كريتر نت – متابعات
تنامي المحور الصيني – الروسي – الإيراني دون مواجهته بإجراءات رادعة سريعة وعملية بات يقوض هيبة الولايات المتحدة ويربك إستراتيجياتها. ويرى محللون أن هذا المحور أصبح أشد خطورة وأكثر تعقيدا بسبب ضعف السياسة الخارجية والعسكرية الأميركية.
وتأتي الانتخابات الرئاسية الأميركية القادمة في الأسبوع الأول من نوفمبر المقبل، في الوقت الذي تواجه فيه الولايات المتحدة تحديات جيوسياسية شديدة الصعوبة مما أعطى ملف السياسة الخارجية أهمية كبيرة في معركة الانتخابات الحالية، على عكس الحال في دورات سابقة سيطرت فيها القضايا الداخلية من الاقتصاد إلى حق الإجهاض على السجال الانتخابي.
وفي الوقت نفسه يواجه الرئيس الديمقراطي جو بايدن الذي يستعد لخوض معركة الانتخابات للفوز بولاية ثانية هجوما حادا من جانب خصومه الجمهوريين ومعسكر اليمين السياسي بشكل عام على خلفية سياسته الخارجية التي يرى البعض أنها تجعل الولايات المتحدة تبدو ضعيفة على الصعيد العالمي.
وقال روبرت ويلكي، الذي عمل في إدارة الرئيس الأميركي الجمهوري السابق دونالد ترامب كعاشر وزير لشؤون المحاربين القدماء ووكيل لوزارة الدفاع لشؤون الأفراد والجاهزية، في تحليل نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأميركية، إن اليسار الأميركي لم يستوعب دروس الحرب العالمية الثانية عندما تجاهل الغرب تنامي قوة ألمانيا النازية بعد الحرب العالمية الأولى والتهام الزعيم النازي أودولف هتلر الدول الأوروبية واحدة وراء أخرى، حتى اشتعلت الحرب العالمية الثانية التي قضت على 40 مليون إنسان.
ويرى ويلكي الذي عمل كباحث زائر في مركز الأمن الأميركي التابع لمعهد سياسات أميركا أولا للأبحاث أن الولايات المتحدة تواجه حاليا خطرا مميتا من محور الشر الذي يضم الصين وروسيا وإيران، وهو المحور الذي أصبح أشد خطورة وأكثر تعقيدا من الاتحاد السوفيتي السابق. وفي الوقت نفسه قال وزير الدفاع البريطاني جرانت شابس “إننا ندخل الآن مرحلة ما قبل الحرب” في وقت لا يمتلك فيه الجيش البريطاني ذخيرة تكفيه للقتال أكثر من أسبوع واحد إذا واجهت بريطانيا حربا كتلك الدائرة في أوكرانيا.
◙ القوة العسكرية الأميركية منتشرة على نطاق يفوق قدرتها، كما أنها لم تعد تحظى بالتقدير الكافي وتعاني من قلة الموارد
ويقول ويلكي إن إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما ونائبه بايدن سعت إلى استرضاء الخصوم التقليديين للولايات المتحدة، وإيران وروسيا، والصين. وأرسلت مليارات الدولارات من أموال دافعي الضرائب إلى الملالي في إيران ووعدت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالتساهل معه بعد إعادة انتخابه، وأظهرت الضعف أمام الصين من خلال عدم الاحتفاظ بالوجود العسكري الأميركي في المحيط الهادئ.
وأما الأكثر خطورة وإثارة للقلق فهو أن هذه الإدارة شجعت الخصوم والأعداء على تجاوز “الخطوط الحمراء” التي كانوا يخشون تجاوزها لأن الرد الأميركي عليها يكون ساحقا ومدمرا. وقد تم تجاوز هذه الخطوط عدة مرات دون رد مناسب من جانب البيت الأبيض. وظهرت الولايات المتحدة كنمر من ورق كما يقول باستمرار الشيوعيون والجماعات الدينية المتطرفة.
كما اتسع نطاق الحروب وزاد عدد الأميركيين المعرضين للخطر. ثم جاءت أفغانستان والآن جاءت الردود الضعيفة على الهجمات التي تشنها جماعات موالية لإيران على الأميركيين في الشرق الأوسط. والآن أصبحت القوة العسكرية الأميركية منتشرة على نطاق يفوق قدرتها، كما أنها لم تعد تحظى بالتقدير الكافي وتعاني من قلة الموارد.
وأصبحت الولاية الثالثة لأوباما ممثلة في إدارة الرئيس جو بايدن أسوأ لأن الأخير يشرف حاليا على أكبر تراجع لقوة ومكانة واشنطن في تاريخها. فقد انخفضت نسبة الإنفاق العسكري للولايات المتحدة من إجمالي الناتج المحلي إلى أقل مستوياتها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، كما تدهور مستوى التجنيد العسكري لآن إدارة بايدن تستخدم وزارة الدفاع كحقل تجارب لسياسات العدالة الاجتماعية.
ولم يحتج بايدن إلى أكثر من 7 أشهر لكي يجعل الولايات المتحدة موضع سخرية في أفغانستان. ويواصل ويلكي هجومه على الرئيس الأميركي في تحليله ويقول إذا لم يكن ما سبق كافيا، فإن وزارة العدل الأميركية قالت للعالم يوم 8 فبراير الحالي إن رئيس الولايات المتحدة غير قادر على القيام بوظيفته. وعلى الفور أبلغ رؤساء أجهزة المخابرات في العالم رؤساء دولهم بمحتوى “تقرير هور” وأعادوا تشغيل الفيديوهات التي تحتوي على سقطات وأخطاء الرئيس بايدن أمام وسائل الإعلام.
◙ إدارة الرئيس جو بايدن أسوأ لأن الأخير يشرف حاليا على أكبر تراجع لقوة ومكانة واشنطن في تاريخها
وكان المحقق الأميركي روبرت هور الذي تولى التحقيق في اتهام بايدن بإساءة التعامل مع الوثائق السرية قد أعلن ملخص تقريره الذي قال فيه إن الرئيس الديمقراطي (81 عاما)، “ذو ذاكرة ضعيفة”، وأن ذاكرته “ضبابية وغامضة وضعيفة”، وأنه لا يستطيع أن يتذكر تواريخ تخص معالم بارزة في حياته، كتوقيت وفاة ابنه بو، أو عندما شغل منصب نائب الرئيس.
لكن بايدن رد بغضب على التقرير قائلا “ذاكرتي جيدة”، وانتقد المحقق الخاص لادعائه أنه غير قادر حتى على تذكّر تاريخ وفاة ابنه بو عام 2015، في حين وصفت نائبة الرئيس كامالا هاريس تقرير هور بأنه “غير مبرر وغير دقيق وغير مناسب ومدفوع سياسيا”.
ويختتم روبرت ويلكي تحليله بالقول إن هذه الأوضاع تطرح السؤال عمن يقود البيت الأبيض، مشيرا إلى أنه في الإدارة الحالية اختفى وزير الدفاع عدة أيام دون أن يلاحظ ذلك أحد، عندما دخل إلى المستشفى لتلقي العلاج دون إعلان وتفويض نائبه بمهام منصبه كما تقضي القواعد. وتواجه واشنطن مخاطر هائلة في وقت لا يبدو بايدن قادرا على الإمساك بزمام الأمور كما يجب بالنسبة إلى رئيس للولايات المتحدة.