كتب : نصر محسن
ثلاثة مسؤولين في حكومة رئيس اليمن المؤقت عبدربه هادي، يحطون رحالهم أخيرا في سلطنة عمان، بعد رحلة تبدو شاقة من الرياض الى القاهرة، رحلة انتهت بهم بعيدا عن التحالف العربي، قريبا من التحالف الرباعي الذي بدأ يتشكل بعد ان نجح في استقطاب اطراف متعددة في حكومة الشرعية المدعومة دوليا وإقليميا.
منذ وقت مبكر بدأت احدى اقطاب التحالف الرباعي البحث عن موطئ قدم في عدن، فتحقق لها البعض عن طريق وزير داخلية الحكومة اليمنية أحمد الميسري الذي استغل الأمر من باب اللعب على التناقضات للحصول على مكاسب أقلها رئاسة الحكومة اليمنية، غير ان احداث عدن الأخيرة حالت دون ذلك، ليجد نفسه لاجئ في أحد اجنحة فنادق الرياض، إلى جوار الكثير من المسؤولين اليمنيين الذين اعتقدوا ان تحرير اليمن، ليس الآن، بل الأهم من ذلك الحصول على مكاسب مادية وسياسية.
ظن وزير داخلية الشرعية وانضم إليه وزير النقل صالح الجبواني، ان المرحلة تتطلب اللعب على كافة الأوراق والتناقضات، فالوفود التركية، ظلت تتوافد على عدن وعلى اعلى مستوى، حينها ظن الثنائي ان المرحلة قد بدأت لابتزاز السعودية من خلال توجيه اتهامات صريحة للسعودية باحتلال محافظة المهرة.
كانت هذه الاتهامات بمثابة “تلبية لرغبة قطرية تركية”، غير انها حملت أيضا مغازلة لدور عماني في جنوب اليمن، على الرغم من دخول مسقط بقوة في الصراع على أثر احتضان من يعتقد انهم حلفاء ايران في الجنوب.
حين تم الضغط على القوات العسكرية في مأرب والتي تتبع تنظيم الإخوان المسلمين، رفض قادة هذه القوات التي تخضع لإشراف مباشر من نائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر، خوض أي معارك ضد الحوثيين، قبل ان يخرج رئيس دائرة التوجيه المعنوي في وزارة الدفاع بمأرب العميد محسن خصروف للتبرير ان السعودية لم تمنح الجيش اليمني في مأرب أسلحة وصواريخ طائرات، ممتدحا إيران التي قال انها منحت مليشيات الحوثي صواريخ وطائرات مسيرة.
وقد تسببت هذه الاتهامات في قيام الرئيس هادي بإقالة خصروف الذي وصف الحرب في اليمن بأنها حرب للدفاع عن السعودية، وليست عن انقلاب حوثي على سلطات اليمن الرسمية والشرعية.
وتشير مصادر وثيقة الصلة لـ(اليوم الثامن) “ان السعودية منعت مسؤولين يمنيين ودبلوماسيين من دخول أراضيها على خلفية، وقوفهم في صف قطر ضد التحالف العربي”.
واطاحت السعودية بمسؤولين في السفارة اليمنية بالرياض، على خليفة مهاجمة دولة الامارات العربية المتحدة الشريك الفاعل في التحالف العربي، قبل ان يعلن هؤلاء وقوفهم إلى جانب قطر ضد السعودية، وهي المواقف التي ربما اعادت رسم خارطة التحالفات، ليتبين ان الكثير من المؤيدين لحكومة هادي يهربون نحو محور التحالف الرباعي، قبل ان تحتضن سلطنة عمان الهاربين من السعودية، وتطلب الأردن من أخرين مغادرة أراضيها على خلفية هذه المواقف المناهضة لمشروع التحالف العربي الذي تشارك فيه عشر دول عربية وإسلامية بقيادة السعودية.
سيطر الإخوان على القرار الرسمي والرئاسي واقالوا كل من يخالف مشروعهم، لكن ذلك دفعهم الى مواجهة مع السعودية التي تقود التحالف العربي، والتي تبين انها لم تكن راضية ان يستمر حلفاء الدوحة في إخونة الشرعية، خاصة بعد ان سيطرت قوات مأرب على محافظة شبوة الجنوبية، ودشنت مرحلة الإخونة لكل المؤسسات المحلية والأمنية والعسكرية وأجهزة المخابرات.
وتشير معلومات وثيقة الصلة الى ان قطر الطرف الثاني في التحالف العربي تقوم بتمويل أنشطة سياسية وعسكرية عن طريق سلطنة عمان التي انتقلت اليها الكثير من الأطراف المرتبطة بإيران وقطر وتركيا، وأصبحت تتخذ من مدينة صلالة مركزا لانشطتها.
