كريتر نت – متابعات
شكلت إطلالة الرئيس قيس سعيد إحراجا كبيرا لقوى المعارضة التي روجت مؤخرا لسيناريوهات عديدة عن غيابه، ومنها تعرضه لأزمة صحية، ويرى مراقبون أن ظهور الرئيس التونسي من شأنه أن يضرب ما تبقى من مصداقية لدى المعارضة أمام الشارع.
وأطل الرئيس قيس سعيد، بعد غياب لنحو أسبوعين أثار مخاوف التونسيين، ليدحض ما تروج له قوى المعارضة بشأن تدهور وضعه الصحي، وذهاب بعضهم إلى حد دعوة الجيش إلى تسلم السلطة.
واعتبر الرئيس سعيّد، خلال لقاء جمعه الاثنين برئيسة الحكومة نجلاء بودن، أنّ هناك جهات تسعى إلى خلق الأزمات، مشدّدا على أنه لا مجال للحديث عن شغور في البلاد.
وقال “يتحدّثون عن ضرورة اعتلاء الجيش الحكم.. هناك دولة وقانون، ولا بدّ أن تقضي المحاكم في الدعوة إلى الانقلاب على السلطة”.
وأوضح الرئيس سعيد “كنت أنوي الخروج إلى الشارع فرحا بالغيث النافع في تونس..”. وعبّر قيس سعيّد في هذا السياق عن أمله في الخروج من الأزمة المائية، ووضع سياسة مائية في المستقبل حتّى لا نجد أنفسنا في مثل هذه الأزمة، وفق تعبيره.
وبدا الرئيس التونسي من خلال مقطع الفيديو الذي نشرته الرئاسة في صفحتها على فيسبوك في صحة جيدة، ما يدحض الشائعات التي روجت عن تدهور حالته الصحية، حتى أن هناك من النشطاء من قال إنه في العناية المركزة على خلفية إصابته بجلطة دماغية.
وكشف الرئيس التونسي أنّ التواصل بينه وبين رئيسة الحكومة كان مستمرا طيلة الفترة الماضية، وأنّ التنسيق متواصل بين كامل أجهزة الدولة عكس ما يتم الترويج له.
وأكّد قيس سعيّد على أنّه لا علم له بالتحاليل والأرقام المتداولة، والتي تدّعي تعرّضه إلى وعكة صحية، قائلا “لقد وصل بهم الأمر إلى نشر شهادة وفاة”.
وأوضح الرئيس التونسي أنّه لا مجال للحديث عن حالة شغور في البلاد، معتبرا أنّ الأطراف التي تروّج لهذه المعلومات تسعى إلى اختلاق الأزمات في البلاد.
وقال “يُحاولون اختلاق الأزمات. المهم بالنسبة إليهم الأزمة وراء الأزمة. هم يُريدون حدوث حالة شغور في البلاد، حقا بلغوا درجات من الجنون لم نشهدها من قبل”.
وكان غياب الرئيس سعيد، منذ الثاني والعشرين من مارس الماضي، قد أطلق العنان للمعارضة لترويج سيناريوهات مرضه.
وضاعف رفض وزير الصحة التونسي علي مرابط الرد على دوافع غياب الرئيس سعيد ووضعه الصحي من منسوب القلق لدى التونسيين.
ولم يقدم وزير الصحة أثناء حضوره مؤتمرا صحفيا الأحد أي معلومات عن صحة الرئيس لدى سؤاله من قبل الصحافيين.
وعزز الرئيس سعيد صلاحياته بشكل واسع في الدستور الجديد الذي وضعه عبر استفتاء شعبي، عقب إعلانه التدابير الاستثنائية في الخامس والعشرين من يوليو 2021 وحله البرلمان، في خطوات وصفتها قوى المعارضة بتكريس الحكم الفردي، فيما يؤكد الرئيس سعيد أن الهدف منها إعادة تصويب مسار الثورة التي أطاحت بنظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.
وكان نشطاء من المعارضة أول من أثار مسألة غياب الرئيس، عبر تساؤلات بدت “غير بريئة” على شبكات التواصل الاجتماعي، والتي قابلها نشطاء موالون لمسار يوليو برد فعل غاضب، معتبرين أن تلميحات المعارضة الغرض منها إحداث البلبلة والارتباك، في وقت تعيش فيه البلاد وضعا استثنائيا ودقيقا.
لكن طول غياب الرئيس دفع الجميع إلى التساؤل، ولا يخفي الكثيرون قلقهم حيال ما تردد حول وضعه الصحي.
وطالبت جبهة الخلاص الوطني، وهي أكبر تجمع سياسي معارض للرئيس سعيد وتقودها حركة النهضة الإسلامية، في وقت سابق الاثنين الحكومة بإنارة الرأي العام بشأن أسباب غياب الرئيس سعيد، متحدثة عن وعكة صحية للرئيس.
وقال زعيم الجبهة أحمد نجيب الشابي في مؤتمر صحفي إن على رئيسة الحكومة أن تحيط التونسيين علما بحقيقة وضع الرئيس، وما إذا كان الأمر يتعلق بموانع صحية ظرفية أم هي موانع دائمة.
رئيس الدولة يعتبر أنّ الأطراف التي تروّج لهذه المعلومات تسعى إلى اختلاق الأزمات في البلاد
وأضاف الشابي “بلغنا خبر توعك صحة الرئيس منذ اليوم الأول واعتقدنا أن الأمر يتعلق بمرض يمكن أن ينتاب أي شخص”.
وقال زعيم جبهة الخلاص “الغموض اتسع ووسائل الإعلام باتت تتناقل الخبر وزاد الغموض موقف وزير الصحة الذي رفض الإجابة عن أسئلة الصحافيين” بشأن صحة الرئيس. وتابع “لا نتمنى المرض لأي كان ولكن رئاسة الدولة مركز حيوي في الحياة الوطنية و’الانقلاب’ جعل منها المركز الأول للسلطة”.
ويرى مراقبون تونسيون أن قوى المعارضة حاولت بشكل واضح توظيف غياب الرئيس لزيادة إرباك المشهد العام. ويعتبر المراقبون أن ظهور الرئيس من شأنه أن يشكل إحراجا كبيرا للمعارضة ويزيد من إضعاف مصداقيتها أمام الشارع التونسي.
وأذنت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية في تونس الاثنين بـ”إجراء تتبعات جزائية، ضد كل الأشخاص والصفحات التي تقف وراء نشر الأخبار الزائفة التي من شأنها الإضرار بسلامة الأمن العام للبلاد واتخاذ جميع الإجراءات القانونية اللازمة ضدهم”، في إشارة إلى دواعي غياب الرئيس التونسي.
وأوضح مكتب الإعلام والاتصال بالمحكمة الابتدائية في بلاغ له أنّ هذا الإجراء “تم اتخاذه تبعا لما يتم تداوله من إشاعات على مواقع التواصل الاجتماعي التي من شأنها المس والإضرار بسلامة الأمن العام للبلاد واستقراره وأن تتسبب في بث الفتنة والحضّ على إحداث الفوضى والاضطرابات”.
كما أكّد البلاغ أنه “تم الإذن بإجراء الأبحاث الجزائية، في شأن كل الجهات والأشخاص التي تقف وراء ذلك، سواء داخل البلاد التونسية أو خارجها وتتبع كل من سيكشف عنه البحث”.