شيلان شيخ موسى
صحفية كردية سورية
لم يعد خفياً الدور المشبوه الذي تضطلع به ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران في اليمن، وتحالفها مع تنظيمي الإخوان والقاعدة الإرهابيين.
ويفضح الاصطفاف بين تنظيمات الإسلام السياسي وتنويعاتها المختلفة، ومرجعياتها المتباينة، حالة التخادم على المستوى السياسي والحركي، وتفادي أيّ صدام له أبعاد إيديولوجية.
حيث إنّ التآزر بين القاعدة والإخوان والحوثي بعد تعرّض الحوثيين لضربات أمريكية، لم يكن الأوّل من نوعه، بل له مماثل في سوابق عديدة، واستهدافات متكررة، كما أنّ الأطراف الثلاثة تتعاون في ما بينها بالمناطق الواقعة تحت نفوذ الإخوان أو الميليشيات المدعومة من إيران، خاصة في ما يخص نهب الموارد واستغلال الثروات، أو تبادل المعتقلين والموقوفين من المدنيين.
تطابق مواقف التنظيمات الإسلاموية الإرهابية، القاعدة والإخوان، يؤشر إلى ما هو أبعد من فكرة الدعم والاصطفاف مع الحوثي في مواجهة الضربات الأمريكية، إنّما وجود مصالح استراتيجية، تقتضي الانخراط في أنشطة حركية تتجاوز فكرة التقارب التكتيكي المؤقت والعرضي.
تحالف الشر
ويمكن القول إنّ التقارب الواضح والصريح بين قوى الإسلام السياسي يبعث بمخاوف عديدة، خاصة مع الاستقطاب المتزايد نتيجة الخطابات المتشددة والتحريضية، والتي تشكل بؤر توتر في المنطقة، في اليمن وسوريا وغزة ولبنان.
وداخل البيئة المتخمة بالصراع والسيولة الأمنية، تتضاعف فرص إدامة الحروب، وانبعاث الأدوار الوظيفية للتنظيمات الراديكالية المسلحة.
غير أنّ هناك نقطة لافتة في الاصطفاف الإسلاموي بين تنظيمات مثل القاعدة والإخوان والحوثيين، تتمثل في تزامنها مع الضغوط التي تتعرض لها إيران، وقد كانت حجر الزاوية في تقدم الرعاية العسكرية والمادية لوكلائها بالمنطقة، ونقلت صحيفة (التلغراف) البريطانية عن مسؤول إيراني رفيع المستوى معلومات تؤكد “سحب” إيران عسكرييها من اليمن، و”التخلي” عن الحوثيين، وذلك “لتجنّب المواجهة مع الولايات المتحدة في حال مقتل عسكري إيراني بالهجمات الأمريكية”، أو بمعنى آخر؛ تراجع إيران عن سياسة الأذرع والوكلاء الإقليميين، وبيع هذه الورقة للولايات المتحدة لتفادي ضربات قاسية ضدها.
ويواصل زعيم ميليشيات الحوثيين، عبد الملك الحوثي، تعبئة الأطفال والمراهقين في تنظيمه الميليشياوي، وتغذية عقولهم بالإيديولوجيا الكفاحية وحمولتها الدينية العنيفة، وقد أعلن الحوثي نهاية الأسبوع الماضي عن أهمية “الدورات الصيفية” التي زعم أنّها تُلبي حاجة الجيل الناشئ من “تعليم ومعرفة وتربية، فهي حاجة إنسانية وإيمانية وحضارية، تحصّنهم في مواجهة الحرب العدوانية المفسدة والمُضلّة”. وزعم أنّ هذه الدورات التي تعمل على تجنيد الأطفال والمراهقين “تعزز علاقة الأجيال بالقرآن الكريم، وتجعلهم قوّامين بالقسط ومجاهدين في سبيل الله وأنصاراً له”.
محذراً من “الحرب الناعمة التي أسقطت الملايين من الجيل الناشئ ومن شباب أمتنا…، بينما يمكنك أن تلقى الله شهيداً وأنت في ميدان المواجهة العسكرية”.
وطالبت “اللجنة العليا للأنشطة والدورات الصيفية” التابعة لميليشيات الحوثيين، أولياء الأمور إلى “المسارعة في إلحاق أبنائهم وبناتهم بالدورات والمدارس الصيفية، واغتنام الفترة لإكسابهم العلوم والمهارات المفيدة، واستثمار أوقاتهم في البرامج والأنشطة التي تنفعهم وأسرهم ومجتمعهم ووطنهم”.
دور إيراني مشبوه
من جهتها، اعتبرت الحكومة اليمنية، المعترف بها دولياً، أنّ هذه الدورات هي إحدى وسائل التجنيد في الميليشيات المدعومة من إيران، ووقوع الأطفال والمراهقين “بعد غسل عقول الأطفال، وتحويلهم إلى أدوات قتل وتدمير منهجي؛ ممّا يشكّل تهديداً للنسيج المجتمعي”.
