كريتر نت / كتب- محمد صفوت
منذ أن خرجت لهذه الحياة وأنا أحارب كي لا تفارقني، بكيتُ في الوهلهِ الأولى كي يتركوني في حُضن أمي، كي يُرجعوني لرحمها الضيّق..
لم يسعني فضاء الحياة، لأنني كنتُ أعيش الاتساع في جوفها، كنتُ ألتمسه، كنتُ أتذوق الهناء ورغد العيش فيه.
لم يغلبني الظلام يوماً هُناك فقد كان قلبها يشع نوراً فيني، يهديني يقويني حتى وجدتُ منفذ الدنيا ودفعتني بزفرات الموت أحيتني.
كنتُ أشعرُ بيديها تداعبني، وتقرعُ باب البطن، فأصحوا وأركلها وأهز الجدار الذي أقامني فتتحمل.
لقد كان جوفها وسادتي
منذ أن كنتُ أنا
منذ أن عشتُ أنا
منذُ أن قلت انا
منذ تأتأتي بماما، وبابا وأنا هُنا
مُنذ لفة المهدِ والخطوةِ الاولى و هذه لِعبتي وهذا بيتنا.
منذ كل نعومتي والتباكي
منذ كل شيء في حياتي حتى يفنى كل شي هنا.
كبُرت وعَصرتُ ثدييها حَليباً طَيباً
مُتذللا لفمي..
أرضَعتني نجاحي وقوتي وسؤدد العيش الهني، أخبَرتني مع كل رضعةٍ أنها أمي ثم أمي ثم أمي ومِن الوفاءِ لمْ تَنسى أبي..
أحبتتُها عِشقاً أبدياً ووضعتُها في جوفِ قَلبي عنها لا أحيدُ. وبِوجدها كل الايام عيد.