محمد ماموني العلوي
عقدت الأغلبية الحكومية في المغرب اجتماعا خصصته للتداول في المطالب الاجتماعية التي عبّر عنها شباب ينتمون إلى ما يعرف بـ”جيل زد”، على خلفية الاحتجاجات التي شهدتها مدن الدار البيضاء والرباط وأغادير وطنجة، والتي رفعت شعارات تدعو إلى تجويد قطاعي الصحة والتعليم، وضمان مستقبل يستجيب لطموحات الشباب.
وأكدت الأغلبية، خلال هذا الاجتماع، انفتاحها على هذه التعبيرات الاجتماعية واستعدادها للتفاعل الإيجابي والمسؤول معها، من خلال الحوار المؤسساتي والنقاش العمومي، بهدف بلورة حلول واقعية وقابلة للتنفيذ، تنتصر لقضايا الوطن والمواطن، وتعزز جسور الثقة مع فئة شبابية متطلعة للتغيير.
وأوضحت هيئة رئاسة الأغلبية الحكومية، في بيان صادر عقب اجتماع الثلاثاء، أن “المقاربة المبنية على الحوار والنقاش هي السبيل الوحيد لمعالجة مختلف الإشكالات التي تواجهها بلادنا،” مشيدة بالتفاعل المتوازن للسلطات الأمنية طبقا للقوانين.
وشددت على وعيها بمختلف التراكمات والإشكالات التي تعرفها المنظومة الصحية منذ عقود، مؤكدة أن طموح الإصلاح الصادر عن هذه التعبيرات الشبابية يلتقي مع الأولويات التي تشتغل عليها الحكومة، والتي فتحت منذ تحملها المسؤولية ورشا ضخمة لإصلاح القطاع، والذي لا يمكن أن تقاس نتائجه بشكل آني بالنظر إلى حجم الإصلاحات التي يتم تنزيلها بشكل متزامن، خاصة ما يرتبط بإحداث المؤسسات الصحية، وتأهيل المستشفيات بمختلف مستوياتها، والرفع من عدد مهنيي القطاع، بما يتلاءم مع المعايير الدولية.
واعتبر أستاذ القانون العام عمر الشرقاوي، في تصريح لصحيفة “العرب”، أن إعلان الأغلبية الحكومية استعدادها للحوار مع شباب “جيل زد”، سواء عبر المؤسسات أو في الفضاءات العمومية، يمثل خطوة إيجابية، لكنها تبقى في حاجة إلى تفعيل عملي.
وشدد الشرقاوي على أهمية بلورة إطار منظم أو تنسيقية شبابية تُعتمد كمخاطب رسمي في هذا الحوار، من أجل اختبار جدية ما ورد في بلاغ الأغلبية، وفي الوقت ذاته ضمان صدقية المطالب المعبّر عنها من قبل هذه الديناميكية الشبابية، بما يحصّنها من محاولات التوظيف أو الاستغلال من قبل جهات تقف خلف تأطير الاحتجاجات.
وفي هذا السياق ثمّن أندرو موريسون، النائب البريطاني والوزير السابق في وزارة الخارجية، أداء القوات العمومية المغربية خلال تدخلاتها الأخيرة، مشيدا بما وصفه بـ”التسامح وضبط النفس” في الحفاظ على النظام العام، وذلك على خلفية منع تجمهرات غير مرخّصة دعت إليها جهات مجهولة نهاية الأسبوع الماضي.
وأكد موريسون، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن المواطنين المغاربة، على غرار شعوب الدول الصاعدة بل وحتى الأوروبية، يتطلعون إلى تحسين مستمر في ظروف عيشهم، مشيرا إلى أن المملكة المغربية تتيح لمواطنيها مساحة للتعبير عن مواقفهم ضمن أطر سلمية، وتبرهن من خلال سلوك مؤسساتها الأمنية على احترامها لسيادة القانون. واعتبر المسؤول البريطاني أن المغرب يرسخ موقعه في المنطقة كنموذج في مجالات السلم والاستقرار والأمن.
وفي تعقيبها على موجة الاحتجاجات الأخيرة، اعتبرت مكونات المعارضة أن هذه التعبيرات الشعبية تعكس أزمة ثقة متصاعدة بالسياسات العمومية، وتجسد خيبة أمل حيال ما اعتبرته تعثّرا في الوفاء بالوعود المرتبطة بالتشغيل والعدالة الاجتماعية.
في المقابل، شددت الأغلبية النيابية على أن ما يجري يشكّل نداء جماعيا لإعادة النظر في الأداء السياسي والمؤسساتي، بعيدا عن منطق التراشق السياسي أو المقاربات الاتهامية الانتقائية، داعية إلى تفاعل وطني مسؤول يرتكز على تغليب المصلحة العليا للبلاد على الاعتبارات الحزبية الضيقة. وأكدت الأغلبية أن المرحلة الراهنة، بما تطرحه من تحديات، تستلزم تقاسما متوازنا للمسؤوليات، وتعبئة جماعية تشمل مختلف الفاعلين المؤسساتيين والمدنيين.
وأكد عبدالنبي صبري، أستاذ القانون العام والعلوم السياسية بجامعة محمد الخامس في الرباط، لـ”العرب”، أن المطالب المشروعة تظل مشروعة حين المطالبة بها بوسائل راقية، ولا يقبل بحال من الأحوال إلحاق الأذى بالممتلكات العامة والخاصة.
وفي هذا الصدد وجه رئيس الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية، عبدالرحيم شهيد طلبا لعقد اجتماع بحضور وزير الصحة والحماية الاجتماعية لمناقشة الوضع الصحي بجهة سوس ماسة، منبها إلى أن المركز الاستشفائي الجهوي الحسن الثاني بأغادير يعيش حالة وُصفت بـ”الكارثية”، بعدما بات عاجزا عن تلبية حاجيات السكان من الرعاية الطبية، موضحا أن هذا المستشفى يشكو من نقص حاد في التجهيزات والموارد البشرية الطبية وشبه الطبية، فضلا عن غياب المستلزمات الضرورية.
وأشار عبدالنبي صبري إلى ضرورة دخول الائتلاف الحكومي في معترك المشاكل التي يعانيها المواطن خلال المرحلة القادمة، مبرزا أن ذلك ما يفرض على الحكومة أن تكون لها مرجعية سياسية واضحة، وخلفية تقنية أوضح، مبرزا أنه خلال الولاية الحكومية الحالية تمت ملامسة وجود قطاعات تنقصها المبادرة والكفاءة والروح العملية، لأن الوزير الذي ليست له خلفية سياسية واضحة ولا يفقه شيئا في الأمور التقنية، لن يعطي نتيجة تُذكر على مستوى القطاع الذي يقوم بتدبيره.
المصدر : العرب















