كريتر نت – متابعات
يعمق ارتفاع أسعار السكر واحتمال تقلص المحصول بسبب التغيرات المناخية التي تضرب أجزاء رئيسية من المناطق التي تعتمد على زراعته صدمة الأسواق العالمية للغذاء، ما يضيف منغصات أخرى تعاني منها الدول بالفعل لتأمين احتياجاتها من السلع الأساسية.
وارتسمت معالم القلق على أسواق السكر العالمية مع تسجيل ارتفاع غير مسبوق في الأسعار، هو الأعلى منذ أكثر من عقد مع محاولة المشترين تأمين مخزوناتهم الكافية قبل تقلص الإمدادات جراء تقلبات الطقس في المناطق الرئيسية للإنتاج.
وارتفعت أسعار السكر العالمية بسبب المخاوف من أن الطقس الأكثر جفافا من المعتاد والمرتبط بظاهرة النينيو المناخية ومن المرجح أن يؤدي إلى انخفاض الإنتاج في الهند وتايلاند، أكبر منتجين للسكر في آسيا.
ومن المرجح أن يؤدي غياب الهند عن السوق العالمية إلى ارتفاع الأسعار القياسية في بورصتي نيويورك ولندن التي يتم تداولها بالفعل حول أعلى مستوياتها منذ سنوات عند 716 دولارا للطن، مما يثير المخاوف من تفاقم التضخم في أسواق المواد الغذائية العالمية.
مايكل ماكدوغال: وقف صادرات السكر الهندية خلال الموسم المقبل وارد
ومع اقتراب الرياح الموسمية في الهند من نهايتها، تتجه الأنظار إلى صحة محصول السكر مع تزايد التكهنات حول قيود التصدير المحتملة، ويقلص الاستهلاك العالمي البالغ 176 مليون طن في المتوسط سنويا.
وتُعتبر الصادرات الهندية أساسية لتلبية الطلب العالمي مع اقتراب نهاية موسم الحصاد في البرازيل، أكبر مصدّر عالمي للسكر، لاحقاً هذا العام.
كما يتسبب القلق بشأن نقص السكر خلال الأشهر الأولى من 2024 في زيادة كبيرة بفرق السعر بين العقود المستقبلية تسليم مارس بالنسبة إلى الهند ونظيرتها البرازيلية تسليم مايو.
وقبل شهر تقريبا، أكدت مصادر حكومية لرويترز أنه من المتوقع أن تمنع الهند المطاحن من تصدير السكر في الموسم المقبل، الذي يبدأ في أكتوبر، مما سيوقف الشحنات للمرة الأولى منذ سبع سنوات بعد نقص محصول قصب السكر بسبب شحّ الأمطار.
ورجح مايكل ماكدوغال المدير الإداري في شركة باراغون غلوبال ماركتس في تصريح لوكالة بلومبرغ وقف صادرات السكر الهندية خلال الموسم المقبل، على الأقلّ حتى تنتهي الانتخابات.
وتشهد سوق السكر العالمية حالة من الاضطراب منذ أسابيع بسبب المخاوف من تأثير قلة هطول الأمطار على الإنتاج مما قد يدفع الهند إلى تقييد الشحنات لاحتواء الأسعار المحلية قبل انتخابات العام المقبل.
وعلى الرغم من ثقة وزير الغذاء الوطني بإنتاجية المحصول، فإن التجار والمحللين يقولون إن القيود قادمة.
وكانت كميات التصدير من الهند، وهي ثاني أكبر دولة تزرع قصب السكر، محل تساؤل رئيسي في الأسواق الدولية على مدار الأشهر الماضية.
وخفّضت جمعية مصانع السكر الهندية توقُّعاتها لشحنات السكر إلى حوالي 6 ملايين طن للموسم الجاري، بعدما أضرّ سوء الأحوال الجوية بالإنتاج، ما يجعل احتمال سماح الحكومة الهندية بتصدير كميات إضافية من السكر أمراً مستبعداً.
وتستمر الرياح الموسمية في الهند من يونيو حتى نهاية سبتمبر، وشهدت المناطق الرئيسية لزراعة السكر في ماهاراشترا وكارناتاكا انخفاضاً في هطول الأمطار هذا الموسم.
