كتب .. العميد احمد هادي المشرقي
قايد لواء الاسناد القتالي دفاع شبوه
قائدي ومعلمي العميد علي مقبل محمد هذه هي اول رسالة اكتبها إليك بحبر مكلوم وأحرف حزينة على رحيلك الموجع .
اكتب اليك بالالم المحب الذي فقد اقرب الناس الى قلبه واسى الرفيق الذي خسر اهم أعمدة رفاق دربه، اكتب اليك رسالتي هذه بعد 25 يوما من رحيلك الموجع وبعد أن أفتقدت مسامعي الى صوتك الابوي في نبراته … صوتك الموجز في كلماته .. صوتك العميق في دلالته الواضح في معانيه الموجز والحازم في توجيهاته .
قائدي ومعلمي لم أكن أتصور أن حديثك الهاتفي معي ليلة 21 يناير 2024 سيكون حديث الوداع وانك ستغادرنا في الليلة التي تليها ؛ ولكن هذا قدر الله.
لقد كنت لنا نعم القائد .. القائد المجرب فارس الصحراء وذئب الجبل .. القائد المحنك الذي تعلمنا في مدرسته الوطنية معنى الوطن وحبه وقيمة التضحية من أجله وفي سبيله .. تعلمنا منك كيف يخلص المناضل لقضيته وكيف يكون وفيا لرفاقه وثابا على قيمه ومبادئه .
لقد كنت ضابط ايقاع خطانا النضالية، قائدا ملهما لنضجنا الوطني وكابح ومفرملا لطيشنا السياسي.
لقد كنت واحدا من الشباب المتهور في بعض الاحيان وكان حماسنا المنفعل يدفعنا إلى ارتكاب بعض الأعمال غير المدروسة ولكنك كنت تخرجنا منها بسلام بحكمتك وتجريتك في الحياه ولا زالت اتذكر كيف انتزعت فتيل غضبي وفرملت حماقتي عندما كنت على وشك ارتكاب فعل متهور عند وقوعنا في كمين نصبته لنا قوات الاحتلال في منطقة حكوله .
لقد انبهرت من حسك الأمني وسرعة اتخاذك القرار الحازم بالافالات من الكمين بدلا من قراري بمواجهته وبقرارك هذا أنقذت حياتي وحياة رفاق الدرب علي البيشي وعلي حيمد رحمه الله والمعطري والسقلدي الشعيب وفلاح السكران واخرون ولولا وجودك معنا لكان تصرفنا المتهور كفيل بتصفيتنا خاصه ان اغلب رفاقنا بدون سلاح ولذا نحن ندين لك بحياتنا بعد الله تعالى .
لقد تعلمنا في مدرستك العسكرية ذات الخبرات والتجارب الغنية بالمآثر والمليئة بالعبر نستلهم منك دروس الحياه وفن القيادة ولغة التخاطب واحترام الاقدميه واختيار الوقت المناسب لإنجاز المهام .
قائدي ومعلمي تعلمنا منك أن المعركة الاصعب هي تلك المعركة التي تفرض عليك دون أن تكون مستعدا لها والتي يتحكم فيها عدوك بزمانها ومكانها وادواتها .
لازلت اتذكر كيف كنت تشحذ هممنا وتخلق فينا الامل وتحدثنا عن حتمية انتصار القضايا العادلة وان القضية الجنوبية قضية عادلة وستنتصر وان المعركة جزء من الحرب ؛ وان خسارة المعركة لا تعني خسارة الحرب وان ما جرى عام 1994 هي معركة من بين المعارك المتعددة والمتنوعة التي يخوضها الجنوب في إطار حربه مع الشمال وان خسارتنا لتلك المعركة وما تلاها من معارك في مختلف المجالات ليست نهاية الدنيا ولا تعني أننا خسرنا الحرب مع الاحتلال وكلامك هذا كان وقود اشعال حماسنا ودافع استمرار مسيرتنا النضالية وجهدنا واجتهادنا وبارقة املنا في الانتصار الذي تحقق جزء كبير ومهم منه في 2015م
مهما كتبت اوكتب رفاق دربك عن المواقف والأحداث التي جمعتنا وكنت انت راس الحربة فيها منذ بعد حرب صيف 94 إلى حرب 2015 والى اخر لحظه من حياتك عن ماذا سيكتب المرء عنك، هل سيكتب عن القائد عسكري المشبع بالوطنيه الذي لا يعرف الانكسار في مسيرته العسكرية التي ارتبطت بسلاح المدفعيه وشغفك في دك متاريس وحصون الاعداء ام يكتب عن السلوك القويم والأخلاق النبيلة التي عرفت فيها من نعومة اظافرك.
لقد خسرنا وخسر الجنوب واحدا من صناديده الذي ظل ثابتا على مبادئه ومواقفه الشجاعة حتي اخر لحظه من حياته .
تغمدك الله بواسع رحمته ويلهم اهلك وذويك بالصبر والسلوان انه سميع عليم وانا لله وانا اليه راجعون.