كريتر نت – متابعات
أعلنت فرنسا اليوم الثلاثاء أنها حصلت على تعهدات جديدة من السلطة الفلسطينية بالإصلاح، وذلك قبيل مؤتمر من المقرر عقده الأسبوع المقبل قد تصبح باريس فيه أبرز قوة غربية تدعم الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة.
وقال قصر الإليزيه إن الرئيس إيمانويل ماكرون تلقى رسالة من محمود عباس أدان فيها الرئيس الفلسطيني هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 ودعا إلى إطلاق سراح جميع الرهائن وتعهد بمزيد من الإصلاحات.
ويرأس عباس البالغ من العمر 89 عاما السلطة الفلسطينية المعترف بها دوليا منذ وفاة ياسر عرفات في 2004.
وتمارس السلطة الفلسطينية حكما ذاتيا محدودا في أجزاء من الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، لكنها فقدت السيطرة على غزة لصالح منافستها حماس منذ عام 2007. وسبق وأن أدانت السلطة الفلسطينية حماس على خلفية الهجوم الذي أشعل فتيل الحرب على غزة، ودعت إلى نزع سلاح الحركة في أي تسوية مستقبلية.
وقال مكتب ماكرون، الذي ينظم مؤتمرا دوليا مع السعودية لمناقشة الاعتراف بدولة فلسطينية، إن الرسالة الموجهة للرئيس الفرنسي تتضمن تعهدات “غير مسبوقة”، دون الخوض في تفاصيل.
ونقل مكتب الرئيس الفرنسي عن عباس قوله في الرسالة “لن تحكم حماس غزة بعد الآن وعليها تسليم أسلحتها وقدراتها العسكرية لقوات الأمن الفلسطينية التي ستشرف على إخراجها من الأراضي الفلسطينية المحتلة بدعم عربي ودولي”.
كما أبدى عباس استعداده لـ “دعوة قوات عربية ودولية للانتشار كجزء من مهمة الاستقرار/الحماية بتفويض من مجلس الأمن”.
وأكد عبّاس في رسالته التزامه بمواصلة إصلاح السلطة الفلسطينية، مشيرًا إلى رغبته في تنظيم “انتخابات رئاسية وتشريعية خلال عام”، تحت “إشراف” دولي.
وتابع “نحن مستعدون للقيام بدورنا الكامل للترويج لمسار موثوق ولا عودة فيه نحو إنهاء الاحتلال، والتحرك نحو إنشاء دولة فلسطين مستقلة ذات سيادة وتنفيذ حل الدولتين، في إطار جدول زمني واضح ومع ضمانات دولية قوية”.
وتستعد فرنسا لجعل المؤتمر الدولي الذي سيعقد في الأمم المتحدة، والذي تتشارك في تنظيمه مع السعودية خلال الفترة من 17 إلى 20 يونيو، لحظة محورية لإعادة إطلاق حل الدولتين.
وهذا التوجه يتعارض مع موقف الحكومة الإسرائيلية، التي ترفض أي دور للسلطة الفلسطينية في غزة بعد الحرب، وتنتقد الدول التي تفكر في الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة، معتبرة أن ذلك سيكون مكافأة لحماس على هجماتها.
وقال ماكرون الذي سيسافر إلى نيويورك في 18 يونيو، إنه “عازم” على الاعتراف بدولة فلسطينية، لكن بشروط بما فيها “نزع سلاح” حماس و”عدم مشاركتها” في الحكم. ويشير مسؤولون فرنسيون إلى أن ماكرون يميل إلى الاعتراف بدولة فلسطينية قبل هذا المؤتمر.
وتمثل تعهدات عباس خطوة دبلوماسية مهمة من جانب السلطة الفلسطينية، إذ تعكس محاولة لتلبية بعض الشروط التي تضعها القوى الدولية، وربما إسرائيل، لإعادة إطلاق المسار السياسي.
وهذه التعهدات، إن تم الوفاء بها، يمكن أن تُعزز من مصداقية السلطة الفلسطينية كشريك قادر على إدارة القطاع وكممثل لجميع الفلسطينيين.
وتوقيت هذه التعهدات، قبيل المؤتمر الدولي الذي تسعى فرنسا من خلاله لدعم الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ليس صدفة، حيث تسعى فرنسا لتوفير غطاء سياسي ودبلوماسي لهذا الاعتراف، من خلال إظهار التزام فلسطيني بعملية إصلاح شاملة ونزع سلاح المجموعات غير الحكومية.
وعلى الرغم من أهمية هذه التعهدات، تظل التحديات جسيمة. فالحكومة الإسرائيلية تُعارض بشدة أي دور للسلطة الفلسطينية في غزة وترفض حل الدولتين، مما يجعل مسار تحقيق هذه الأهداف محفوفًا بالصعوبات.
وبالإضافة إلى ذلك، تكتسب مسألة إصلاح السلطة الفلسطينية من الداخل أهمية قصوى في المرحلة الراهنة، خاصة وأن عباس، الذي ينظر إليه الكثيرون كشخصية أصبحت إلى الماضي، يواجه تحديات كبيرة في تحقيق هذه الإصلاحات.
وتظل السنوات الماضية شاهدة على دعوات متكررة للإصلاح دون تحقيق تقدم جوهري، مما أضعف مصداقية السلطة الفلسطينية في عيون جزء كبير من الشعب الفلسطيني والمجتمع الدولي.
وفي ظل غياب آليات واضحة للمحاسبة وانقسامات داخلية عميقة، يرى المنتقدون أن مجرد التعهدات من قيادة كهلة قد لا تكون كافية لإعادة بناء الثقة وتمكين السلطة من استعادة نفوذها، لا سيما في قطاع غزة.
ويعتمد نجاح هذه الإصلاحات بشكل كبير على الدعم الدولي الفعال، والقدرة على تجاوز العقبات الداخلية والخارجية، وتوفير ضمانات حقيقية لتطبيق التعهدات على أرض الواقع.