وتعد الدولة الواقعة في جنوب آسيا ثاني أكبر منتج للسكر في العالم بعد البرازيل، وبسبب ضعف إنتاج المحاصيل قامت حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي بالفعل بتقييد صادرات الأرز والقمح.
وبشكل عام كان هطول الأمطار الموسمية التراكمية في الهند أقل بنسبة 6 في المئة من المعتاد حتى الخميس الماضي، وفقاً لمكتب الأرصاد الجوية في البلاد، لكن النقص كان أكبر في بعض المناطق.
وشهدت أجزاء من ولاية ماهاراشترا هطول أمطار أقل بنسبة 14 في المئة تقريباً، بينما انخفضت في بعض مناطق ولاية كارناتاكا بنسبة 27 في المئة.
وكانت الأمطار الضعيفة في العام الماضي قد أدت إلى تراجع إنتاج المحاصيل، مما دفع الهند إلى تقييد صادرات السكر المكرر بنحو 6 ملايين طن في الموسم الحالي، أي ما يقرب من نصف ما كان مسموحاً به في العام السابق.
وفي مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ قبل فترة قال الرئيس التنفيذي لشركة شري رينوكا شوغر إن الإنتاج قد يكون “أقل بكثير”، وقد يؤدي ذلك إلى فرض قيود على الشحنات.
ووفقاً لمسح أجرته بلومبرغ شمل 13 محللا فضلاً عن تجّار وصناعيين، أشار معظمهم إلى أن الهند قد لا تصدر أي سكر في الموسم الجديد الذي يبدأ في الأول من أكتوبر بسبب انخفاض الإنتاج.
وقال اثنان من المشاركين في الاستطلاع إنه قد يصل إجمالي الشحنات إلى مليوني طن على الأقل.
وفي مؤتمر عقد في نيودلهي الأسبوع الماضي، قال المدير العام لشركة سوكدين جيريمي أوستن إنه من المتوقع أن تنتج الدولة الواقعة في جنوب آسيا 28.6 مليون طن من السكر هذا الموسم.
وتقدر جمعية مصانع السكر الهندية أن إنتاج البلاد بلغ 32.8 مليون طن في 2022 – 2023.
716 دولارا سعر الطن في بورصتي نيويورك ولندن، بينما يبلغ الاستهلاك العالمي 176 مليون طن
وبالعودة إلى البرازيل، من المتوقع سقوط أمطار متفرقة في وسط الجنوب، المنطقة الأكثر إنتاجاً للسكر على مدار ما تَبقَّى من هذا العام، وفقاً لخبراء الأرصاد الجوية في مؤسسة رورال كلايما.
وأشاروا في تقرير نشر مؤخرا إلى أن الأمطار التي تزيد على المتوسط الطبيعي قد تؤدّي إلى تعطيل حصاد قصب السكر، وتوقف عمليات التحميل في الموانئ الرئيسية، ما يثير مخاوف إضافية بشأن الإمدادات.
وفعليا ارتفعت أسعار السكر المحلية في الهند بنحو 5 في المئة حتى الآن هذا العام، وفقاً لبيانات وزارة الغذاء. وتتحكم الحكومة بشكل غير مباشر في التكاليف لأنها تنظم الحجم الذي يمكن لمعامل تكرير السكر بيعه كل شهر.
ومن المقرر أن يبدأ الحصاد الشهر المقبل، ويقول وزير الغذاء سانجيف شوبرا إن “توقعات الإنتاج تحسنت بعد الأمطار الأخيرة”.
وأضاف أن البلاد “لا تواجه نقصاً في السكر، وأن الهند ستطلب من المنتجين بيع المزيد للسيطرة على الأسعار المحلية، كما ستراقب البلاد عمليات الاكتناز أيضا”.
ومع ذلك، فإن أي نقص من المرجح أن يجعل السوق متوترة، نظراً إلى أن إنتاج تايلاند، التي تعد من المصدرين الرئيسيين، من المتوقع أن ينخفض بسبب الجفاف.
ويتداول السكر الخام في بورصة نيويورك بالقرب من أعلى مستوى منذ 12 عاماً، رغم الحصاد الوفير في البرازيل، وقد يؤدي المزيد من الضغط على العرض العالمي إلى ارتفاع العقود الآجلة.