كريم شفيق
كاتب مصري
حالة التخادم بين ميليشيات الحوثي وجماعة الإخوان في اليمن لم تعد من الأمور الخفية، بل إنّ وقائع عديدة تكشف عن الارتباطات المصلحية والتحالف البراغماتي بينهما في مناطق عديدة، يتشارك فيها الطرفان الاعتداءات على المدنيين، وكذا تورطهما في خروقات حقوقية عديدة، لجهة نهب واستغلال موارد وثروات المدن الخاضعة لسيطرة كل منهما، حيث إنّ تعز الواقعة في قبضة جماعة الإخوان، “المصنفة على قوائم الإرهاب في عدد من البلدان العربية”، تعاني من الانفلات الأمني، فضلاً عن الفوضى وعدم الاستقرار.
وبحسب مصادر محلية، فإنّ اشتباكات متكررة ليلية تجري بالمدينة؛ الأمر الذي نجم عنه وقوع العشرات من المدنيين بين قتيل وجريح، وبما يؤشر إلى تضاعف مستوى الجريمة. فـ”هذه الجرائم الوحشية سببها غياب أسس الدولة المدنية في اليمن، إلى جانب الآثار السلبية للحكم الانتهازي الإخواني، وعدم وجود رؤية وطنية واضحة منذ عقود طويلة، وتعاقب السفلة على حكم اليمن من القادة الذين استغلوا السلطة لتحقيق مصالحهم الشخصية، دون اهتمام حقيقي لمصلحة الشعب أو بناء دولة مؤسساتية قوية”، وفق صحيفة (الأمناء) باليمن. وتقول: “هذه الانتهازية، بدلاً من تعزيز الوحدة الوطنية والعدالة، ساهمت في تدمير كيان الدولة وتفكيك النظم والقوانين التي من المفترض أن تنظّم حياة المواطنين. هذا، وتعاني مدينة تعز منذ أعوام من حالة انفلات أمني، وتتزايد الاعتداءات على أملاك المواطنين من قبل مسلحين يتبعون قوات عسكرية وأمنية إخوانية، دون أيّ ردع أو محاسبة من قبل القيادات المسؤولة”.
في حديثه لـ (حفريات)، يوضح الباحث المختص في العلوم السياسية الدكتور عبد السلام القصاص أنّ ما يجري بين الحوثي والإخوان باليمن يكشف عن الطبيعة المرنة لقوى الإسلام السياسي التي تتجاوز الجوانب العقائدية والإيديولوجية، وتسعى لبناء تحالفات على أساس واقعي عملي وسياسي يحقق فوائد سياسية محضة، لافتاً إلى أنّ الخلاف الظاهري بين جناحي هذا التيار، السنّي والشيعي، لا يماثل التماهي والتعاون المتنامي كما هو الحال باليمن.
ويلفت القصاص إلى أنّ الحوثي الذي تقدم ميدانياً، ونجح في السيطرة على صنعاء عام 2014، لم يتردد تنظيم القاعدة، فرع اليمن، في الإلحاح على التصدي لهم عسكرياً، غير أنّ واقع الحال كشف عن قنوات اتصال حيوية بينهما وتعاون على أكثر من مستوى، منها تبادل الأسرى واسترداد طهران الدبلوماسي الإيراني نور أحمد نيكبخت، فضلاً عن عدم حدوث توترات واشتباكات مسلحة في مناطق الطرفين.
ذراع إيران
وهنا يوضح مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية أنّه في آذار (مارس) 2015، أعلنت إيران أنّ القوات الخاصة نجحت في تحرير نور أحمد نيكبخت، وهو دبلوماسي إيراني اختطفه تنظيم القاعدة في اليمن واحتُجز هناك منذ عام 2012.
لكنّ مصادر مقربة من تنظيم القاعدة كشفت عن أنّ عملية إطلاق سراح نيكبخت كانت في الواقع جزءاً من صفقة ثلاثية تضمنت تنظيم القاعدة وسلطات الحوثيين وإيران جرى فيها إطلاق سراح العديد من قادة تنظيم القاعدة في صنعاء، إضافة إلى القيادي المصري في تنظيم القاعدة سيف العدل، المعتقل في إيران منذ عام 2003.
ووفقاً لتقرير منشور استُشهد فيه بمسؤولين أمريكيين، ما يزال من غير الواضح ما آل إليه مصير سيف العدل في النهاية.
وكانت هناك تقارير مختلفة في الأعوام الأخيرة حول مكان وجوده، في سوريا، أو باكستان، أو ما يزال في إيران، أو باليمن.
وتابع: “نادراً ما نجحت العمليات السرية لتحرير المختطفين الذين يحتجزهم تنظيم القاعدة في اليمن.
