كريتر نت – متابعات
استأنفت الأمم المتحدة والولايات المتحدة تحركاتهما في الملف اليمني، بعد فترة جمود طالت نسبيا، وسط تساؤلات حول ما إذا كان هذا النشاط مرتبطا بخطة جديدة يجري تسويقها، أم هو مجرد تحريك للمياه الراكدة.
وأعلن المبعوث الأممي لليمن هانس غروندبرغ، أن مكتبه يعمل على دعوة أطراف النزاع للاجتماع من أجل “معالجة بعض الأولويات العاجلة، والتحرك لتسوية مستدامة” للصراع في البلاد.
جاء ذلك في إحاطة قدمها غروندبرغ إلى مجلس الأمن الدولي الأربعاء، خلال جلسة ناقشت تطورات أزمة اليمن.
وقال غروندبرغ إن أطراف النزاع “تواصل إظهار الاستعداد للبحث عن الحلول، إلا أنه لا زالت هناك حاجة إلى ترجمة ذلك إلى خطوات ملموسة، وخصوصا الاتفاق على طريق للتقدم يشمل إعادة بدء عملية سياسية يمنية جامعة”.
وأضاف “لن يكون هناك تحسّن مستدام للوضع ما لم يجتمع الطرفان (الحكومة وجماعة الحوثي) لمناقشة الحلول المستدامة للتحديات الاقتصادية والمالية لليمن والاتفاق عليها”.
هانس غروندبرغ: نعمل على دعوة الأطراف إلى الاجتماع لمعالجة بعض أولوياتهم
وتابع “يعمل مكتبي على دعوة الأطراف إلى الاجتماع لمعالجة بعض أولويّاتهم العاجلة لبناء الثقة والتحرك نحو تسوية سياسية شاملة ومستدامة في البلاد”.
وتكاد تصريحات المبعوث الأممي تكون متطابقة مع ما ورد على لسان المبعوث الأميركي تيم ليندركينغ، الذي عاد مؤخرا إلى المنطقة، بعد غياب نسبي.
وقال ليندركينغ في تصريحات إعلامية، إننا نعمل على إيجاد صيغة لوقف نهائي لإطلاق النار، مؤكدا أن الوقت الحالي هو وقت الحوار.
وطالب المجتمع الدولي بدعم حوار داخلي، مطالبا جماعة الحوثي بالابتعاد عن لغة التهديد، في إشارة إلى تصريحات أخيرة لزعيم الجماعة عبدالملك الحوثي توعد فيها بالعودة إلى استهداف العمق السعودي.
وقال مراقبون إن القاسم المشترك في تصريحات المبعوثين الأممي والأميركي، هو دفع الجانبين الحكومي والحوثي إلى طاولة الحوار، وهذا مقترح ليس بجديد ومن غير المرجح أن يلقى قبولا من جماعة الحوثي، في حال لم تمارس داعمتها إيران ضغطا عليها للموافقة.
وسبق وأن رفض الحوثيون مرارا الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا لبحث فرص التسوية السياسية، واقتصرت موافقاتهم على الجلوس فقط لبحث تفاصيل من بينها مسألة الأسرى، والتي تشهد هي الأخرى تعثرا.
ويصرّ الحوثيون على أن صراعهم الجوهري هو مع المملكة العربية السعودية، وبالتالي فإن الحل السياسي يرتبط بتفاهم سياسي معها، وليس مع ما يعتبرونهم “أدوات محلية”.
ويشير المراقبون إلى أنه من غير المنتظر أن يسفر الحراك الأممي والأميركي الجديد على أيّ اختراق فعلي، وأن الوضع سيبقى على ما هو عليه أي “لا سلام ولا حرب”، بانتظار بروز متغيّر قد يقود إلى تطور.
وقال المبعوث الأممي خلال إحاطته أمام مجلس الأمن إنه “رغم انتهاء الهدنة، لم تعد الأعمال العدائية إلى مستويات ما قبل الهدنة.. وقد استمر القتال المتقطع وتبادل إطلاق النار على بعض الجبهات خاصة في تعز والضالع (جنوب غرب) ومأرب (وسط) والحديدة (غرب) وشبوة (جنوب) وصعدة (شمال)، وهناك تهديدات علنية بالعودة إلى الحرب”.
تيم ليندركينغ: نعمل على إيجاد صيغة لوقف نهائي لإطلاق النار
ودعا المبعوث الأممي الأطراف اليمنية إلى “الامتناع عن الخطاب التصعيدي ومواصلة استخدام قنوات الحوار التي أنشئت بموجب الهدنة من خلال لجنة التنسيق العسكرية والبناء على هذه القنوات لخفض تصعيد الحوادث”.
وكانت الهدنة التي استمرت ستة أشهر بين طرفي الصراع في اليمن انتهت في 2 أكتوبر الماضي، وتتبادل الحكومة والحوثيون اتهامات بشأن المسؤولية عن فشل تجديدها.
وحث غروندبرغ الأطراف “على مواصلة العمل عن كثب مع مكتبه لتحقيق هدف الإفراج غير المشروط عن المحتجزين على خلفية النزاع على أساس مبدأ الكل مقابل الكل”.
وتتكثف منذ مدة مساعٍ إقليمية ودولية لإيجاد حل سياسي شامل للأزمة في اليمن، شملت زيارات لوفدين سعودي وعماني إلى صنعاء، وجولات خليجية للمبعوثين الأميركي والأممي، لكن هذه المساعي انحسرت مؤخرا في مؤشر على أن الأمور أكثر تعقيدا.
وبدأت الحرب في اليمن قبل نحو تسع سنوات بين القوات الموالية للحكومة الشرعية، مدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، وقوات الحوثيين، المدعومين من إيران، والمسيطرين على محافظات ومدن بينها العاصمة صنعاء منذ 21 سبتمبر 2014.
واتخذت الحرب خلال السنوات الأخيرة أبعادا مختلفة، مع بروز قضية جديدة قديمة، وهي قضية الجنوب، والتي لا يمكن، وفق متابعين، تحقيق أيّ تسوية في اليمن قبل معالجتها بشكل جذري.