كريتر نت – متابعات
خيار الوسطاء والضغوط السياسية على الانقلابيين فشلا في النيجر، ما دفع بدول غرب أفريقيا إلى التلويح بالتدخل العسكري وتم إمهال الانقلابيين يوما واحدا قبل أن تنفذ ضرباتها الأحد. ولا يعرف إن كان هذا تهديدا جديا أم مجرد ضغوط على أمل تحقيق تنازلات من العسكريين.
وقالت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) الجمعة إن مسؤولي الدفاع فيها وضعوا خطة لعمل عسكري إذا لم يتم إسقاط انقلاب النيجر بحلول الأحد، وذلك بعد فشل الوساطة في إنهاء أزمة تهدد الأمن الإقليمي وتجتذب قوى عالمية.
ولا يعرف إن كان التدخل سيكون محدودا ويستهدف مواقع تمركز قيادات العسكر الذين تزعموا الانقلاب أم أنه سيكون موسعا في العاصمة نيامي، في وقت يقول فيه مراقبون إن فرنسا تتحرك من وراء الستار لدفع إيكواس إلى مغامرة غير محسوبة.
ومنحت إيكواس قادة الانقلاب في النيجر حتى اليوم الأحد للتنحي وإعادة الرئيس المنتخب محمد بازوم إلى السلطة.
واتخذت إيكواس موقفا صارما من انقلاب الأسبوع الماضي وهو سابع انقلاب في غرب أفريقيا ووسطها منذ عام 2020.
ضربات محدودة أم موسعة
تتمتع النيجر بأهمية إستراتيجية للولايات المتحدة والصين وأوروبا وروسيا نظرا لثرواتها من اليورانيوم والنفط ودورها المحوري في التصدي لمتمردين إسلاميين في منطقة الساحل.
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية السبت إن باريس ستدعم بقوة جهود إيكواس لإحباط الانقلاب العسكري في النيجر. والتقت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مع رئيس وزراء النيجر وسفير النيجر في باريس السبت.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الجمعة إن بلاده ستوقف بعض برامج المساعدات الخارجية التي تستفيد منها حكومة النيجر، لكنها ستواصل تقديم مساعدات إنسانية وغذائية.
وقال عبدالفتاح موسى مفوض الشؤون السياسية والسلام والأمن في إيكواس إن المجموعة لن تكشف لمدبري الانقلاب متى وأين ستكون الضربة، مضيفا أن هذا القرار سيتخذه رؤساء الدول.
وقال في ختام اجتماع استمر ثلاثة أيام في العاصمة النيجيرية أبوجا “جرى العمل هنا على جميع العناصر التي ستكون مشاركة في أيّ تدخل نهائي بما في ذلك الموارد المطلوبة وكيف ومتى سننشر القوات”.
ومهما يكن خيار إيكواس، فإنه يغامر بنشوب المزيد من الصراع في واحدة من أفقر مناطق العالم حيث تنشط في ظل الفوضى جماعات مرتبطة بتنظيمي الدولة الإسلامية والقاعدة.
ولم يتضح بعد مدى الدعم الذي تحظى به إيكواس. وقالت تشاد المجاورة، التي ليست عضوا في إيكواس لكن زعيمها العسكري ورئيسها محمد إدريس ديبي لعب دورا في جهود الوساطة في الأسبوع الماضي، إنها لن تتدخل عسكريا.
كما قال وزير الدفاع التشادي الجنرال داود يايا إبراهيم للتلفزيون الرسمي “نناصر دائما الحوار بين أبناء النيجر ولن نتدخل أبدا بأيّ وسيلة عسكرية”.
وفرضت إيكواس المؤلفة من 15 عضوا بالفعل عقوبات على النيجر وأرسلت وفدا إلى نيامي سعيا للتوصل إلى “حل ودي”، لكنّ مصدرا في الوفد قال إنهم قوبلوا بالرفض ولم يبقوا كثيرا.
وقال موسى “نريد للدبلوماسية أن تنجح، ونريد أن تُنقل إليهم هذه الرسالة بوضوح ومفادها أننا نمنحهم كل فرصة للتراجع عما فعلوه”.
وطلب الرئيس النيجيري بولا تينوبو من حكومته الاستعداد لخيارات تشمل نشر جنود، في رسالة تليت على مجلس الشيوخ الجمعة.
ودعا إلى ” القيام بحشد وتعزيزات عسكرية ونشر الأفراد للتدخل العسكري لفرض امتثال المجلس العسكري الحاكم في النيجر إذا ظل على تمرده”.
وقالت وزارة الخارجية النيجيرية إن التدخل العسكري هو الحل الأخير إذا رفض الانقلابيون في النيجر التراجع. وقالت السنغال أيضا إنها سترسل قوات.
