كريتر نت – متابعات
“خط الغاز العربي” الذي يتطلع لبنان لأن يحل أزمته الحادة في الطاقة قد لا يكون عربياً بالكامل، وقد ينتهي الأمر إلى أن شوارع بيروت التي يصفها كثير من اللبنانيين بعاصمة المقاومة قد تضاء بالغاز الإسرائيلي.
وأعاد اتفاق رباعي، الحياة لقرب ضخ الغاز المصري إلى لبنان بواسطة أنابيب تمر بالأردن وسوريا عبر “خط الغاز العربي”، بعد 11 عاماً على توقفه، والأمل للبنانيين لإعادة إنارة مرافق البلاد 24 ساعة يومياً.
إحياء خط الغاز العربي فكرة أمريكية رداً على تهديد من نصر الله
ولكن صفقة الغاز العربي تحمل كل غرائب السياسة في الشرق الأوسط.
فالمفارقة أن الإعلان عن خطط إحياء خط الغاز العربي جاء من قبل السفيرة الأمريكية في لبنان، دوروثي شيا التي قالت في حديث متلفز يوم الخميس 19 أغسطس/آب 2021 إن هناك اتصالات مع البنك الدولي ومصر والأردن لحل أزمة الطاقة في لبنان، مؤكدة أن “خطة حل الطاقة تُبحث منذ عدة أسابيع مع جهات دولية وإقليمية عديدة كرد على السفينة الإيرانية”.
وجاء ذلك على ما يبدو رداً على إعلان الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، عن انطلاق سفن إيرانية محملة بالمحروقات إلى لبنان الذي يعاني من أزمة مالية واقتصادية غير مسبوقة فاقمت أزمة الطاقة التي تعاني منها البلاد منذ سنوات وأدت إلى حالات إظلام شبه كامل للبلاد المفلسة.
وقبل عدة أشهر تلقى الرئيس اللبناني ميشال عون اتصالاً هاتفياً من السفيرة شيا أبلغته فيه أنّها تلقّت قراراً من إدارة بلدها بمساعدة لبنان لاستجرار الطاقة الكهربائيّة من الأردن عبر سوريا، وذلك عبر تسهيل نقل الغاز المصري إلى طرابلس شمالي لبنان، وذلك عن طريق توفير كميات من الغاز المصري إلى الأردن تمكّنه من إنتاج كميات إضافية من الكهرباء لوضعها على الشبكة التي تربط الأردن بلبنان عبر سوريا.
ولا يعرف هل هدف واشنطن من المشروع منع لبنان من الارتماء في الحضن الإيراني بعد صفقات الوقود القادمة من طهران أم بداية لسماح أمريكا بتطبيع عربي مع نظام الأسد، فآنذاك قال مصدر دبلوماسي عربي مطلع لـ”عربي بوست” إن “موافقة واشنطن جلب الكهرباء التي سينتجها الأردن من الغاز المصري عبر سوريا إلى لبنان، خطوة من شأنها التخفيف من تبعات قانون قيصر المفروضة على النظام السوري”.
تاريخ خط الغاز العربي
مشروع خط الغاز العربي، مضى عليه أكثر من عقدين كان من المفترض خلالهما أن يُنقل الغازُ المصري إلى الأردن وسوريا ولبنان، وفي مرحلة لاحقة إلى تركيا، ومنها إلى أوروبا، في شبكة يصل طولها إلى 1200 كيلومتر.
فلقد تم الاتفاق على إنشاء خط الغاز العربي في عام 2000، من أجل تصدير الغاز الطبيعي المصري إلى دول المشرق العربي ومنها إلى أوروبا، وذلك على مراحل عدة.
كان يفترض أن يبدأ مسار خط الغاز العربي من مصر، إسرائيل، الأردن، سوريا، لبنان، والنهاية في تركيا. أما اتجاهاته التفصيلية فكانت من العريش عبر العقبة، عمّان، الرحاب، دير علي، دمشق، بانياس، إلى حلب ومنها الخط المقترح لتركيا وهناك خط فرعي آخر من حمص السورية، إلى طرابلس لبنان.
وتدرج إنشاء مشروع خط الغاز العربي على مراحل، الأولى بين العريش المصرية والعقبة الأردنية تم إنجازها في يوليو/تموز 2003، بطول 265 كيلومتراً، وبسعة 350 مليار قدم مكعبة يومياً.
صورة
خريطةمشروع خط الغاز العربي
بينما المرحلة الثانية من العقبة جنوب الأردن إلى شمالها قرب الحدود مع سوريا، أنجزت في 2005، بطول يزيد عن 390 كيلومتراً.
أما المرحلة الثالثة من الأردن إلى دير علي قرب دمشق، بطول 324 كيلومتراً، ومنها إلى حمص وسط سوريا؛ وقد تم إنجازها عام 2008، وكانت مصر تضخ عبرها 90 مليون قدم مكعبة يومياً من الغاز إلى سوريا.
والمرحلة الرابعة كان من المفترض أن تصل بين حمص وشبكة الأنابيب التركية، لإيصال الغاز المصري إلى أوروبا، لكن المشروع تعثر، وأنجزت منه فقط الوصلة بين حلب وتركيا بطول 15 كيلومتراً.
وبالتوازي، تم إنشاء وصلتين، إحداهما بين حمص وبانياس داخل سوريا، والأخرى بين حمص والبداوي شمال لبنان.
الوصلة مع لبنان أنجزت عام 2009، وبدأت بضخ 28 مليون قدم مكعبة من الغاز يومياً لتشغيل أحد معملي الكهرباء في لبنان، من خلال عملية مقاصة مع سوريا.
لماذا توقف المشروع؟ سياسة وحرب وجيولوجيا
تقلبات الظروف السياسية والأمنية أوقفت الخط إضافة إلى تأرجح مستويات إنتاج الغاز في مصر.
فلقد تعطل المشروع قبل 11 عاماً، حيث تم تفجير خط الغاز العربي في سوريا 14 مرة بعد عام 2011.
وفي مارس/آذار 2012، توقفت إمدادات الغاز المصري لإسرائيل وللأردن بسبب 13 تفجيراً منفصلاً للأنبوب المغذي التابع لجاسكو إلى العريش منذ قيام الثورة المصرية 2011، والتي قام بها بدو سيناء الذين يشكون الإهمال والتمييز من الحكومة المركزية في القاهرة. وبحلول ربيع 2013 استأنف خط الأنابيب ضخ الغاز، إلا أنه بسبب النضوب المفاجئ لحقول الغاز المصرية، فقد تم تعليق إمدادات الغاز المصري لإسرائيل بينما استمرت الإمدادات للأردن بمعدل أقل كثيراً من المعدلات المتعاقد عليها.
اجتماع وزاري بين الدول المعنية في الأردن
لكن خط الغاز العربي يعود اليوم إلى صدارة الأحداث مع الإعلان عن إحياء اتفاق قديم لتزويد لبنان بالغاز المصري عبر هذا الخط.
وتم إطلاق مشروع صيانة خط الغاز العربي في طرابلس اللبنانية (شمال)، والذي تنفذه شركة “تي جي إس” المصرية في 28 ديسمبر/كانون أول الماضي.