إن معظم النساء والأطفال من عائلات مسلحي “داعش” الأجانب غير مذنبين، وإنه سيتواصل مع حكومات بلادهم لبحث الطريقة المثلى لإعادتهم.
وحتى داخل أماكن الاحتجاز، يعاني الأطفال مع أمهاتهم من سوء التغذية ونقص الخدمات الطبية، حسب “هيومان رايتس ووتش” التي نقلت ملاحظات شهود عيان.
وقال محام يمثل عددا من الأطفال الأجانب الذين يحاكمون في العراق، إن المحاكم قد تتساهل قليلا مع الأطفال بين سن 9 و13 عاما، لكنها أيضا قد تصدر أحكاما بالسجن بتهمة دخول البلاد بطريقة غير مشروعة أو الانتماء إلى “داعش”.
وفي الحالة الأولى تتراوح العقوبة بين السجن 6 أشهر إلى سنة، أما في الحالة الثانية فتتراوح بين 3 إلى 5 سنوات، وقد تصل إلى 15 عاما من السجن إذا ثبتت مشاركة الطفل في أعمال قتالية.