كريتر نت .. RT
تعقد بالعاصمة القطرية الدوحة الإثنين أعمال القمة العربية الإسلامية الطارئة لبحث الرد العربي الإسلامي على الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف الدوحة في 9 سبتمبر الماضي.
وتعتبر قمة الدوحة المرتقبة استمرارا لتاريخ طويل من القمم الإسلامية الطارئة التي عقدتها منظمة التعاون الإسلامي وفي بعض الحالات بالشراكة مع جامعة الدول العربية، لمواجهة الانتهاكات الإسرائيلية، والتي بدأت منذ تأسيس المنظمة عام 1969، وكانت دائماً استجابة لأزمات حادة تتعلق بالقضية الفلسطينية، مثل الحروب، أو الانتفاضات، أو الاعتداءات على الأماكن المقدسة.
ومع أن مخرجات القمم الإسلامية الطارئة غالبا ما ركزت على الإدانات والدعم السياسي، إلا أنها ساهمت في تعزيز الوحدة العربية الإسلامية ودفع الضغط الدولي.
تأسست منظمة التعاون الإسلامي عام 1969 في الرباط بالمغرب، كرد فعل مباشر على حريق المسجد الأقصى الذي أشعله متطرف يهودي أسترالي، مما أثار غضبا إسلاميا عالميا ودعوة من مفتي القدس لعقد قمة طارئة، شاركت فيها 24 دولة إسلامية، وأسفرت عن إنشاء المنظمة التي تضم اليوم 57 دولة، بهدف تعزيز التضامن الإسلامي في مواجهة التحديات، خاصة الصراع العربي الإسلامي مع إسرائيل.
ومنذ ذلك الحين، عقدت منظمة التعاون الإسلامي عشرات القمم العادية والطارئة، لكن الطارئة كانت الأكثر تركيزا على إسرائيل، حيث ارتبطت بالقضية الفلسطينية كقضية مركزية في ميثاق المنظمة، وغالبا ما اندمجت قممها الاستثنائية مع قمم عربية، كما في حالات الرياض 2023 والدوحة 2025، لتعزيز الصوت المشترك. لكن ما أبرز تلك القمم الإسلامية الطارئة؟
قمة الرباط الطارئة (25 سبتمبر 1969)
كانت قمة الرباط 1969 أول خطوة نحو توحيد الصوت الإسلامي، حيث تم الدعوة لها عقب حريق المسجد الأقصى في 21 أغسطس 1969، الذي أشعله متطرف يهودي، مما اعتبر اعتداء على الرموز الإسلامية وتهديدا للقدس، والتي كانت أول صدمة جماعية للعالم الإسلامي بعد حرب 1967، حيث سيطرت إسرائيل على القدس الشرقية.

وأسفرت القمة عن إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي قبل أن تتحول إلى اسمها الحالي منظمة التعاون الإسلامي كآلية للتضامن، وأصدرت قرارات تطالب بدعم فلسطين، وتعزيز التعاون الاقتصادي والعلمي بين الدول الإسلامية، وتشكيل لجنة لإعادة بناء الأقصى، كما دعت إلى مقاطعة إسرائيل اقتصادياً، مما مهد لقرارات لاحقة في الأمم المتحدة، وحضرها ممثلون عن 24 دولة.
قمة الدوحة الطارئة (12 أكتوبر 2000)
عقدت قمة الدوحة الطارئة عام 2000 بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية (انتفاضة الأقصى) في سبتمبر عام 2000، بعد زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون للحرم القدسي، مما أدى إلى مواجهات عنيفة وقتل عشرات الفلسطينيين، حيث كانت الانتفاضة رد فعل على فشل مفاوضات كامب ديفيد والاستيطان الإسرائيلي.
ودعا البيان الختامي للقمة إلى الاعتراف الفوري بدولة فلسطين بعاصمتها القدس، وتطبيق قرار مجلس الأمن 478 (1980) الذي يرفض نقل السفارات إلى القدس، وأدان الانتهاكات الإسرائيلية، ودعت إلى مقاطعة إسرائيل ودعم المقاومة الفلسطينية، كما شكلت القمة لجانا للرصد والدعم المالي للفلسطينيين، وأكدت على رفض أي اتفاق يتجاهل الحقوق الفلسطينية، وحضرها قادة من 56 دولة، وكانت أول قمة طارئة في الدوحة، مما يجعل قمة 2025 تكرارا تاريخيا.
قمة إسطنبول الطارئة (13 ديسمبر 2017)
عقد قمة إسطنبول الطارئة عام 2017 ردا على الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل في 6 ديسمبر 2017، ونقل السفارة الأمريكية إليها، مما اعتبر انتهاكا لقرارات الأمم المتحدة وتهديدا للمكانة الإسلامية للقدس، وهو القرار الذي أثار احتجاجات عالمية وتصعيدا في التوترات الفلسطينية الإسرائيلية.

وصدر عن القمة بيان “إسطنبول” الذي يدين القرار الأمريكي كـ”باطل”، ويطالب بتراجع عنه وإعادة السفارة إلى تل أبيب، ودعت إلى تعزيز الدعم لفلسطين وتشكيل لجنة لمراقبة الانتهاكات في القدس، ودعم المبادرات القانونية في محكمة العدل الدولية، وأكدت القمة على المقاومة السلمية والحق في الدفاع عن المقدسات، وأنشأت صندوقا إسلاميا لدعم القدس، وحضرها 40 دولة وأدت إلى حملات دولية لعزل إسرائيل دبلوماسيا.
قمة الرياض الطارئة (11 نوفمبر 2023)
عقدت القمة ردا على الحرب الإسرائيلية على غزة بعد عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر 2023، وذلك بعدما شنت إسرائيل حربا شاملة على قطاع غزة وفرضت حصارا على القطاع، حيث كانت القمة استجابة للكارثة الإنسانية وفشل مجلس الأمن في وقف التصعيد.
وصدر عن القمة بيان يدين “العدوان الإسرائيلي” ويرفض تبريره كـ”دفاع عن النفس”، وطالب بوقف فوري لإطلاق النار وإدخال المساعدات وقرار ملزم من مجلس الأمن، كما دعت القمة إلى وقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، تحقيق في جرائم الحرب عبر المحكمة الجنائية الدولية، وإنشاء وحدات رصد لتوثيق الانتهاكات.
وأكد على حل الدولتين ومبادرة السلام العربية، وشكلت لجاناً للضغط الدبلوماسي، وحضرها قادة من 57 دولة بما في ذلك إيران وتركيا، وكانت الأكثر شمولا لكنها واجهت انتقادات لعدم التنفيذ الفعال.
ويأتي انعقاد قمة الدوحة الطارئة في سياق مشابه للقمم السابقة، حيث يعد الهجوم الإسرائيلي على الدوحة (الذي أسفر عن إصابات وأضرار، واستهدف قيادات حماس أثناء جهود الوساطة) انتهاكا لسيادة قطر، وتهديدا للأمن الإقليمي.