كريتر نت – متابعات
تسارعت الأحداث بشكل سريع، ورد يفغيني بريغوجين مؤسس مجموعة فاغنر على ما وصفه بخيانة الجيش الروسي لمقاتلي مجموعته بالتقدم نحو العاصمة موسكو قبل أن يتراجع ويوقف تقدم قواته، في رسالة تبدو تحذيرية أكثر منها مسعى للانقلاب على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي وصف الهجوم بأنه تمرد مسلح وتوعد بسحقه.
يأتي هذا فيما يراقب الغرب ما يجري بحذر شديد، فلا هو في صف بوتين وشرعيته، وفي نفس الوقت فهو يتوجس من الفوضى التي قد تتسع لتصبح حربا أهلية.
وفي الوقت الذي أبدى فيه بوتين حزما في التصدي للانقلاب الميداني الذي حاول بريغوجين فرضه بقوة السلاح، فإن زعيم فاغنر بدأ بإرسال إشارات تعبّر عن رغبته في التهدئة والتوصل إلى حل، وكأن الهدف من الهجوم هو اختبار قدرة موقف بوتين وحزمه، وفي نفس الوقت اختبار قدرات الجيش الروسي ميدانيا خاصة بعد هجومه الإعلامي المستمر على القيادة العسكرية والتقليل من قدراتها وخبراتها.
وقال بريغوجين مساء السبت إنه أمر مقاتليه، الذين كانوا يتقدمون صوب موسكو، بالعودة إلى قواعدهم لتجنب إراقة الدماء.
زعيم فاغنر بعث إشارات تعبر عن رغبته في التهدئة، وكأن الهدف من الهجوم اختبار صبر بوتين وحزمه
وأضاف “الآن هو الوقت الذي يمكن فيه إراقة الدماء. لذلك، وإدراكاً منّا للمسؤولية الكاملة عن حقيقة أنّ دماء روسية ستراق على أحد الجانبين، فنحن ندير وجهة أرتالنا ونعود إلى المعسكرات الميدانية وفقاً للخطة”.
وأتى تصريح بريغوجين بعيد إعلان الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو أنّ رئيس مجموعة فاغنر أبلغه موافقته على “وقف تحرّكات” مقاتليه في روسيا وتجنّب أيّ تصعيد إضافي للوضع.
وقال لوكاشينكو في بيان له إنه يوجد خيار مقبول ومريح لحل الموقف مطروح على الطاولة مع ضمانات أمنية لمقاتلي فاغنر.
ولم يتضح إلى حد وقت طباعة الصحيفة مدى تفاعل السلطات الروسية مع هذه الخطوة وهل ستوقف ملاحقته وملاحقة عناصره أم ستستمر في “سحق التمرد”. كما لم يتضح مدى التزام بريغوجين بوقف تقدم عناصره، وهل سينفذ قراره أم أنه مجرد مناورة.
ويعتقد مراقبون أن بريغوجين لم يكن ليخطو مثل هذه الخطوات لو لم يكن لديه تقدير بأن الخطوة ستحقق نتائج لفائدته وأولها إحراج وزير الدفاع وقائد الجيش وإقناع بوتين بأن القيادة العسكرية عاجزة عن حماية الٍأراضي الروسية، وأنه لولا قواته لكانت أوكرانيا قد تقدمت ميدانيا على حساب الجيش الروسي.
ويرى المراقبون أن الانقلاب في واضحة النهار يظهر أن زعيم فاغنر ربما يكون لديه حلفاء أقوياء داخل موسكو، أو من داخل قيادة الجيش، وهو عنصر أشار إليه نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دمتري ميدفيديف، ذلك أن تصرفات أولئك الذين نظموا المحاولة “تتناسب تماما مع نمط الإطاحة بالدولة المخطط له والمدبر جيدا”.
ولم يستبعد ميدفيديف احتمال مشاركة أعضاء سابقين في وحدات النخبة العسكرية الروسية في الانتفاضة أو حتى مقاتلين من الخارج.
وانطلق مقاتلو فاغنر صوب موسكو بعد الاستيلاء على مدينة في جنوب البلاد خلال الليل، وفتحت طائرات تابعة للجيش الروسي النار عليهم لكنها عجزت عن إبطاء تقدمهم الخاطف.
وفي مواجهة أول تحد خطير لحكمه المستمر منذ 23 عاما، تعهد بوتين بسحق التمرد المسلح الذي شبّهه بالحرب الأهلية الروسية التي وقعت منذ قرن.