بقلم: د/ عارف محمد عباد السقاف
تعد المدرسة المحسنية العبدلية في مدينة الحوطة، محافظة لحج، من أقدم وأهم المعالم التعليمية في الجنوب، حيث تم تأسيسها عام 1939م في عهد السلطنة العبدلية، وكانت منارة علم وإشعاع ثقافي امتد أثرها إلى عدن والخليج العربي. تخرّج من هذه المدرسة نخبة من المثقفين والسياسيين والأدباء والمهندسين ممن ساهموا في بناء مؤسسات الدولة الجنوبية.
ورغم القيمة التاريخية والعلمية لهذه المدرسة، إلا أنها تعرضت للإهمال لعقود، وتحولت من صرح علمي إلى مبنى إداري مهجور، حتى جاءت الحرب في 2015م، فقصفتها طائرات التحالف العربي بعد تحصّن عناصر مسلحة بداخلها، لتتحول إلى كومة من الركام وتطوى معها صفحة من صفحات التاريخ المضيء للحج والجنوب.
إننا اليوم، وأمام هذا الدمار الذي طال أحد أعرق صروح التعليم في اليمن، نرفع صوتنا عالياً إلى مجلس القيادة الرئاسي، وإلى معالي وزير التربية والتعليم، للمطالبة بإعادة بناء المدرسة المحسنية العبدلية على موقعها الأصلي، وبنفس الطابع المعماري التراثي الذي يعكس هويتها وتاريخها. فالمدرسة لا تمثل فقط حجرا أو مبنى، بل تمثل تاريخا علميا وحضاريا وجزءا من ذاكرة الأجيال.
وفي هذا السياق، لا يسعنا إلا أن نثمّن الدور الكبير والمشرف الذي قامت به دولة الكويت الشقيقة في دعم قطاعات التعليم والصحة في اليمن عامة، عبر بناء المدارس والمستشفيات والمشاريع الخدمية التي لا تزال شاهدة على نبل عطائهم وسخائهم. ولطالما كانت الكويت سندا للشعب اليمني في أحلك الظروف، ومواقفها ستبقى محفورة في الوجدان الوطني.
لذا، نتوجه بنداء مخلص وأخوي إلى دولة الكويت، حكومة وشعبا، للنظر بعين الاهتمام إلى المدرسة المحسنية العبدلية، ودراسة إمكانية تمويل إعادة بنائها، لتعود منارة للعلم كما كانت، وتحمل اسما يخلد هذا الدعم الكريم، مثل: “المدرسة المحسنية العبدلية – بدعم من دولة الكويت”.
إن إحياء هذا المعلم هو إحياء للتاريخ، وإعادة اعتبار للعلم والثقافة في محافظة لحج، ورد جميل لأجيال تخرجت من بين جدرانها وأسهمت في بناء الدولة. فلتكن المحسنية مشروع وفاء… وتاريخ يبعث من جديد.