كريتر نت – متابعات
عرضت الحكومة البريطانية الأربعاء ميزانية تأمل أن تحث الآلاف من البريطانيين على العودة إلى سوق العمل في مواجهة نقص العمالة، مع تنظيم يوم آخر من الإضرابات الضخمة في ظل أزمة غلاء المعيشة.
وتحاول الحكومة إخراج الاقتصاد من أسر الحرب في شرق أوروبا الذي شل نشاط الأعمال، وجعل الناس يمرون بأسوأ وضع معيشي منذ عقود.
وأعلن وزير المالية جيريمي هانت عن إجراءات لتحفيز الاستثمار، سعيا لتخفيف الضربة الناجمة عن زيادة ضريبة الشركات ونهاية التخفيض الضريبي السخي على الإنفاق الرأسمالي، فضلا عن تقديم ائتمانات لتشجيع البحث.
وقال في خطاب أمام البرلمان إن “الشركات ستكون قادرة على تعويض 100 في المئة من نفقاتها الرأسمالية مقابل الأرباح، في بديل أقل سخاء للخصم الفائق منتهي الصلاحية”.
وأضاف “إذا سمح للخصم الفائق بالانتهاء دون بديل، لكنا قد هبطنا على جدول الترتيب الدولي للتنافسية الضريبية وأضر بالنمو”.
وأوضح هانت أن “المصروفات الكاملة” ستستمر لمدة ثلاث سنوات، وكان ينوي جعلها دائمة، وسط تزايد اعتقاد المحللين بأنها ستزيد الاستثمار بنسبة 3 في المئة سنويا.
وسيحل محل الخصم الفائق، وهو مخطط لمدة عامين قدمه ريشي سوناك في العام 2021 عندما كان وزيرا للمالية، يتيح إعفاءات ضريبية تصل إلى 130 في المئة على المعدات.
ويأتي الحافز في الوقت الذي تواجه فيه الشركات قفزة في ضريبة الشركات من 19 إلى 25 في المئة خلال أبريل المقبل، وهو إجراء عارضه قادة الأعمال وبعض المشرعين المحافظين.
وقال هانت إن “الإعفاء الضريبي الكامل على المصروفات يساوي 9 مليارات إسترليني في المتوسط سنويا”.
واعتبر مستثمرون أن الخصم الفائق مكّن بريطانيا من خفض فاتورة ضريبية تتراوح بين 400 و500 مليون إسترليني في العام الحالي إلى حوالي 50 مليون إسترليني، وأن الإجراء الجديد قد يسمح لها بتعويض الاستثمار مرة أخرى العام المقبل.
ومع ذلك، قال بول جونسون من معهد الدراسات المالية “أي.أف.أس” إن “ضمان المصروفات الكاملة لمدة ثلاث سنوات فقط يجعل من الصعب على الشركات أن يكون لديها اليقين في الاستثمار”.
وأوضح في تصريحات لمحطة بي.بي.سي أن “الطريقة التي تم العبث بها للتو على أساس سنوي هي في الواقع أكثر ضررا من المستوى العام”.
وفي محاولة لتحريك الأعمال، أعطى هانت الشركات الصغيرة التي تعتمد على البحث المكثف، مثل تلك الموجودة في علوم الحياة والتكنولوجيا الحيوية، دفعة إضافية.
وأعلن أن إذا كان 40 في المئة أو أكثر من إجمالي إنفاقهم على البحث والتطوير، فسيكون بإمكانهم المطالبة بائتمان بقيمة 27 جنيها إسترلينيا لكل 100 جنيه. وقال إن هذا سيساعد 20 ألف “شركة متطورة” على تحويل بريطانيا إلى “قوة علمية عظمى”.
وزير المالية البريطاني وعد بوضع حد لتعرفة الطاقة المرتفعة التي تدفعها أكثر من 4 ملايين أسرة متواضعة الحال
وقال ستيف بيتس، الرئيس التنفيذي لرابطة الصناعة الحيوية في المملكة المتحدة، وهي مجموعة صناعية، إن “هذا سيساعد بريطانيا على تطوير أدوية جديدة”.
