كريتر نت / كتب- د. عبدالعليم محمد باعباد
قرأت قبل عشر سنين في كتاب فخ العولمة مقولة عن الخصخصة خلاصتها أن خصخصة المؤسسات الوطنية يدفع بإخراج العاملين من هذه المؤسسات وتصبح بأيدي قلة من المالكين الرأسماليين – قد يكونوا من عابري الحدود – وبالتالي تصبح سيادة الوطن في أيادي غير وطنية، ويحجم أولئك المبعدون عن الدفاع؛ لإنه لا يمكن للناس أن يدافعوا عن مؤسسات ليس لهم حق الدخول فيها.
القاعدة المستفادة من هذه المقولة هي أن إقصاء الجماهير من مؤسساتهم الوطنية وإخراجهم منها – والذي تتخذه حكومة أي بلد – سيؤدي إلى إقصاء الدولة برمتها عن ممارسة سيادتها على الوطن، والجماهير لن تندفع في الدفاع عن ذلك.
أي أن الإقصاء ينتهي بالاقصاء
فعندما تقصي من تحتك ومن تملك سلطة القرار عليهم، يأتي من يقصيهم ويقصيك؛ وهذه سنة اجتماعية بناء على مقولة المفكر الجزائري مالك بن نبي: “لا توجد ظاهرة الا بوجود قابلية لها”.
و حيث تتعرض دولة ما إلى خطف قرارها والانتقاص من سيادتها؛ فيعني أنه كان هناك احتكار لسلطة القرار بيد فئة قليلة ولم يكن للشعب فيه مشاركة، وبالتالي آلت الأمور إلى تلك النتيجة.
ربما تبدو هذه الفكرة مقبولة إلى حد كبير، ويزيد من قبولها أنها تتفق مع المعنى القرآني الوارد في الآية الكريمة” أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم”.
نعم لا تستطيع دولةٌ أن تخضع دولةً أخرى إلا لأن السلطة في هذه الأخيرة ضعيفة، أو أنها أضعفت نفسها بإضعافها لشعبها.
و يحصل الضعف بالجسم المؤسسي في طريقة بناء هذا الجسم؛ بناء على منطق الفكرة الاجتماعية التي تقول ” لا يمكن أن يكون هناك مجتمع أقوى من مجموع أفراده” ؛ أي أن الضعف يدب من اختيار الضعفاء، كما تبرز القوة بالبحث عن الأقوياء.
و هذا الحال ينطبق أيضا على التيارات والمكونات؛ فلا ظاهرة إلا بقابلية، وصدق الله: قل هو من عند أنفسكم”.