كريتر نت – متابعات
عاد نحو 12 مليون تلميذ الاثنين إلى المدارس في فرنسا، في ظل حظر ارتداء العباية والقميص، وفق قرار برّرته الحكومة بوجوب احترام العلمانية غير أنه أثار الجدل وطغى على تغطية وسائل الإعلام.
وإذ رحب مدراء المدارس بالحظر، إلا أن العديد من المعلمين يعتبرون أن قضية العباية “لا ينبغي أن تخفي القضايا الحقيقية على أرض الواقع”.
ووجه وزير الداخليّة جيرالد دارمانين رسالة إلى الشرطة للتأكيد على “الطبيعة الحساسة التي تنطوي عليها هذه العودة إلى المدرسة” فيما يتعلق بمس العلمانية في الأوساط المدرسية.
وقال وزير التربية والتعليم الفرنسي غابريال أتال عبر إذاعة “أر تي أل”، “حددنا 513 مدرسة على أنها من المحتمل أن تكون معنية بهذه القضية في بداية العام الدراسي”.
◙ العرض العلني للرموز أثار الجدل بشكل متكرر خاصة مع توسع أنشطة جماعات إسلامية متشددة وزيادة تأثيرها على الجالية
ودعت الحكومة بأكملها إلى “التكاتف” من أجل هذا الحظر الذي ينطبق أيضًا على ارتداء القميص الطويل بالنسبة إلى الذكور.
لكن الأمينة العامة لنقابة الاتحاد العمالي العام صوفي بينيه اعتبرت أن “بدء العام الدراسي بهذا الإعلان هو أمر خطير جداً”.
وقالت لقناة “فرانس 2” التلفزيونية العامة إن هذا “يحجب القضايا الحقيقية، ويَصِمُ جزءا من السكان”.
ويأتي الحظر بعد جدل واسع في فرنسا حول ما إذا كانت العباية رمزا دينيا أم لباسا عاديا.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأسبوع الماضي إنه “لا مكان للرموز الدينية في المدرسة”، وإن فرنسا دولة لائكية ولا يمكن السماح بخرق هذه اللائكية.
وأضاف أنه لا ينبغي أن يكون مدراء المدارس حائرين في اتخاذ قرار بشأن هذه المسألة بأنفسهم.
ووفقاً لقانون 15 مارس 2004 الذي يحظر ارتداء العلامات أو الملابس التي تُظهر الانتماء الديني يسمح للطلاب المخالفين بدخول المدرسة لا الصف، على أن يجرى حوار بين الأسرة ووزارة التربية.
وأثار العرض العلني للرموز التي ينظر إليها على أنها دينية الجدل بشكل متكرر، لاسيما عندما يتعلق الأمر بالإسلام، وهو أمر لم يظهر سوى مع توسع أنشطة جماعات إسلامية متشددة استفادت من مرونة الحكومات الفرنسية لسنوات طويلة، وأثّرت على أبناء الجالية، وخاصة من الأجيال الجديدة.
إيمانويل ماكرون: لا مكان للرموز الدينية في المدرسة
ولاحقا تحركت الحكومات الفرنسية للدفاع عن العلمانية كهوية جامعة للفرنسيين بمن في ذلك الذين هم من أصول غير فرنسية واتخذت جملة من الإجراءات.
وفي عام 1994، صدر قانون يسمح فقط باستخدام الرموز الدينية المتخفية في المدارس.
وبعد عشر سنوات، تم حظر ارتداء الحجاب بشكل كامل في المدارس، وكذلك تم حظر ارتداء “الكيبا”، غطاء رأس للرجال اليهود، والصلبان كبيرة الحجم.
وفي عام 2010، تم فرض حظر على النقاب في الأماكن العامة.
وعلى خطى الرئيس ماكرون الذي قرر جعل المدرسة “مجالا حكراً له”، ترغب الحكومة، بعد شهرين من أعمال الشغب التي هزت البلاد، في اعتماد سياسة الحزم في القضايا التعليمية، لاسيما فيما يتعلق بالعلمانية أو المعرفة الأساسية.
وتأتي بداية العام الدراسي مرة أخرى في ظل أجواء من التوتر بسبب أزمة تعيين المعلمين – وهي ظاهرة ليست جديدة ولكنها ترسخت منذ العام الماضي – فلم تشمل مسابقات التعيين في البلاد التقدم لشغل أكثر من 3100 وظيفة هذا العام.
وتعهد إيمانويل ماكرون الجمعة بالوفاء بفرز “معلم لكل فصل” في بداية العام الدراسي.
وأظهر استبيان أجرته نقابة المعلمين شمل ألفي شخص، أن 68 في المئة من المعلمين الذين شملهم الاستطلاع أعربوا عن خشيتهم من وجود نقص في الموظفين في بداية العام الدراسي.
ولحل أزمة المهنة، طرحت الحكومة سياسة “غير مسبوقة” لإعادة التقييم، ولكن على الرغم من الإقرار بالجهود المبذولة على صعيد الميزانية، استقبلت النقابات هذه التدابير بتحفظ كبير. وعارضت بوضوح تنفيذ “الميثاق” الذي ينص على زيادات جديدة في الأجور مقابل القيام بمهام إضافية، ولاسيما العمل كبدائل لمدة قصيرة.
وترى رابطة أولياء أمور الطلاب أن قضية حظر العباية يجب “ألا تطغى على القضايا المرتبطة بنقص موظفي” الإدارة أو التمريض أو “الأولوية التي يجب إعطاؤها لمكافحة التحرش أو الفصول المكتظة، أو منع التسرب من المدارس أو للآلاف من الأطفال المشردين”.