كريتر نت – متابعات
حماس تريد قطع الطريق على خطوات التقارب بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس والسعودية من خلال اللجوء إلى تصعيد ميداني يظهرها في مظهر الحركة الأكثر وقوة وتنظيما، ما يلفت إليها الأنظار ويدفع الرياض إلى مراجعة موقفها من عباس، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الأميركيين.
وعادت الاحتجاجات الشعبية قرب السياج الفاصل مع إسرائيل شرق قطاع غزة أيام الجمعة خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة، وسط رصد لتصعيد تدريجي في حدة المواجهات. ويأتي هذا في وقت يقول فيه مراقبون إن حركة حماس تخطط للتصعيد من أجل إظهار قوتها لمختلف الأطراف المتدخلة في الملف عربية أو أميركية، خاصة مع عودة التقارب بين السعودية وسلطة الرئيس الفلسطيني محمود عباس والحديث عن تأهيله ليكون شريكا في مسار التطبيع.
ويرى المراقبون أن اتجاه حماس نحو حزب الله وإيران بشكل علني، على غير العادة، يأتي بعد ما جرى من حديث عن أن محمود عباس يسعى للاستفادة من الاهتمام السعودي لتحقيق مكاسب سياسية ومالية كبيرة، وأن السعودية هي الوحيدة القادرة على فرضه من جديد شريكا للسلام.
وكشفت مصادر أميركية وإسرائيلية أن السلطة الفلسطينية قدمت قائمة مطالب للسعودية كجزء من صفقة تطبيع محتملة بين تل أبيب والرياض. وشملت قائمة الطلبات التي حملها أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ إلى الرياض، حسب موقع “أكسيوس” الأميركي، “منح السلطة الفلسطينية المزيد من السيطرة على مناطق معينة في الضفة الغربية، وإعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس، وفتح الرياض قنصلية لها بالمدينة ذاتها”.
وتقول مصادر فلسطينية إن الشيخ عاد من مباحثاته الأولى مع مستشار الأمن الوطني السعودي مساعد العيبان، والتي جرت قبل عدة أسابيع، بما سعت إليه سلطة الرئيس عباس أولا، وهو الحصول على مساعدات مالية من السعودية. وهو الأمر الذي لم تبقه السعودية سرا عندما أبلغت الرياض رام الله وواشنطن عن عزمها تجديد تمويل السلطة الفلسطينية.
◙ الدوحة التي تستضيف رئيس المكتب السياسي لحماس في الخارج، غاضبة على زعيم الحركة في غزة يحيى السنوار
وبحسب صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية فقد وعد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الرئيس عباس بأن أيّ اتفاق مع إسرائيل لن يضر بالجهود الرامية إلى إقامة دولة فلسطينية.
وتحسبا من التصعيد المتدرج مع إسرائيل، تسعى حماس إلى تعزيز تحالفاتها داخل الأراضي الفلسطينية وخارجها لاسيما مع حزب الله اللبناني. وأبرز الموقع الرسمي لحماس اجتماع صالح العاروري مع الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، والأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة في بيروت.
وبحسب بيان مشترك عقب الاجتماع فإنه “جرى تقييم مشترك للوضع في الضفة الغربية وتصاعد حركة المقاومة فيها، وكذلك التهديدات الإسرائيلية الأخيرة”. وأضاف أنه تم التأكيد على “الموقف الثابت والراسخ لكل قوى محور المقاومة في مواجهة العدو الصهيوني (إسرائيل) واحتلاله وغطرسته وأهمية التنسيق والتواصل اليومي والدائم بين حركات المقاومة خاصة في فلسطين ولبنان لمتابعة كل المستجدات السياسية والأمنية والعسكرية واتخاذ القرار المناسب”.
ولم تعلن حماس، التي تسيطر على قطاع غزة منذ عام 2007، علنا عن استئناف التظاهرات الشعبية قرب السياج الفاصل مع إسرائيل، بعد توقفها منذ نحو عامين باستثناء إحياء المناسبات الوطنية. إلا أن آليات حكومية شوهدت في الأيام الماضية تجري عمليات تسوية للأراضي في مناطق الاحتجاجات المعتادة شرق غزة.
