كريتر نت – متابعات
يتوج تشارلز الثالث، في السادس من مايو في لندن، ملكا على عرش بريطانيا العظمى خلفا لوالدته الملكة إليزابيث الثانية التي توفيت في سبتمبر، لكنه لن يرث مملكة متحدة. وفي المملكة المتحدة يريد المناهضون للملكية اغتنام الحدث لإحياء الجدل حول التاج، فالجمهوريون وعدوا بالاحتفال والتظاهر خلال حفل التتويج، ولطالما رفعوا شعار المطالبة بإلغاء الملكية في بريطانيا. كما يريد قادة مقاطعتين فيها، إسكتلندا وويلز، التخلص من الملكية.
ويرث الملك تشارلز الثالث حكم مملكة يريد قادة مقاطعتين فيها، إسكتلندا وويلز، التخلص من الملكية، بينما في أيرلندا الشمالية يشكل الشين فين الذي يدعو إلى إعادة التوحيد أغلبية، ووعد الجمهوريون بالاحتفال والتظاهر خلال حفل التتويج.
وقال رئيس الوزراء الإسكتلندي حمزة يوسف لصحيفة “ذي ناشيونال” في مارس خلال حملته لتولي قيادة الحكومة “أعتبر نفسي أولا وقبل كل شيء مواطنا وليس أحد الرعية”.
ووعد برئيس منتخب في السنوات الخمس التي تلي استقلال إسكتلندا وإن كان الهدف يبتعد بسبب زيادة الصعوبات التي يواجهها “الحزب الوطني الإسكتلندي” الذي يقوده.
لكنه سيحضر التتويج على غرار رئيس حكومة مقاطعة ويلز مارك دراكفورد وهو أيضا من المقتنعين بالجمهورية، وكذلك على غرار زعيمة حزب الشين فين الإيرلندي الشمالي ميشيل أونيل التي ستشكل مشاركتها سابقة.
أبعد من ذلك، في الكومنولث، تهدد التشققات هذه البقية من الإمبراطورية البريطانية التي يتربع على عرشها تشارلز ملك المملكة المتحدة و14 دولة أخرى. وتستعد الحكومة الأسترالية للتخلي عن الملكية بعد بربادوس التي فعلت ذلك.
في المملكة المتحدة، يريد المناهضون للملكية اغتنام الحدث لإحياء الجدل حول التاج، الذي طغت عليه منذ فترة طويلة الشعبية والاحترام اللذان كانت تتمتع بهما الملكة إليزابيث الثانية.
وقال غراهام سميث، المدير العام لمجموعة “ريبابليك” المناهضة للملكية التي تناضل من أجل إحلال رئيس دولة منتخب، “إنها فرصة كبيرة بالنسبة لنا، أعتقد أننا سنستفيد منها إلى
أقصى حد”.
يعتزم الجمهوريون التظاهر على طريق الموكب، بعد أن احتج عدد قليل منهم خلال رحلات للملك وهم يهتفون “ليس ملكي!”، منذ تولي تشارلز العرش بعد وفاة والدته إليزابيث الثانية في الثامن من سبتمبر.
وقال الزعيم الجمهوري إن الملكة كانت “نجمة” النظام الملكي خلال فترة حكمها التي استمرت سبعين عاما. وأضاف أن “الأرض باتت أكثر خصوبة والناس ما عادوا يرغبون في الاستماع والمشاركة”.
ويفترض أن تجد قضية الجمهوريين قبولا أوسع خصوصا بسبب حجم النفقات المخصصة لحفل التتويج، بينما يعاني البريطانيون بشدة من أسوأ أزمة غلاء معيشة منذ عقود.
لا تتجاوز نسبة البريطانيين الذين يعتبرون الملكية “مهمة جدا” 29 في المئة وهي نسبة قياسية، حسب أرقام المركز الوطني للبحوث الاجتماعية “ناتسن”. ومع ذلك، تدافع الغالبية عن الملكية، لكن هذا الدعم يتراجع بشكل خاص بين الشباب.
وقال غاي غودوين، الرئيس التنفيذي للمركز نفسه، إن “التحدي الذي يواجه النظام الملكي سيكون إثبات أهميته وجذب الشباب للاحتفاظ بهذا الدعم”.
لكن خلافا للقرن السابع عشر، من غير المتوقع إراقة دماء هذه المرة. فقد قاد تشارلز الأول إنجلترا إلى حرب أهلية وانتهى الأمر بقطع رأسه في 1649 بالقرب من كنيسة وستمنستر، حيث سيتم تتويج أحد أحفاده في السادس من مايو.
وبقي تشارلز الثاني ملكا على إسكتلندا بعد إعدام والده قبل أن يستعيد عرش إنجلترا وأيرلندا بعد حكم الجمهوريين في الفترة الفاصلة. لكن النزاعات الدينية التي كانت أحد عوامل الحرب الأهلية ظلت قوية. وعُزل شقيق تشارلز الثاني الكاثوليكي لصالح ورثة بروتستانت. لكن النظام الملكي يبدو أكثر استقرارا اليوم، كما تقول آنا وايتلوك، أستاذة تاريخ الملكية في جامعة سيتي لندن.
وقالت لوكالة فرانس برس “نعم إنها مملكة مفككة في نواح كثيرة، ومن الواضح أن هناك إمكانية لبدء نقاش لم يكن يدور طوال عهد الملكة الطويل”.
وأضافت أن “الشباب خصوصا بدأوا بالتساؤل عما يفعله النظام الملكي وما يستحقه وما إذا كان خاضعا للمساءلة”، مؤكدة أن “هناك تغييرا مع الاحتجاجات ووسم ليس ملكي (نات ماي كينغ)”.
وسيستغرق الجدل حول الجمهورية وقتا طويلا كما ترى المؤرخة التي تؤكد أن “من غير الوارد إطلاقا أن يتبع تشارلز الخطى المروعة لتشارلز الأول”.
في اللحظة التي توفيت الملكة، انتقل العرش على الفور إلى وريثها تشارلز، وظهر الحديث مرة جديدة عن كيفية قدرة النظام الملكي البريطاني على الاستمرار، في عصر انتهت فيه الملكية.
وفي وقت يقف فيه مئات الآلاف من البريطانيين في صفوف طويلة لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة على جثمان الملكة الراحلة إليزابيث الثانية ويحتشدون في الشوارع لتشييع الجثمان الذي يجوب مدن المملكة، ظهرت فئة وإن كانت قليلة تعبر عن موقفها من الملكية في بريطانيا.
وسلطت جنازة الملكة إليزابيث الضوء من جديد على الجمهوريين البريطانيين الذين يرفعون شعار إسقاط الملكية في المملكة المتحدة والانتقال نحو النظام الجمهوري.