كتب .. عارف عادل
في كل صباح، تُفتح نوافذ البيوت على فراغٍ لا يُحتمل لا صوت مذياع ولا جرس المدرسة، ولا ضحكة طالب، ولا خطوات معلم متعب يحمل رسالته بكل صبر.
أصبح التعليم اليوم حلماً مؤجلاً، ومأساة مستمرة لا تُروى إلا بالوجع، ويعيشها ثلاثة أطراف من أعمدة المجتمع: المعلم، وولي الأمر، والطالب.
المعلم ذاك الإنسان الذي أفنى عمره بين السبورة والطباشير، لم يعد يملك ما يكفي ليواصل، ليس فقط مادياً، بل معنوياً أيضاً. يطالب بحقوقه، ولا يجد إلا الصمت. يصرخ مطالباً بالكرامة، فيُقابل بالإهمال أو الوعود المؤجلة. لم تعد المهنة رسالة فقط، بل أصبحت عبئاً لا يُحتمل حين يغيب التقدير والدعم.
ولي الأمر يقف حائراً، يائساً، وهو يرى أبناءه يُحرمون من حقهم في التعليم. يشعر بالعجز، بالذنب، بالخوف. كيف له أن يطمئن قلبه على مستقبل أبنائه؟ كيف يفسر لهم غياب المدرسة، وانطفاء الحلم، وبداية الضياع؟ هو يعلم أن المعلم مظلوم، لكنه أيضاً يخاف على أولاده من الجهل والفراغ.
الطالب الطفل الذي من حقه أن يتعلم، أن يحلم، أن يبني مستقبلاً. اليوم، يقف في مهب الريح. لا مدرسة، لا كتاب، لا أمل واضح. يسأل بصوت خافت لماذا لم نعد نذهب إلى المدرسة؟ هل أخطأنا في شيء؟ وماذا عن حلمي أن أصبح طبيباً؟ من يرد عليه؟
نحن اليوم أمام مشهد لا يحتمل التأجيل ولا التجاهل. التعليم يحتضر، والمعلم يئن، والطالب يضيع.
فمن ينصف المعلم؟
من يسمع صوته ويدرك أن كرامته هي كرامة التعليم كله؟
ومن ينقذ التعليم؟
قبل أن نخسر جيلاً كاملاً بين الإهمال والضياع.
إنها ليست قضية قطاع، بل قضية وطن ومستقبل. الحلول موجودة، إن وُجدت الإرادة، وإن اجتمعنا لا كأطراف متقابلة، بل كشركاء في الهم والمصير.