وعلى الرغم من تحقيقها مستوى معيناً من الاختراق، لم تتمكن السعودية من تحديد مكان الدبلوماسي السعودي عبد الله الخالدي حين اختُطف عام 2012 من عدن، حيث كان يشغل منصب نائب القنصل.
أُطلق سراح الخالدي نهاية المطاف عام 2015 مقابل فدية كبيرة.
كما لقي الصحفي لوك سومرز حتفه خلال محاولة فاشلة للقوات الخاصة الأمريكية لإنقاذه من الأسر في شبوة في كانون الأول (ديسمبر) 2014 بعد اختطافه من أحد شوارع صنعاء في العام الذي سبقه”.
في آذار (مارس) 2015، أعلنت إيران أنّ القوات الخاصة نجحت في تحرير نور أحمد نيكبخت، وهو دبلوماسي إيراني اختطفه تنظيم القاعدة في اليمن واحتُجز هناك منذ عام 2012
في آذار (مارس) 2015، أعلنت إيران أنّ القوات الخاصة نجحت في تحرير نور أحمد نيكبخت، وهو دبلوماسي إيراني اختطفه تنظيم القاعدة في اليمن واحتُجز هناك منذ عام 2012
أنباء مضللة
كثيراً ما نشرت وسائل الإعلام، سواء المؤيدة أو المناهضة للحوثيين، أنباء مضللة عن صفقات تبادل الأسرى باعتبارها ترتيبات بين سلطات الحوثيين والمحور المناهض لها (مثل حكومة هادي وقوات المقاومة المتحالفة والقوى القبلية) في محاولة واضحة لإخفاء حقيقة أنّها كانت صفقات مع تنظيم القاعدة، وفق مركز الدراسات اليمني.
يُشار على سبيل المثال إلى حادثة إطلاق سراح أقارب علي المنصوري، محافظ البيضاء المعين من الحوثيين، إلى جانب جثمان أحد القادة الحوثيين مقابل إطلاق سراح عدد من كبار شخصيات تنظيم القاعدة في صنعاء، بمن فيهم علوي لحمر البركاني.
وكان تنظيم القاعدة قد نصب كميناً في جبهة الحازمية بمديرية الصومعة، أسفر عن أسر نجل وحفيد المنصوري، ومقتل زعيم حوثي يُدعى نعيم ناصر الجوفي.
ونسبت وسائل الإعلام الموالية للحكومة هذا الكمين إلى القوات الحكومية وليس إلى تنظيم القاعدة. ويظل التنظيم أقوى جماعة في مديرية الصومعة، ولكن لم يكن لأيٍّ من الطرفين مصلحة في الإعلان عن ذلك.
يقول الباحث المصري المختص في العلوم السياسية: إنّ الإخوان منحوا الحوثي مواقع استراتيجية، لا سيّما المتاخمة للساحل الغربي، وخففوا الضغوط الميدانية عنهم التي سبق أن تعرضوا لها في الحديدة.
كما أنّ القيادي الحوثي ناصر البخيتي صرّح حينها أنّ “القضية” بين الحوثي وجماعة الإخوان “واحدة”، وقال: “قضيتنا وقضية الإخوان المسلمين قضية واحدة.
التحديات التي تواجهنا واحدة وكبيرة، ويفترض أن نكون في خندق واحد”.
ويمكن القول إنّ من بين الأمور المشتركة بين الحوثي وجماعة الإخوان في اليمن، تدمير التعليم، ومحاولة السيطرة على المدارس والجامعات بحيث تكون ضمن نطاق سيطرتهم وتمرير المناهج التي تنجح في صناعة شخصية مسيسة وإيديولوجية، لا تنتمي لمفهوم “الوطن”، وفق المصدر ذاته.
وأردف أنّ جامعة عدن قد فضحت مؤخراً وجود بحثين علميين متماثلين وقد تم تقديمهما من شخصين مختلفين لنيل إحدى الدرجات العلمية.
وقال الكاتب اليمني مصطفى المخلافي حول هذه القضية: إنّ “ما جرى هو من غرائب هذا الزمن، والذي يصعب تخيله في هذا الوطن، ولكنّه وارد بكلّ تجلياته في واقعة جامعة صنعاء التي تُعدّ كارثة حقيقية من العيار الثقيل، تتجلى بوضوح في حدوث سرقة علمية لنيل شهادة عليا بدرجة “ماجستير”، وهي سابقة في التاريخ، لم يكن أحد يتصور حدوثها، والمتمثلة بمنح القيادي الحوثي الإرهابي مهدي المشاط درجة الماجستير بعد تزوير شهادات دراسية خلال مراحله من التعليم الأساسي حتى الجامعي”.
المصدر : حفريات