وقال مسؤول في حماس في اتصال هاتفي مع وكالة الأنباء الألمانية إن الحركة بالتوافق مع الفصائل عازمة على تصعيد الاحتجاجات قرب السياج الفاصل “إسنادا للمقاومة في الضفة الغربية ودعما للمقدسات والأسرى الفلسطينيين”. وأضاف المسؤول أن تحضيرات واتصالات تتم، للمزيد من الحشد الشعبي وتصعيد الفعاليات في الاحتجاجات الشعبية، بهدف الضغط على إسرائيل بما في ذلك المطالبة بتحسين الأوضاع الإنسانية في غزة.
ويقول مراقبون إن حماس تتأهب لتصعيد محتمل مع إسرائيل، بالتحرك على عدة جبهات لاسيما في ظل ما تواجهه من ضغوط وأزمات تتعلق بالأوضاع المعيشية في قطاع غزة. ومن بين تلك الضغوط مصاعب تأمين صرف رواتب قرابة 40 ألفا من موظفي الحركة، والذين يتقاضون أصلا 60 في المئة من قيمة رواتبهم منذ سنوات طويلة.
واشتكى مسؤولو الحركة من تقليص دولة قطر بشدة ما تقدمه من أموال لصالح صرف رواتب موظفي حماس، في إطار منحتها الشهرية للمساعدات الإنسانية في قطاع غزة. وذكروا أن قطر التي كانت تخصص مبلغ 10 ملايين دولار لصالح رواتب موظفي حماس، قلصت المبلغ منذ نحو 6 أشهر إلى 3 ملايين فقط، كما أن هناك حالة من عدم انتظام الدفع في الشهور الثلاثة الأخيرة، ولم تصرف إلا مرة واحدة.
ولم تعلق حماس أو قطر علنا بشأن المنحة المالية المخصصة من الدوحة لرواتب موظفي الحركة الإسلامية. لكن مصادر في الحركة تحدثت عن استياء قطري من حماس، على خلفية تقاربها مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد مجددا، بعد قطيعة استمرت لسنوات. وبحسب المصادر، فإن الدوحة التي تستضيف رئيس المكتب السياسي لحماس في الخارج، غاضبة بوجه خاص على زعيم الحركة في غزة يحيى السنوار، على خلفية تصريحاته المتكررة بالإشادة بنظام الأسد.
◙ حماس تتأهب للتصعيد لاسيما في ظل ما تواجهه من ضغوط أزمات تتعلق بالأوضاع المعيشية في قطاع غزة
وكان صرف قطر منحة مالية تصل إلى 30 مليون دولار بشكل شهري تقريبا كمساعدات إنسانية لصالح قطاع غزة، تم بموجب تفاهمات رعتها الدوحة ومصر بين إسرائيل وحماس منذ أعوام لدعم الهدوء في غزة. وقال مصدر في حماس إن الحركة بصدد الضغط على كافة الأطراف المعنية لوقف “التضييق المالي الكبير” ضد قطاع غزة.
وعادة ما تمتنع حماس عن الإفصاح عن ميزانية لجنة متابعة العمل الحكومي التي تديرها في غزة، لكن وكيل وزارة المالية عوني الباشا أقر مؤخرا بأنها “تعاني من أزمة مالية خانقة نتيجة تراكم الديون عليها ونقص الإيرادات وشح الموارد المالية”.
كما أعلن رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة سلامة معروف، الشهر الماضي، أن الوزارات الحكومية في القطاع تواجه “ضائقة مالية شديدة بفعل عدم وجود تساو بين النفقات والإيرادات”. وبحسب معروف، وصل العجز التراكمي الذي تعانيه لجنة متابعة العمل الحكومي في غزة إلى ما يزيد عن مبلغ 116 مليون شيقل (نحو 30 مليون دولار أميركي). وهددت إسرائيل مؤخرا باستهداف قادة حماس لاسيما نائب رئيس مكتبها السياسي في الخارج صالح العاروري على خلفية تصاعد الهجمات ضد أهداف إسرائيلية في الضفة الغربية.
وجاهرت حماس في الأشهر الأخيرة بتبني المسؤولية عن هجمات قُتل فيها إسرائيليون في الضفة الغربية وداخل إسرائيل. ومنذ مطلع العام الجاري، قتل نحو 175 فلسطينيا برصاص الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية وشرق القدس، بما يتجاوز العدد الكلي للفلسطينيين الذين قتلوا العام الماضي كله (155)، في أكبر حصيلة مسجلة منذ عام 2005. في المقابل قتل 36 إسرائيليا في هجمات فلسطينية بالمقارنة مع ستة قتلوا خلال نفس الفترة من العام 2022.