واستغل الحوثي قرابة (700) مدرسة حكومية وأهلية، باعتبارها بؤراً لتجنيد الطلاب وتدريبهم على حمل واستخدام الأسلحة، وذلك من خلال الإشراف المباشر لـ “وزارة الدفاع” و”التربية والتعليم والبحث العلمي”، كما توضح منظمة “ميون لحقوق الإنسان”.
وفي حديثه لـ (حفريات)، يوضح الباحث في الشؤون الإقليمية، مصطفى صلاح، أنّ العلاقة بين الحوثي وجماعة الإخوان أو تنظيم القاعدة، ممتدة وقائمة في مراحل وفترات سياسية وتاريخية عديدة، لافتاً إلى أنّ الضربات الأمريكية الأخيرة على الميليشيات المدعومة من إيران في اليمن “أزاحت الغطاء عن جانب منها في الوقت الراهن.
لكن هناك علاقة تبادلية ونفعية بين تلك الأطراف وحالة تخادم على أساس براغماتي وفي مساحات العمل المشتركة التي توفرها شروط الصراع والحروب، وحسابات الربح والخسارة”.
فجماعة الإخوان الإرهابية لا تتوانى عن ممارسة الدعاية ذاتها التي تحرض على استهداف المصالح الأمريكية والإسرائيلية، بما يخدم كذلك أو يوفر الغطاء السياسي للحرب التي تخوضها الميليشيات الحوثية بالبحر الأحمر، وهي تهدد الملاحة الدولية كما تؤزم الوضع الاقتصادي الإقليمي، فضلاً عن المصالح الغربية والأمريكية، وفق صلاح. مؤكداً أنّ بيان الإخوان يفضح الاصطفاف الإخواني الذي يتخطى الدعم السياسي إلى مربع التحشيد والحض على العنف الحركي، واستعادة دور الجهاز الخاص أو التنظيم المسلح السرّي.
ويختتم صلاح حديثه قائلاً: إنّ جماعة الإخوان تتجه إلى الإفصاح أكثر فأكثر عن ميولها المباشرة لتبنّي الدعوة من جديد إلى العنف، وتحريض عناصرها وحواضنها على حمل السلاح، وقد جاء في بيانها: “هذا واجب أعضاء الجماعة وعموم المسلمين، حتى تتوقف الهجمات على الحوثيين”.
مؤخراً، هاجم الصحفي في مدينة تعز، محرم الحاج، ما وصفه بـ “التغطية الإعلامية المبتذلة” لقضايا محافظة تعز، مشيراً إلى أنّ الإعلام الموالي للسلطة يركز على “التفاهات والأمور الساذجة” على حساب القضايا الجوهرية التي تؤثر مباشرة على حياة المواطنين.
وانتقد، في منشور على حسابه الرسمي بموقع (فيس بوك) نقله موقع (الأمناء) المحلي، افتتاح سلطة محلية تعز لمجسم وصفه بـ “شعار النكبة المشؤوم” في جولة وادي القاضي، معتبراً أنّ مثل هذه المشاريع التجميلية “استفزاز للأهالي” في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يعاني منها المواطنون.
ووجّه الصحفي رسالة مباشرة إلى محافظ تعز نبيل شمسان، محذراً إيّاه من الانسياق وراء “تقارير الرصد المضللة” التي تروج لوجود “ارتياح شعبي” من افتتاح المجسم، قائلاً: “أبناء تعز يأملون منك أن تفي بما وعدت به الرئاسة…، أن تحارب الفساد، وتختار الأصلح للمناصب، وتطلق إصلاحات اقتصادية يلمسها الناس، بدلاً من الإنارة الزائفة لمطبليك بكهرباء المولدات الخاصة”.
وأوضح أنّ ما تم تحصيله خلال عام 2024 رسمياً لصالح السلطة المحلية بلغ (9) مليارات و(700) مليون ريال فقط كإيرادات محلية ومشتركة، وذهبت بقية المبالغ إلى عناصر الإخوان.
واختتم الحاج منشوره بتأكيد أنّ صراحته نابعة من “حبّ لتعز وشعبها الكريم”، معرباً عن أمله في ألّا تكون قد “أزعجت” المحافظ، لكّنها تبقى كلمة حق في وجه إعلام زائف وسلطة تتجاهل معاناة الناس الحقيقية.
كما يأتي هذا الانتقاد في وقت تشهد فيه تعز تدهوراً اقتصادياً حاداً، بينما تواصل بعض وسائل الإعلام الموالية التركيز على “مشاريع شكليّة” تثير سخط المواطنين، بدلاً من معالجة الأزمات اليومية.
وكشف تقرير مالي مسرّب، مؤخراً، عن فساد منظم مارسته عناصر حزب (الإصلاح) “ذراع الإخوان المسلمين في اليمن” خلال عام واحد في مناطق سيطرتها بمحافظة تعز، بلغت قيمته أكثر من (21) مليار ريال.
وأشار التقرير الذي نشرت الوكالات المحلية مقتطفات منه إلى وجود جبايات خارج القانون تبلغ (21) مليار ريال، يتم تحصيلها خارج الأوعية الرسمية للدولة، تذهب لصالح جهات عسكرية وأمنية تابعة للإخوان في تعز تحت ذرائع مواجهة متطلبات عسكرية وأمنية.
المصدر : حفريات