من جهتها، أبلغت الجزائر، المحسوبة على الحلف الروسي، نيجيريا برفضها استخدام القوة ضد قادة الانقلاب في النيجر.
جاء ذلك خلال استقبال وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، باباغانا كينجيبي المبعوث الخاص للرئيس النيجيري، وفق بيان للخارجية الجزائرية.
وقال البيان إن عطاف “شدد على ضرورة تفعيل كافة الطرق والسبل الدبلوماسية وتجنب خيار اللجوء إلى القوة (ضد قادة الانقلاب) الذي لا يمكن إلا أن يزيد الأوضاع تعقيدا وتأزما وخطورة على النيجر وعلى المنطقة برمتها”.
عواقب مدمّرة
ندد المجلس العسكري بالتدخل الخارجي وقال إنه سيقاوم أيّ اعتداء. وخدم قائد الانقلاب عبدالرحمن تياني (59 عاما) كقائد كتيبة لقوات إيكواس أثناء صراعات في ساحل العاج في عام 2003، ومن ثم فهو يعرف ما تنطوي عليه مهام التدخل من هذا القبيل.
كما أن دعم المجلسين العسكريين في مالي وبوركينا فاسو لتياني يقوض وحدة غرب أفريقيا بشأن النيجر.
وقال بازوم الذي انتخب رئيسا للنيجر عام 2021، في أول تصريحاته منذ الانقلاب إنه رهينة ويحتاج إلى مساعدة أميركية ودولية. وبازوم البالغ من العمر 63 عاما محتجز في المقر الرئاسي في عاصمة النيجر نيامي.
وكتب في مقال رأي بصحيفة واشنطن بوست يؤيد العقوبات الاقتصادية وعقوبات السفر التي تفرضها إيكواس قائلا “إذا نجح (الانقلاب)، فستكون له عواقب مدمرة على بلدنا ومنطقتنا والعالم بأسره”.
وعلل المجلس العسكري في النيجر الاستيلاء على السلطة باستمرار انعدام الأمن، على الرغم من أن البيانات المتعلقة بالهجمات تظهر تحسنا بالفعل في الوضع الأمني.
وألغى المجلس العسكري بزعامة تياني هذا الأسبوع اتفاقيات التعاون العسكري مع فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، كما فعلت مالي وبوركينا فاسو المجاورتين بعد انقلابات فيهما.
ولدى فرنسا ما بين 1000 و1500 جندي في النيجر تدعمهم طائرات مسيّرة وأخرى حربية تساعد في محاربة تمرد جماعات على صلة بتنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية، وللولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا أيضا قوات متمركزة في النيجر.
ولم تلق باريس بالا لهذا، وقالت الجمعة إنها على الرغم من اطلاعها على تصريح “بعض رجال الجيش في النيجر”، لا تعترف إلا بالسلطات الشرعية.
وقال مصدران عسكريان من النيجر ونيجيريا إن النيجر سحبت أيضا قواتها العاملة في شمال نيجيريا في إطار قوة عمل عسكرية إقليمية مشتركة تقاتل متمردين إسلاميين في منطقة بحيرة تشاد.
وأضاف المصدران، وهما غير مخول لهما التحدث لوسائل الإعلام، إن قوات النيجر أكملت انسحابها مساء الخميس.
الرؤية الروسية
قطع مانحون غربيون الدعم للنيجر احتجاجا على الانقلاب. والنيجر واحدة من أفقر دول العالم وتعتمد في 40 في المئة من ميزانيتها على المساعدات. وفرضت دول في المنطقة عقوبات اقتصادية قال السكان إن تأثيراتها بدأت في الظهور.
وقال بازوم إن الانقلاب تسبب في حالة من الفوضى لبلاده، مع ارتفاع الأسعار بالفعل، بالإضافة إلى أن المتشددين الإسلاميين ومجموعة فاغنر قد يستغلون الموقف.
وكتب بازوم “بدعوة مفتوحة من مدبري الانقلاب وحلفائهم الإقليميين، قد تقع المنطقة الوسطى من الساحل بأكملها في دائرة النفوذ الروسي عبر مجموعة فاغنر التي ظهر إرهابها الوحشي بصورة واضحة في أوكرانيا”.
وقال يفغيني بريغوجين، قائد فاغنر التي لها قوات في مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى، الأسبوع الماضي، إن قواته مستعدة لإعادة النظام في النيجر.
وقالت روسيا الجمعة إن أيّ تدخل من جانب قوى غير إقليمية مثل الولايات المتحدة لن يجدي نفعا، وكررت دعوتها للعودة إلى الحكم الدستوري.
وظهرت دعاية مؤيدة لموسكو منذ الإطاحة بالرئيس السابق. ففي مسيرة احتجاج يوم الخميس، لوّح بعض مؤيدي الانقلاب في النيجر بالأعلام الروسية ونددوا بفرنسا وإيكواس.