د . عبدالعليم محمد باعباد
تصنف الصراعات السياسية في بلادنا بأنها صراعات أولية بدائية؛ وهي الصراعات التي تنطلق من مرجعيات طائفية، و/ قبلية، و/جهوية.
وسببها الوعي المتدني القائم على إلغاء المشتركات الجامعة، و اعتماد خصوصيات الطائفة، والقبيلة، والجهة، منطلقا للتعميم ومن ثم الخلاف.
استطاعت دول كبيرة في مساحاتها، كثيرة في تعداد سكانها، الخلاص من هذه المعضلة، عن طريق قيام أنظمتها باستيعاب هذه الاختلافات، و الاعتراف بهذه الفسيفساء، وذلك بتغيير شكل الدولة فيها، وكذا قيام أنظمتها السياسية على أساس المواطنة المتساوية، وتطبيق النظام والقانون، و تثبيت المشتركات.
تستمر هذه المشكلة في بلداننا، نتيجة عوامل وأسباب كثيرة من أبرزها ضعف الوعي، وغياب الدولة العادلة، دولة النظام والقانون.
و يشكل تدني الوعي الثقافي والسياسي والاجتماعي عاملا في استمرار المشكلة، وتوالدها.
إن استمرار الوعي في استجرار هذه الأفكار وتمثلها لن يوقف نتائجها عند النقطة التي يرى البعض أنها ستقف عندها.
فالمنطلق الذي يؤسس الخلاف على خصوصية المحليات الثقافية، والتنوع الجهوي والجغرافي، والاختلاف الطائفي، و يتصور عدم إمكانية استيعاب دولة المواطنة لها، هو ما يجعلها تستمر في عملية الإسقاط إلى أجزاء وكانتونات، و تنتهي باستجرار تلك الأفكار الصغيرة، وتعميمها على الوحدات المحلية الأصغر، وهي الحي والقرية، لتنتج لنا انقسام عشائري، عائلي في الحي والقرية، وهكذا يصدق في هذه الفكرة الخاطئة العبارة التي تقول: “حيثما بحثت عنها ستجدها”.