وأضاف “يركز هانت عن حق على دعم دافعي الضرائب لتمكين رواد الأعمال في مجال علوم الحياة من حشد المزيد من الاستثمارات الخاصة، والمساعدة في إبقاء البلد في طليعة العلوم الدولية، وخلق وظائف جديدة ذات قيمة عالية”.
واستجابة للمطالب الملحة للبريطانيين الذين يعانون من تراجع قوتهم الشرائية جراء التضخم الذي يزيد عن 10 في المئة، أعلنت الحكومة قبل إعلان هانت ميزانيته تمديد سقف أسعار الطاقة للأسر لثلاثة أشهر اعتبارا من الأول من أبريل.
وجادلت الحكومة بأن هذا الإجراء الذي سيكلف الخزينة 4 مليارات إسترليني، من شأنه أن يسمح لأسرة بريطانية متوسطة بتوفير 160 إسترلينيا.
في المقابل، لن يتلقى البريطانيون 400 إسترليني كمساعدات طاقة أخرى لكل أسرة في أبريل دُفعت على فترات متقطعة بين أكتوبر 2022 ومارس الحالي.
وتطرق هانت في خطابه إلى تكلفة المعيشة، ووعد خصوصا بوضع حد لتعرفة الطاقة المرتفعة التي تدفعها أكثر من 4 ملايين أسرة متواضعة الحال. وقال “إنّ إجراءات مواجهة غلاء المعيشة ستبلغ 94 مليار إسترليني في العامين الحالي والمقبل”.
وفي يوم من الإضرابات يشارك فيه مئات الآلاف من المدرسين وسائقي قطارات أنفاق لندن وأطباء، يمكن أن تطرح مسألة زيادة رواتب موظفي الخدمة المدنية أيضا في الميزانية.
وقالت وزارة الخزانة إن لتحفيز سوق العمل في مواجهة نقص العمالة، “سيركز الدعم على الأشخاص ذوي الإعاقة وأولئك الذين يعانون من أمراض طويلة الأمد، والآباء والأمهات والأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 50 عاما، والأشخاص ذوي الدخل الأدنى”.
وتبلغ نسبة غير النشطين اقتصاديا أو من لا يعملون 21.3 في المئة وفقا لأحدث الأرقام، وهو أعلى مما كان عليه قبل الوباء ويؤثر على الاقتصاد، لاسيما وإنه يضاف إلى صعوبة توظيف عاملين أوروبيين بعد البريكست. وفي المجموع ثمة 1.1 مليون وظيفة شاغرة.
واختار الآلاف من الأشخاص فوق سن الخمسين التقاعد المبكر، وثمة عدد قياسي من البريطانيين الذين لا يعملون بسبب الأمراض طويلة الأمد، وهي إحدى عواقب الجائحة ونقص تمويل خدمات الصحة العامة.
ومع أن توقعات النمو غير مشجعة كثيرا، وفقا لصندوق النقد الدولي، الذي يرى أن بريطانيا ستكون هذا العام الاقتصاد الرئيسي الوحيد الذي يعاني من الركود، إلا أن هانت أكد أن بلاده ستتجنّب ذلك هذا العام، بالاعتماد على مؤشرات أفضل من المتوقع.
وتجنب الاقتصاد البريطاني الركود العام الماضي وانتعش النمو إلى 0.3 في المئة في يناير 2023، وبالإضافة إلى ذلك اقترضت لندن 30 مليار إسترليني أقل من المتوقع بشكل تراكمي خلال السنة المالية الحالية.
كذلك يتوقع أن يعلن وزير المال عزمه على إنشاء 12 “منطقة استثمارية” مصحوبة بحوافز ضريبية، تقع خصوصا في شمال إنجلترا ووسطها.