وقال مصدر مقرب من وزير الداخلية اليمني أحمد الميسري انه أخبر الأسبوع الماضي عقب وصوله إلى مصر انه سوف يتزعم تحالف يمني أطلق عليه الإنقاذ، وانه أوسع تحالف محلي يضم جميع الأطراف المناهضة للتحالف العربي والتي لها ارتباطات إقليمية بقطر وإيران، وان هذا التحالف السياسي سوف يبدأ قبل اشهاره رسميا جولات دبلوماسية في العديد من البلدان من أبرزها الولايات المتحدة الأمريكية لطرح المشروع الذي يتبناه.
وأكدت مصادر وثيقة الصلة ان وزيرا الداخلية أحمد الميسري والنقل صالح الجبواني وصلا الى سلطنة عمان عقب رفض السلطات المصرية منحهم إقامة في بلدهم، على خلفية ارتباطها بقطر التي تقول القاهرة انها تمول أنشطة إرهابية لزعزعة الأمن والاستقرار فيها.
ورافق الميسري والجبواني المسؤول اليمني الزيدي عبدالعزيز جباري الذي له ارتباطات قديمة بحزب الله اللبناني احد اذرع إيران في المنطقة، والذي طلبت منه السعودية مغادرة أراضيها برفقة صالح الجبواني واحمد الميسري على خليفة مواقفه المناهضة للتحالف العربي.
وأصدر الثلاثة بعد وصولهم الى مصر بياناً، كشفوا من خلاله عن نيتهم الخروج من الشرعية والانضمام الى المعسكر الأخر، فيما تشير مصادر الى نية هادي اقالة الميسري والجبواني من منصبيهما، فيما استبعدت أخرى قيامه بذلك في هذه المرحلة، وهو ما يعني ترك الفرصة للسعودية لإعادتهما الى أراضيها، لكن قد يكون الأمر مختلفا بعد وصولهم الى سلطنة عمان.
يسعى الميسري الى تزعم مجلس الإنقاذ الوطني الذي اعلن عنه فادي باعوم، خير أن مصادر مقربة من الأخير، أكدت ان رئاسة المجلس ستؤول إلى الشيخ علي سالم الحريزي، على اعتبار انه أول من خرج رافضا لتواجد القوات السعودية في المهرة، الأمر الذي يبدد حظوظ الميسري في ترأس المكون الجديد والخاصة بالجنوب والذي تموله الدوحة عن طريق شقيقتها سلطنة عمان.
وتؤكد المصادر ان الميسري يرغب في اقالته من المنصب الذي أصبح من المحال العودة اليه، لأنه يرى في الإقالة مكسبا سياسيا قد يعيد ترتيب شعبيته التي انهارت جنوبا عقب تحالفه العلني مع تنظيم الإخوان والتنسيق مع قوات مأرب التي تحتل شبوة وأجزاء من أبين.
ولم يقتصر الأمر على طرد الميسري والجبواني والجباري من السعودية، فقد أعلن مسؤول ودبلوماسي يمني ان الرياض طلبت منه مغادرة أراضيها على خليفة موقفه المناهض للمشروع العربي.
وقال الدبلوماسي اليمني مطهر عنان انه غادر السعودية بناء على طلب من الخارجية بضرورة ان يغادر البلد، وهو ما فعل، لكنه لم يوضح عن البلد التي غادر إليها، لكنه على الأرجح ذهب نحو سلطنة عمان.
وكتب عنان وهو مستشار في وزارة الخارجية اليمنية، تصريح صحفي على تويتر قائلا “الأخوة الأصدقاء المتابعون المغتربون، استودعكم الله اطلب منكم المسامحة والدعاء، غادرت المملكة بناء على طلب من الخارجية السعودية، وسأظل معكم وفي خدمتكم في كل مكان لن أغيب عنكم ولن تغيبوا عني حب اليمن يجمعنا”.
وترى مصادر دبلوماسية ان إعادة تصحيح الشرعية وتصويب الأخطاء باتت مسألة ضرورية، خاصة في ظل تزايد الهجمات الإرهابية الحوثية والإيرانية على منشئات حيوية سعودية، وهو ما يبدو متاحا في ظل وجود انقسامات في صفوف حكومة هادي الشرعية التي تجاذبتها اطراف إقليمية على حالة عداء مع الرياض التي تقود التحالف العربي لمحاربة المد الإيراني. شبوة عدن الإخوان المسلمين الجنوب
المصدر : اليوم الثامن